التِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ: حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ.
وَفِي لَفْظٍ: «مَنْ حَلَفَ فَاسْتَثْنَى، فَإِنْ شَاءَ فَعَلَ، وَإِنْ شَاءَ رَجَعَ غَيْرَ حِنْثٍ» . رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُد، وَالنَّسَائِيُّ.
وَإِنْ قَالَ: " أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ "، " وَوَاللَّهِ لَا أُكَلِّمُك إنْ شَاءَ اللَّهُ ". عَادَ الِاسْتِثْنَاءُ إلَيْهِمَا، فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ؛ لِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ إذَا تَعَقَّبَ جُمَلًا، عَادَ إلَى جَمِيعِهَا، إلَّا أَنْ يَنْوِيَ الِاسْتِثْنَاءَ فِي بَعْضِهَا، فَيَعُودَ إلَيْهِ وَحْدَهُ. وَإِنْ قَالَ: أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ إذَا شَاءَ اللَّهُ، أَوْ إلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ، أَوْ إلَى أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ، أَوْ مَا شَاءَ اللَّهُ. فَكُلُّهُ اسْتِثْنَاءٌ يَرْفَعُ حُكْمَ الظِّهَارِ. وَإِنْ قَالَ: إنْ شَاءَ اللَّهُ فَأَنْتِ حَرَامٌ. فَهُوَ اسْتِثْنَاءٌ يَرْفَعُ حُكْمَ الظِّهَارِ؛ لِأَنَّ الشَّرْطَ إذَا تَقَدَّمَ يُجَابُ بِالْفَاءِ. وَإِنْ قَالَ: إنْ شَاءَ اللَّهُ أَنْتِ حَرَامٌ. فَهُوَ اسْتِثْنَاءٌ؛ لِأَنَّ الْفَاءَ مُقَدَّرَةٌ. وَإِنْ قَالَ: إنْ شَاءَ اللَّهُ فَأَنْتِ حَرَامٌ. صَحَّ أَيْضًا، وَالْفَاءُ زَائِدَةٌ.
وَإِنْ قَالَ: أَنْتِ حَرَامٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ، وَشَاءَ زَيْدٌ. فَشَاءَ زَيْدٌ، لَمْ يَصِرْ مُظَاهِرًا؛ لِأَنَّهُ عَلَّقَهُ عَلَى مَشِيئَتَيْنِ، فَلَا يَحْصُلُ بِإِحْدَاهُمَا.
[مَسْأَلَةٌ قَالَ مَاتَ الْمُظَاهِرُ أَوْ مَاتَتْ أَوْ طَلَّقَهَا]
[الْفَصْل الْأَوَّل الْكَفَّارَةَ لَا تَجِبُ بِمُجَرَّدِ الظِّهَارِ]
(٦١٨٤) مَسْأَلَةٌ، قَالَ: فَإِنْ مَاتَ، أَوْ مَاتَتْ، أَوْ طَلَّقَهَا، لَمْ تَلْزَمْهُ الْكَفَّارَةُ. فَإِنْ عَادَ فَتَزَوَّجَهَا، لَمْ يَطَأْهَا حَتَّى يُكَفِّرَ؛ لِأَنَّ الْحِنْثَ بِالْعَوْدِ، وَهُوَ الْوَطْءُ؛ لِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ أَوْجَبَ الْكَفَّارَةَ عَلَى الْمُظَاهِرِ قَبْلَ الْحِنْثِ الْكَلَامُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي ثَلَاثَةِ فُصُولٍ: (٦١٨٥) أَحَدُهَا أَنَّ الْكَفَّارَةَ لَا تَجِبُ بِمُجَرَّدِ الظِّهَارِ أَحَدُهَا: أَنَّ الْكَفَّارَةَ لَا تَجِبُ بِمُجَرَّدِ الظِّهَارِ، فَلَوْ مَاتَ أَحَدُهُمَا أَوْ فَارَقَهَا قَبْلَ الْعَوْدِ، فَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ. وَهَذَا قَوْلُ عَطَاءٍ، وَالنَّخَعِيِّ، وَالْأَوْزَاعِيِّ، وَالْحَسَنِ وَالثَّوْرِيِّ، وَمَالِكٍ، وَأَبِي عُبَيْدٍ، وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ. وَقَالَ طَاوُسٌ، وَمُجَاهِدٌ، وَالشَّعْبِيُّ، وَالزُّهْرِيُّ، وَقَتَادَةُ: عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ بِمُجَرَّدِ الظِّهَارِ؛ لِأَنَّهُ سَبَبٌ لِلْكَفَّارَةِ وَقَدْ وُجِدَ، وَلِأَنَّ الْكَفَّارَةَ وَجَبَتْ لِقَوْلِ الْمُنْكَرِ وَالزُّورِ، وَهَذَا يَحْصُلُ بِمُجَرَّدِ الظِّهَارِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: مَتَى أَمْسَكَهَا بَعْدَ ظِهَارِهِ زَمَنًا يُمْكِنُهُ طَلَاقُهَا فِيهِ، فَلَمْ يُطَلِّقْهَا، فَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ. لِأَنَّ ذَلِكَ هُوَ الْعَوْدُ عِنْدَهُ.
وَلَنَا قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: {وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} [المجادلة: ٣] . فَأَوْجَبَ الْكَفَّارَةَ بِأَمْرَيْنِ، ظِهَارٍ وَعَوْدٍ، فَلَا تَثْبُتُ بِأَحَدِهِمَا، وَلِأَنَّ الْكَفَّارَةَ فِي الظِّهَارِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ بِغَيْرِ الْحِنْثِ، كَسَائِرِ الْأَيْمَانِ، وَالْحِنْثُ فِيهَا هُوَ الْعَوْدُ، وَذَلِكَ فِعْلُ مَا حَلَفَ عَلَى تَرْكِهِ وَهُوَ الْجِمَاعُ، وَتَرْكُ طَلَاقِهَا لَيْسَ بِحِنْثٍ فِيهَا، وَلَا فِعْلٍ لَا حَلَفَ عَلَى تَرْكِهِ، فَلَا تَجِبُ بِهِ الْكَفَّارَةُ، وَلِأَنَّهُ لَوْ كَانَ الْإِمْسَاكُ عَوْدًا، لَوَجَبَتْ الْكَفَّارَةُ عَلَى الْمُظَاهِرِ الْمُوَقِّتِ وَإِنْ بَرَّ. وَقَدْ نَصَّ الشَّافِعِيُّ عَلَى أَنَّهَا لَا تَجِبُ عَلَيْهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute