تَعَالَى: {وَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنَّهُمْ لَمِنْكُمْ وَمَا هُمْ مِنْكُمْ وَلَكِنَّهُمْ قَوْمٌ يَفْرَقُونَ} [التوبة: ٥٦] وَغَيْرِهَا مِنْ الْآيَاتِ. وَحَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ حُجَّةٌ فِي قَبُولِ تَوْبَتِهِمْ، مَعَ اسْتِسْرَارِهِمْ بِكُفْرِهِمْ.
وَأَمَّا قَتْلُهُ ابْنَ النَّوَّاحَةِ، فَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ قَتَلَهُ لِظُهُورِ كَذِبِهِ فِي تَوْبَتِهِ؛ لِأَنَّهُ أَظْهَرَهَا، وَتَبَيَّنَ أَنَّهُ مَا زَالَ عَمَّا كَانَ عَلَيْهِ مِنْ كُفْرِهِ. وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ قَتَلَهُ لِقَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَهُ حِينَ جَاءَ رَسُولًا لِمُسَيْلِمَةِ: «لَوْلَا أَنَّ الرُّسُلَ لَا تُقْتَلُ، لَقَتَلْتُكَ» فَقَتَلَهُ تَحْقِيقًا لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَدْ رُوِيَ أَنَّهُ قَتَلَهُ لِذَلِكَ. وَفِي الْجُمْلَةِ، فَالْخِلَافُ بَيْنَ الْأَئِمَّةِ فِي قَبُولِ تَوْبَتِهِمْ فِي الظَّاهِرِ مِنْ أَحْكَامِ الدُّنْيَا. مِنْ تَرْكِ قَتْلِهِمْ، وَثُبُوتِ أَحْكَامِ الْإِسْلَامِ فِي حَقِّهِمْ؛ وَأَمَّا قَبُولُ اللَّهِ تَعَالَى لَهَا فِي الْبَاطِنِ، وَغُفْرَانُهُ لِمَنْ تَابَ وَأَقْلَعَ ظَاهِرًا أَمْ بَاطِنًا، فَلَا خِلَافَ فِيهِ، فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ فِي الْمُنَافِقِينَ: {إِلا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَاعْتَصَمُوا بِاللَّهِ وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلَّهِ فَأُولَئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ وَسَوْفَ يُؤْتِ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ أَجْرًا عَظِيمًا} [النساء: ١٤٦]
[فَصْلٌ قَتَلَ الْمُرْتَدّ إلَيَّ الْإِمَامِ حُرًّا كَانَ أَوْ عَبْدًا]
(٧٠٨٩) فَصْلٌ: وَقَتْلُ الْمُرْتَدِّ إلَى الْإِمَامِ، حُرًّا كَانَ أَوْ عَبْدًا. وَهَذَا قَوْلُ عَامَّةِ أَهْلِ الْعِلْمِ، إلَّا الشَّافِعِيَّ، فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ فِي الْعَبْدِ، فَإِنَّ لِسَيِّدِهِ قَتْلَهُ؛ لِقَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أَقِيمُوا الْحُدُودَ عَلَى مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ» . وَلِأَنَّ حَفْصَةَ قَتَلَتْ جَارِيَةً سَحَرَتْهَا. وَلِأَنَّهُ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى، فَمَلَكَ السَّيِّدُ إقَامَتَهُ عَلَى عَبْدِهِ، كَجَلْدِ الزَّانِي. وَلَنَا أَنَّهُ قَتْلٌ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى، فَكَانَ إلَى الْإِمَامِ، كَرَجْمِ الزَّانِي، وَكَقَتْلِ الْحُرِّ. وَأَمَّا قَوْلُهُ: وَأَقِيمُوا الْحُدُودَ. فَلَا يَتَنَاوَلُ الْقَتْلَ لِلرِّدَّةِ، فَإِنَّهُ قُتِلَ لِكُفْرِهِ، لَا حَدًّا فِي حَقِّهِ.
وَأَمَّا خَبَرُ حَفْصَةَ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute