للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَا يَشْعُرُ بِهَا أَكْثَرُ مِنْ احْتِمَالِ ذَلِكَ فِي نَوْمِ النَّهَارِ. قَالَ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ الْأَثْرَمِ: الْحَدِيثُ فِي الْمَبِيتِ بِاللَّيْلِ، فَأَمَّا النَّهَارُ فَلَا بَأْسَ بِهِ.

[فَصْل غَمَسَ يَدَهُ فِي الْإِنَاءِ قَبْلَ غَسْلِهَا]

(١٢٢) فَصْلٌ: فَإِنْ غَمَسَ يَدَهُ فِي الْإِنَاءِ قَبْلَ غَسْلِهَا، فَعَلَى قَوْلِ مَنْ لَمْ يُوجِبْ غَسْلَهَا، لَا يُؤَثِّرُ غَمْسُهَا شَيْئًا، وَمَنْ أَوْجَبَهُ قَالَ: إنْ كَانَ الْمَاءُ كَثِيرًا يَدْفَعُ النَّجَاسَةَ عَنْ نَفْسِهِ، لَمْ يُؤَثِّرْ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ يَدْفَعُ الْخُبْثَ عَنْ نَفْسِهِ، وَإِنْ كَانَ يَسِيرًا، فَقَالَ أَحْمَدُ: أَعْجَبُ إلَيَّ أَنْ يُهْرِيقَ الْمَاءَ، فَيَحْتَمِلُ أَنْ تَجِبَ إرَاقَتُهُ، وَهُوَ قَوْلُ الْحَسَنِ لِأَنَّ النَّهْيَ عَنْ غَمْسِ الْيَدِ فِيهِ يَدُلُّ عَلَى تَأْثِيرِهِ فِيهِ، وَقَدْ رَوَى أَبُو حَفْصٍ عُمَرُ بْنُ الْمُسْلِمِ الْعُكْبَرِيُّ فِي الْخَبَرِ زِيَادَةً عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «فَإِنْ أَدْخَلَهَا قَبْلَ الْغَسْلِ أَرَاقَ الْمَاءَ» .

وَيَحْتَمِلُ أَنْ لَا تَزُولَ طُهُورِيَّتُهُ وَلَا تَجِبَ إرَاقَتُهُ؛ لِأَنَّ طُهُورِيَّةَ الْمَاءِ كَانَتْ ثَابِتَةً بِيَقِينٍ، وَالْغَمْسُ الْمُحَرَّمُ لَا يَقْتَضِي إبْطَالَ طُهُورِيَّةَ الْمَاءِ؛ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ لِوَهْمِ النَّجَاسَةِ، فَالْوَهْمُ لَا يَزُولُ بِهِ يَقِينُ الطُّهُورِيَّةِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُزِلْ يَقِينَ الطَّهَارَةِ، فَكَذَلِكَ لَا يُزِيلُ الطُّهُورِيَّةَ، فَإِنَّنَا لَمْ نَحْكُمْ بِنَجَاسَةِ الْيَدِ وَلَا الْمَاءِ؛ وَلِأَنَّ الْيَقِينَ لَا يَزُولُ بِالشَّكِّ فَبِالْوَهْمِ أَوْلَى، وَإِنْ كَانَ تَعَبُّدًا فَنَقْتَصِرُ عَلَى مُقْتَضَى الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ، وَهُوَ وُجُوبُ الْغَسْلِ وَتَحْرِيمُ الْغَمْسِ، وَلَا يُعَدَّى إلَى غَيْرِ ذَلِكَ، وَلَا يَصِحُّ قِيَاسُهُ عَلَى رَفْعِ الْحَدَثِ؛ لِأَنَّ هَذَا لَيْسَ بِحَدَثٍ؛ وَلِأَنَّ مِنْ شَرْطِ تَأْثِيرِ غَمْسِ الْمُحْدِثِ أَنْ يَنْوِيَ رَفْعَ الْحَدَثِ، وَلَا فَرْقَ هَاهُنَا بَيْنَ أَنْ يَنْوِيَ أَوْ لَا يَنْوِيَ. وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: إنْ غَمَسَ يَدَهُ فِي الْمَاءِ قَبْلَ غَسْلِهَا، فَهَلْ تَبْطُلُ طُهُورِيَّتُهُ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ.

[فَصْل حَدُّ الْيَدِ الْمَأْمُورِ بِغَسْلِهَا]

(١٢٣) فَصْلٌ: وَحَدُّ الْيَدِ الْمَأْمُورِ بِغَسْلِهَا مِنْ الْكُوعِ؛ لِأَنَّ الْيَدَ الْمُطْلَقَةَ فِي الشَّرْعِ تَتَنَاوَلُ ذَلِكَ، بِدَلِيلِ قَوْله تَعَالَى {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} [المائدة: ٣٨] وَإِنَّمَا تُقْطَعُ يَدُ السَّارِقِ مِنْ مَفْصِلِ الْكُوعِ، وَكَذَلِكَ فِي التَّيَمُّمُ يَكُونُ فِي الْيَدَيْنِ إلَى الْكُوعِ، وَالدِّيَةُ الْوَاجِبَةُ فِي الْيَدِ تَجِبُ عَلَى مَنْ قَطَعَهَا مِنْ مَفْصِلِ الْكُوعِ. وَغَمْسُ بَعْضِهَا، وَلَوْ أُصْبُعٍ أَوْ ظُفْرٍ مِنْهَا، كَغَمْسِ جَمِيعِهَا فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ؛ لِأَنَّ مَا تَعَلَّقَ الْمَنْعُ بِجَمِيعِهِ تَعَلَّقَ بِبَعْضِهِ، كَالْحَدَثِ وَالنَّجَاسَةِ. وَالثَّانِي لَا يَمْنَعُ، وَهُوَ قَوْلُ الْحَسَنِ لِأَنَّ النَّهْيَ تَنَاوَلَ غَمْسَ جَمِيعِهَا، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِ الشَّيْءِ مَانِعًا كَوْنُ بَعْضِهِ مَانِعًا، كَمَا لَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِ الشَّيْءِ سَبَبًا كَوْنُ بَعْضِهِ سَبَبًا، وَغَمْسُهَا بَعْدَ غَسْلِهَا دُونَ الثَّلَاثِ كَغَمْسِهَا قَبْلَ غَسْلِهَا؛ لِأَنَّ النَّهْيَ لَا يَزُولُ حَتَّى يَغْسِلَهَا ثَلَاثًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>