للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فَصْلٌ غَصْب دِينَارًا فَوَقَعَ فِي مِحْبَرَتِهِ أَوْ أَخَذَ دِينَارَ غَيْرِهِ]

(٣٩٨٧) فَصْلٌ: وَإِنْ غَصَبَ دِينَارًا، فَوَقَعَ فِي مِحْبَرَتِهِ، أَوْ أَخَذَ دِينَارَ غَيْرِهِ، فَسَهَا فَوَقَعَ فِي مِحْبَرَتِهِ، كُسِرَتْ، وَرُدَّ الدِّينَارُ، كَمَا يُنْقَضُ الْبِنَاءُ لِرَدِّ السَّاجَةِ، وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ دِرْهَمًا أَوْ أَقَلَّ مِنْهُ، وَإِنْ وَقَعَ مِنْ غَيْرِ فِعْلِهِ، كُسِرَتْ لِرَدِّ الدِّينَارِ إنْ أَحَبَّ صَاحِبُهُ، وَالضَّمَانُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لِتَخْلِيصِ مَالِهِ.

وَإِنْ غَصَبَ دِينَارًا، فَوَقَعَ فِي مِحْبَرَةِ آخَرَ بِفِعْلِ الْغَاصِبِ أَوْ بِغَيْرِ فِعْلِهِ، كُسِرَتْ لِرَدِّهِ، وَعَلَى الْغَاصِبِ ضَمَانُ الْمِحْبَرَةِ؛ لِأَنَّهُ السَّبَبُ فِي كَسْرِهَا. وَإِنْ كَانَ كَسْرُهَا أَكْثَرَ ضَرَرًا مِنْ تَبْقِيَةِ الْوَاقِعِ فِيهَا، ضَمِنَهُ الْغَاصِبُ، وَلَمْ تُكْسَرْ.

وَإِنْ رَمَى إنْسَانٌ دِينَارَهُ فِي مِحْبَرَةِ غَيْرِهِ عُدْوَانًا، فَأَبَى صَاحِبُ الْمِحْبَرَةِ كَسْرَهَا، لَمْ يُجْبَرْ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ صَاحِبَهُ تَعَدَّى بِرَمْيِهِ فِيهَا، فَلَمْ يُجْبَرْ صَاحِبُهَا عَلَى إتْلَافِ مَالِهِ لِإِزَالَةِ ضَرَرِ عُدْوَانِهِ عَنْ نَفْسِهِ، وَعَلَى الْغَاصِبِ نَقْصِ الْمِحْبَرَةِ بِوُقُوعِ الدِّينَارِ فِيهَا، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُجْبَرَ عَلَى كَسْرِهَا لِرَدِّ عَيْنِ مَالِ الْغَاصِبِ، وَيَضْمَنَ الْغَاصِبُ قِيمَتَهَا، كَمَا لَوْ غَرَسَ فِي أَرْضِ غَيْرِهِ، مَلَكَ حَفْرَ الْأَرْضِ بِغَيْرِ إذْنِ الْمَالِكِ لِأَخْذِ غَرْسِهِ، وَيَضْمَنُ نَقْصَهَا بِالْحَفْرِ. وَعَلَى كِلَا الْوَجْهَيْنِ، لَوْ كَسَرَهَا الْغَاصِبُ قَهْرًا، لَمْ يَلْزَمْهُ أَكْثَرُ مِنْ قِيمَتِهَا.

[فَصْلٌ غَصْب لَوْحًا فَرَقَعَ بِهِ سَفِينَةً]

(٣٩٨٨) فَصْلٌ: وَإِنْ غَصَبَ لَوْحًا، فَرَقَعَ بِهِ سَفِينَةً، فَإِنْ كَانَتْ عَلَى السَّاحِلِ، لَزِمَ قَلْعُهُ وَرَدُّهُ، وَإِنْ كَانَتْ فِي لُجَّةِ الْبَحْرِ، وَاللَّوْحُ فِي أَعْلَاهَا، بِحَيْثُ لَا تَغْرَقُ بِقَلْعِهِ، لَزِمَ قَلْعُهُ، وَإِنْ خِيفَ غَرَقُهَا بِقَلْعِهِ، لَمْ يُقْلَعْ حَتَّى تَخْرُجَ إلَى السَّاحِلِ، وَلِصَاحِبِ اللَّوْحِ طَلَبُ قِيمَتِهِ، فَإِذَا أَمْكَنَ رَدُّ اللَّوْحِ، اسْتَرْجَعَهُ وَرَدَّ الْقِيمَةَ، كَمَا لَوْ غَصَبَ عَبْدًا فَأَبَقَ.

وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: إنْ كَانَ فِيهَا حَيَوَانٌ لَهُ حُرْمَةٌ، أَوْ مَالٌ لِغَيْرِ الْغَاصِبِ، لَمْ يُقْلَعْ، كَالْخَيْطِ. وَإِنْ كَانَ فِيهَا مَالٌ لِلْغَاصِبِ، أَوْ لَا مَالَ فِيهَا، فَفِيهَا وَجْهَانِ؛ أَحَدُهُمَا، لَا يُقْلَعُ. وَالثَّانِي: يُقْلَعُ فِي الْحَالِ؛ لِأَنَّهُ أَمْكَنَ رَدُّ الْمَغْصُوبِ، فَلَزِمَ وَإِنْ أَدَّى إلَى تَلَفِ الْمَالِ، كَرَدِّ السَّاجَةِ الْمَبْنِيِّ عَلَيْهَا.

وَلِأَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ وَجْهَانِ كَهَذَيْنِ. وَلَنَا، أَنَّهُ أَمْكَنَ رَدُّ الْمَغْصُوبِ مِنْ غَيْرِ إتْلَافٍ، فَلَمْ يَجُزْ الْإِتْلَافُ، كَمَا لَوْ كَانَ فِيهَا مَالُ غَيْرِهِ. وَفَارَقَ السَّاجَةَ فِي الْبِنَاءِ، فَإِنَّهُ لَا يُمْكِنُ رَدُّهَا مِنْ غَيْرِ إتْلَافٍ.

[فَصْلٌ غَصْب شَيْئًا فَخَلَطَهُ بِمَا يُمْكِنُ تَمْيِيزُهُ مِنْهُ]

(٣٩٨٩) فَصْلٌ: وَإِذَا غَصَبَ شَيْئًا، فَخَلَطَهُ بِمَا يُمْكِنُ تَمْيِيزُهُ مِنْهُ، كَحِنْطَةِ بِشَعِيرٍ أَوْ سِمْسِمٍ، أَوْ صِغَارِ الْحَبِّ بِكِبَارِهِ، أَوْ زَبِيبٍ أَسْوَدَ بِأَحْمَرَ، لَزِمَهُ تَمْيِيزُهُ، وَرَدُّهُ، وَأَجْرُ الْمُمَيِّزِ عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ تَمْيِيزُ جَمِيعِهِ، وَجَبَ تَمْيِيزُهُ مَا أَمْكَنَ، وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ تَمْيِيزُهُ، فَهُوَ عَلَى خَمْسَةِ أَضْرُبٍ؛

<<  <  ج: ص:  >  >>