للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فَصْلٌ اُجْتُمِعَ أَخ مِنْ الْأَبَوَيْنِ وَأَخ مِنْ أَب فِي الصَّلَاة عَلَى الْمَيِّت]

(١٥٥٢) فَصْلٌ: فَإِنْ اجْتَمَعَ أَخٌ مِنْ الْأَبَوَيْنِ، وَأَخٌ مِنْ أَبٍ فَفِي تَقْدِيمِ الْأَخِ مِنْ الْأَبَوَيْنِ، أَوْ التَّسْوِيَةِ، وَجْهَانِ، أَخْذًا مِنْ الرِّوَايَتَيْنِ فِي وِلَايَةِ النِّكَاحِ، وَالْحُكْمُ فِي أَوْلَادِهِمَا، وَفِي الْأَعْمَامِ وَأَوْلَادِهِمْ، كَالْحُكْمِ فِيهِمَا سَوَاءٌ. فَإِنْ انْقَرَضَ الْعَصَبَةُ مِنْ النَّسَبِ فَالْمَوْلَى الْمُنْعِمُ، ثُمَّ أَقْرَبُ عَصَبَاتِهِ، ثُمَّ الرَّجُلُ مِنْ ذَوِي أَرْحَامِهِ، الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ، ثُمَّ الْأَجَانِبُ

[فَصْل اسْتَوَى وَلِيَّانِ فِي دَرَجَة وَاحِدَة فِي الصَّلَاة عَلَى الْمَيِّت]

(١٥٥٣) فَصْلٌ: فَإِنْ اسْتَوَى وَلِيَّانِ فِي دَرَجَةٍ وَاحِدَةٍ فَأَوْلَاهُمَا أَحَقُّهُمَا بِالْإِمَامَةِ فِي الْمَكْتُوبَاتِ لِعُمُومِ قَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «يَؤُمُّ الْقَوْمَ أَقْرَؤُهُمْ لِكِتَابِ اللَّهِ» قَالَ الْقَاضِي: وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُقَدَّمَ لَهُ الْأَسَنُّ؛ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ إلَى إجَابَةِ الدُّعَاءِ، وَأَعْظَمُ عِنْدَ اللَّهِ قَدْرًا. وَهَذَا ظَاهِرُ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ.

وَالْأَوَّلُ أَوْلَى، وَفَضِيلَةُ السِّنِّ مُعَارَضَةٌ بِفَضِيلَةِ الْعِلْمِ، وَقَدْ رَجَّحَهَا الشَّارِعُ فِي سَائِرِ الصَّلَوَاتِ، مَعَ أَنَّهُ يُقْصَدُ فِيهَا إجَابَةُ الدُّعَاءِ وَالْحَظُّ لِلْمَأْمُومِينَ، وَقَدْ رُوِيَ عَنْهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَنَّهُ قَالَ: «أَئِمَّتُكُمْ شُفَعَاؤُكُمْ» وَلَا نُسَلِّمُ أَنَّ الْأَسَنَّ الْجَاهِلَ أَعْظَمُ قَدْرًا مِنْ الْعَالِمِ، وَلَا أَقْرَبُ إجَابَةً فَإِنْ اسْتَوَوْا وَتَشَاحُّوا، أُقْرِعَ بَيْنَهُمْ، كَمَا فِي سَائِرِ الصَّلَوَاتِ

[فَصْلٌ وَمِنْ قَدِمَهُ الْوَلِيّ فَهُوَ بِمَنْزِلَتِهِ فِي الصَّلَاة عَلَى الْمَيِّت]

(١٥٥٤) فَصْلٌ: وَمَنْ قَدَّمَهُ الْوَلِيُّ فَهُوَ بِمَنْزِلَتِهِ؛ لِأَنَّهَا وِلَايَةٌ تَثْبُتُ لَهُ، فَكَانَتْ لَهُ الِاسْتِنَابَةُ فِيهَا، وَيُقَدَّمُ نَائِبُهُ فِيهَا عَلَى غَيْرِهِ، كَوِلَايَةِ النِّكَاحِ.

[فَصْلٌ الْحُرّ الْبَعِيد أَوْلَى مِنْ الْعَبْد الْقَرِيب فِي الصَّلَاة عَلَى الْمَيِّت]

(١٥٥٥) فَصْلٌ: وَالْحُرُّ الْبَعِيدُ أَوْلَى مِنْ الْعَبْدِ الْقَرِيبِ لِأَنَّ الْعَبْدَ لَا وِلَايَة لَهُ، وَلِهَذَا لَا يَلِي فِي النِّكَاحِ وَلَا الْمَالِ فَإِنْ اجْتَمَعَ صَبِيٌّ وَمَمْلُوكٌ وَنِسَاءٌ فَالْمَمْلُوكُ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ تَصِحُّ إمَامَتُهُ بِهِمَا. فَإِنْ لَمْ يَكُنْ إلَّا نِسَاءٌ وَصِبْيَانٌ، فَقِيَاسُ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ أَنْ يَؤُمَّ أَحَدُ الْجِنْسَيْنِ الْآخَرَ، وَيُصَلِّي كُلُّ نَوْعٍ لَأَنْفُسِهِمْ وَإِمَامُهُمْ مِنْهُمْ، وَيُصَلِّي النِّسَاءُ جَمَاعَةً إمَامَتُهُنَّ فِي وَسَطِهِنَّ نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: يُصَلِّينَ مُفْرَدَاتٍ، لَا يَسْبِقُ بَعْضُهُنَّ بَعْضًا، وَإِنْ صَلَّيْنَ جَمَاعَةً جَازَ.

وَلَنَا، أَنَّهُنَّ مِنْ أَهْلِ الْجَمَاعَةِ، فَيُصَلِّينَ جَمَاعَةً كَالرِّجَالِ، وَمَا ذَكَرُوهُ مِنْ كَوْنِهِنَّ مُنْفَرِدَاتٍ، لَا يَسْبِقُ بَعْضُهُنَّ بَعْضًا، تَحَكُّمٌ لَا يُصَارُ إلَيْهِ إلَّا بِنَصٍّ أَوْ إجْمَاعٍ، وَقَدْ صَلَّى أَزْوَاجُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>