رَوَاهُ أَبُو دَاوُد. وَفِي لَفْظٍ: «فَمَنْ قُتِلَ لَهُ بَعْدَ مَقَالَتِي قَتِيلٌ، فَأَهْلُهُ بَيْنَ خِيرَتَيْنِ؛ أَنْ يَأْخُذُوا الدِّيَةَ، أَوْ يَقْتُلُوا» .
وَقَالَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «الْعَمْدُ قَوَدٌ، إلَّا أَنْ يَعْفُوَ وَلِيُّ الْمَقْتُولِ» . وَفِي لَفْظٍ: «مَنْ قَتَلَ عَامِدًا، فَهُوَ قَوَدٌ» ، رَوَاهُ أَبُو دَاوُد. وَفِي لَفْظٍ رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ: «مَنْ قَتَلَ عَامِدًا، فَهُوَ قَوَدٌ، وَمَنْ حَالَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ، فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ، لَا يُقْبَلُ مِنْهُ صَرْفٌ وَلَا عَدْلٌ» . وَقَوْلُ الْخِرَقِيِّ: إذَا اجْتَمَعَ عَلَيْهِ الْأَوْلِيَاءُ. يَعْنِي إذَا كَانَ لِلْمَقْتُولِ أَوْلِيَاءُ يَسْتَحِقُّونَ الْقِصَاصَ، فَمِنْ شَرْطِ وُجُوبِهِ اجْتِمَاعُهُمْ عَلَى طَلَبِهِ، وَلَوْ عَفَا وَاحِدٌ مِنْهُمْ، سَقَطَ كُلُّهُ، وَإِنْ كَانَ بَعْضُهُمْ غَائِبًا، أَوْ غَيْرَ مُكَلَّفٍ، لَمْ يَكُنْ لِشُرَكَائِهِ الْقِصَاصُ حَتَّى يَقْدَمَ الْغَائِبُ، وَيَخْتَارَ الْقِصَاصَ، أَوْ يُوَكِّلَ، وَيَبْلُغَ الصَّبِيُّ وَيُفِيقَ الْمَجْنُونُ وَيَخْتَارَاهُ. وَقَوْلُهُ: إذَا كَانَ الْمَقْتُولُ حُرًّا مُسْلِمًا. يَعْنِي مُكَافِئًا لِلْقَاتِلِ، فَإِذَا كَانَ الْقَاتِلُ حُرًّا مُسْلِمًا. اُشْتُرِطَ كَوْنُ الْمَقْتُولِ حُرًّا مُسْلِمًا لِتَتَحَقَّقَ الْمُكَافَأَةُ بَيْنَهُمَا، فَإِنَّ الْكَافِرَ لَا يُكَافِئُ الْمُسْلِمَ، وَالْعَبْدَ لَا يُكَافِئُ الْحُرَّ.
[فَصْلٌ الْحُرُّ الْمُسْلِمُ يُقَادُ بِهِ قَاتِلُهُ]
فَصْلٌ: وَأَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ، عَلَى أَنَّ الْحُرَّ الْمُسْلِمَ يُقَادُ بِهِ قَاتِلُهُ، وَإِنْ كَانَ مُجَدَّعَ الْأَطْرَافِ، مَعْدُومَ الْحَوَاسِّ، وَالْقَاتِلُ صَحِيحٌ سَوِيُّ الْخَلْقِ، أَوْ كَانَ بِالْعَكْسِ. وَكَذَلِكَ إنْ تَفَاوَتَا فِي الْعِلْمِ وَالشَّرَفِ، وَالْغِنَى وَالْفَقْرِ، وَالصِّحَّةِ وَالْمَرَضِ، وَالْقُوَّةِ وَالضَّعْفِ، وَالْكِبَرِ وَالصِّغَرِ، وَالسُّلْطَانِ وَالسُّوقَةِ، وَنَحْوِ هَذَا مِنْ الصِّفَاتِ، لَمْ يَمْنَعْ الْقِصَاصَ، بِالِاتِّفَاقِ، وَقَدْ دَلَّتْ عَلَيْهِ الْعُمُومَاتُ الَّتِي تَلَوْنَاهَا، وَقَوْلُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «الْمُؤْمِنُونَ تَتَكَافَأُ دِمَاؤُهُمْ» . وَلِأَنَّ اعْتِبَارَ التَّسَاوِي فِي الصِّفَات وَالْفَضَائِلِ، يُفْضِي إلَى إسْقَاطِ الْقِصَاصِ بِالْكُلِّيَّةِ، وَفَوَاتِ حِكْمَةِ الرَّدْعِ وَالزَّجْرِ، فَوَجَبَ أَنْ يَسْقُطَ اعْتِبَارُهُ، كَالطُّولِ وَالْقِصَرِ، وَالسَّوَادِ وَالْبَيَاضِ.
[فَصْلٌ وَلَا يُشْتَرَطُ فِي وُجُوبِ الْقِصَاصِ كَوْنُ الْقَتْلِ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ]
فَصْلٌ: (٦٥٨٥) وَلَا يُشْتَرَطُ فِي وُجُوبِ الْقِصَاصِ كَوْنُ الْقَتْلِ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ، بَلْ مَتَى قَتَلَ فِي دَارِ الْحَرْبِ مُسْلِمًا عَامِدًا عَالِمًا بِإِسْلَامِهِ، فَعَلَيْهِ الْقَوَدُ، سَوَاءٌ كَانَ قَدْ هَاجَرَ أَوْ لَمْ يُهَاجِرْ. وَبِهَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: لَا يَجِبُ الْقِصَاصُ بِالْقَتْلِ فِي غَيْرِ دَارِ الْإِسْلَامِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْمَقْتُولُ هَاجَرَ، لَمْ يَضْمَنْهُ بِقِصَاصٍ وَلَا دِيَةٍ، عَمْدًا قَتَلَهُ أَوْ خَطَأً، وَإِنْ كَانَ قَدْ هَاجَرَ، ثُمَّ عَادَ إلَى دَارِ الْحَرْبِ، كَرَجُلَيْنِ مُسْلِمَيْنِ دَخَلَا دَارَ الْحَرْبِ بِأَمَانٍ، فَقَتَلَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute