[فَصْلٌ لَمْ يَجِدْ الْمُصَلَّيْ سُتْرَةً]
(١٢١٠) فَصْلٌ: فَإِنْ لَمْ يَجِدْ سُتْرَةً خَطَّ خَطًّا، وَصَلَّى إلَيْهِ، وَقَامَ ذَلِكَ مَقَامَ السُّتْرَةِ، نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ. وَبِهِ قَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَأَنْكَرَ مَالِكٌ الْخَطَّ وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، وَأَبُو حَنِيفَةَ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ بِالْخَطِّ بِالْعِرَاقِ، وَقَالَ بِمِصْرَ: لَا يَخُطُّ الْمُصَلِّي خَطًّا، إلَّا أَنْ يَكُونَ فِيهِ سُنَّةٌ تُتَّبَعُ.
وَلَنَا، مَا رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «إذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ فَلْيَجْعَلْ تِلْقَاءَ وَجْهِهِ شَيْئًا، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَلْيَنْصِبْ عَصًا، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ مَعَهُ عَصًا فَلْيَخُطَّ خَطًّا، ثُمَّ لَا يَضُرُّهُ مَنْ مَرَّ أَمَامَهُ» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُد. وَسُنَّةُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْلَى أَنْ تُتَّبَعَ.
(١٢١١) فَصْلٌ: وَصِفَةُ الْخَطِّ مِثْلُ الْهِلَالِ. قَالَ أَبُو دَاوُد: سَمِعْت أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ يَقُولُ غَيْرَ مَرَّةٍ، وَسُئِلَ عَنْ الْخَطِّ فَقَالَ: هَكَذَا عَرْضًا مِثْلَ الْهِلَالِ. قَالَ: وَسَمِعْت مُسَدِّدًا، قَالَ: قَالَ ابْنُ دَاوُد: الْخَطُّ بِالطُّولِ. وَقَالَ فِي رِوَايَةِ الْأَثْرَمِ: قَالُوا: طُولًا، وَقَالُوا: عَرْضًا. وَقَالَ: أَمَّا أَنَا فَأَخْتَارُ هَذَا. وَدَوَّرَ بِإِصْبَعِهِ مِثْلَ الْقَنْطَرَةِ.
وَكَيْفَ مَا خَطَّهُ أَجْزَأَهُ، فَقَدْ نَقَلَ حَنْبَلٌ، أَنَّهُ قَالَ: إنْ شَاءَ مُعْتَرِضًا، وَإِنْ شَاءَ طُولًا، وَذَلِكَ لِأَنَّ الْحَدِيثَ مُطْلَقٌ فِي الْخَطِّ، فَكَيْفَ مَا أَتَى بِهِ فَقَدْ أَتَى بِالْخَطِّ، فَيُجْزِئُهُ ذَلِكَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (١٢١٢) فَصْلٌ: وَإِنْ كَانَ مَعَهُ عَصَا فَلَمْ يُمْكِنْهُ نَصْبُهَا. فَقَالَ الْأَثْرَمُ: قُلْت لِأَحْمَدَ: الرَّجُلُ يَكُونُ مَعَهُ عَصًا، لَمْ يَقْدِرْ عَلَى غَرْزِهَا، فَأَلْقَاهَا بَيْنَ يَدَيْهِ، أَيُلْقِيهَا طُولًا أَمْ عَرْضًا؟ قَالَ: لَا، بَلْ عَرْضًا. وَكَذَلِكَ قَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، وَالْأَوْزَاعِيُّ. وَكَرِهَهُ النَّخَعِيُّ.
وَلَنَا، أَنَّ هَذَا فِي مَعْنَى الْخَطِّ، فَيَقُومُ مَقَامَهُ، وَقَدْ ثَبَتَ اسْتِحْبَابُ الْخَطِّ بِالْحَدِيثِ الَّذِي رَوَيْنَاهُ.
[فَصْلٌ إذَا صَلَّى إلَى عُودٍ أَوْ عَمُودٍ أَوْ شَيْءٍ فِي مَعْنَاهُمَا]
(١٢١٣) فَصْلٌ: وَإِذَا صَلَّى إلَى عُودٍ أَوْ عَمُودٍ أَوْ شَيْءٍ فِي مَعْنَاهُمَا، اُسْتُحِبَّ لَهُ أَنْ يَنْحَرِفَ عَنْهُ، وَلَا يَصْمُدُ لَهُ صَمَدًا؛ لِمَا رَوَى أَبُو دَاوُد، عَنْ الْمِقْدَادِ بْنِ الْأَسْوَدِ قَالَ: «مَا رَأَيْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى إلَى عُودٍ أَوْ إلَى عَمُودٍ وَلَا شَجَرَةٍ، إلَّا جَعَلَهُ عَلَى حَاجِبِهِ الْأَيْمَنِ أَوْ الْأَيْسَرِ، وَلَا يَصْمُدُ لَهُ صَمَدًا. أَيْ لَا يَسْتَقْبِلُهُ فَيَجْعَلُهُ وَسَطًا» . وَمَعْنَى الصَّمَدِ: الْقَصْدُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute