للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلَى الْحَاكِمِ، لِيُعَرِّفهَا، ثُمَّ يَدْفَعَهَا إلَى سَيِّدِهِ بِشَرْطِ الضَّمَانِ. فَإِنْ أَعْلَمَ سَيِّدَهُ بِهَا، فَلَمْ يَأْخُذْهَا مِنْهُ، أَوْ أَخَذَهَا فَعَرَّفَهَا وَأَدَّى الْأَمَانَةَ فِيهَا فَتَلِفَتْ فِي الْحَوْلِ الْأَوَّلِ بِغَيْرِ تَفْرِيطَهُ، فَلَا ضَمَانَ فِيهَا؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَتْلَفْ بِتَفْرِيطٍ مِنْ أَحَدِهِمَا، وَإِنْ لَمْ يُؤَدِّ الْأَمَانَةَ فِيهَا، وَجَبَ ضَمَانُهَا، وَيَتَعَلَّقُ الضَّمَانُ بِرَقَبَةِ الْعَبْدِ وَذِمَّةِ السَّيِّدِ جَمِيعًا؛ لِأَنَّ التَّفْرِيطَ حَصَلَ مِنْهُمَا جَمِيعًا.

[فَصْلٌ الْمَكَاتِب كَالْحُرِّ فِي اللُّقَطَةِ]

(٤٥٣٩) فَصْلٌ: وَالْمُكَاتَبُ كَالْحُرِّ فِي اللُّقَطَةِ؛ لِأَنَّ الْمَالَ لَهُ فِي الْحَالِ، وَأَكْسَابُهُ لَهُ دُونَ سَيِّدِهِ، وَاللُّقَطَةُ مِنْ أَكْسَابِهِ، فَإِنْ عَجَزَ عَادَ عَبْدًا، وَصَارَ حُكْمُهُ فِي اللُّقَطَةِ حُكْمَ الْعَبْدِ، عَلَى مَا مَرَّ بَيَانُهُ. وَأُمُّ الْوَلَدِ، وَالْمُعَلَّقُ عِتْقُهُ بِصِفَةٍ، وَالْمُدَبَّرُ كَالْقِنِّ. وَمَنْ نِصْفُهُ حُرٌّ إذَا الْتَقَطَ شَيْئًا، وَلَمْ يَكُنْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ سَيِّدِهِ مُهَايَأَةٌ، فَهُوَ بَيْنَهُمَا بَعْدَ التَّعْرِيفِ نِصْفَيْنِ، كَسَائِرِ أَكْسَابِهِ، وَهِيَ بَيْنَهُمَا فِي حَوْلِ التَّعْرِيفِ كَالْحُرَّيْنِ إذَا الْتَقَطَا لُقَطَةً، وَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا مُهَايَأَةٌ، فَفِيهَا وَجْهَانِ أَحَدُهُمَا لَا تَدْخُلُ فِي الْمُهَايَأَةِ؛ لِأَنَّهَا كَسْبٌ نَادِرٌ، لَا يُعْلَمُ وُجُودُهُ وَلَا يُظَنُّ، فَلَمْ تَدْخُلْ فِي الْمُهَايَأَةِ، وَتَكُونُ بَيْنَهُمَا

وَالثَّانِي: تَدْخُلُ فِي الْمُهَايَأَةِ؛ لِأَنَّهَا مِنْ كَسْبِهِ، فَأَشْبَهَتْ سَائِرَ أَكْسَابِهِ، فَإِنْ وَجَدَهَا فِي يَوْمِهِ فَهِيَ لَهُ، وَإِنْ وَجَدَهَا فِي يَوْمِ سَيِّدِهِ فَهِيَ لَهُ، وَإِنْ كَانَ الْعَبْدُ مُشْتَرَكًا بَيْنَ اثْنَيْنِ، فَلُقَطَتُهُ بَيْنَهُمَا، عَلَى مَا ذَكَرْنَا فِي مَنْ بَعْضُهُ حُرٌّ وَبَعْضُهُ رَقِيقٌ.

[فَصْلٌ الذِّمِّيُّ فِي الِالْتِقَاطِ كَالْمُسْلِمِ]

(٤٥٤٠) فَصْلٌ: وَالذِّمِّيُّ فِي الِالْتِقَاطِ كَالْمُسْلِمِ. وَمِنْ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ مَنْ قَالَ: لَيْسَ لَهُ الِالْتِقَاطُ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْأَمَانَةِ. وَلَنَا أَنَّهَا نَوْعُ اكْتِسَابٍ، فَكَانَ مِنْ أَهْلِهَا، كَالْحَشِّ وَالِاحْتِطَابِ. وَمَا ذَكَرُوهُ يَبْطُلُ بِالصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ، فَإِنَّهُ يَصِحُّ الْتِقَاطُهُمَا، مَعَ عَدَمِ الْأَمَانَةِ. إذَا ثَبَتَ هَذَا، فَإِنَّهُ إنْ عَرَّفَ اللُّقَطَةَ حَوْلًا كَامِلًا، مَلَكَهَا كَالْمُسْلِمِ، وَإِنْ عَلِمَ بِهَا الْحَاكِمُ أَوْ السُّلْطَانُ، أَقَرَّهَا فِي يَدِهِ.

وَضَمَّ إلَيْهِ مُشْرِفًا عَدْلًا يُشْرِفُ عَلَيْهِ، وَيُعَرِّفُهَا؛ لِأَنَّنَا لَا نَأْمَنُ الْكَافِرَ عَلَى تَعْرِيفِهَا، وَلَا نَأْمَنُهُ أَنْ يُخِلَّ فِي التَّعْرِيفِ بِشَيْءٍ مِنْ الْوَاجِبِ عَلَيْهِ فِيهِ، وَأَجْرُ الْمُشْرِفِ عَلَيْهِ، فَإِذَا تَمَّ حَوْلُ التَّعْرِيفِ مَلَكَهَا الْمُلْتَقِطُ. وَيَحْتَمِلُ أَنْ تُنْزَعَ مِنْ يَدِ الذِّمِّيِّ، وَتُوضَعَ عَلَى يَدِ عَدْلٍ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَأْمُونٍ عَلَيْهَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>