للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنْ إخْلَالِ الْعَرَجِ. وَلَا يَجُوزُ مَا قُطِعَ مِنْهَا عُضْوٌ مُسْتَطَابٌ، كَالْأَلْيَةِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ أَبْلَغُ فِي الْإِخْلَالِ بِالْمَقْصُودِ مِنْ ذَهَابِ شَحْمَةِ الْعَيْنِ.

فَأَمَّا الْعَضْبَاءُ، وَهِيَ مَا ذَهَبَ نِصْفُ أُذُنِهَا أَوْ قَرْنِهَا، فَلَا تُجْزِئُ. وَبِهِ قَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ فِي عَضْبَاءِ الْأُذُنِ. وَعَنْ أَحْمَدَ: لَا تُجْزِئُ مَا ذَهَبَ ثُلُثُ أُذُنِهَا. وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ.

وَرُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ، وَعَمَّارٍ، وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، وَالْحَسَنِ، تُجْزِئُ الْمَكْسُورَةُ الْقَرْنِ؛ لِأَنَّ ذَهَابَ ذَلِكَ لَا يُؤَثِّرُ فِي اللَّحْمِ، فَأَجْزَأَتْ، كَالْجَمَّاءِ. وَقَالَ مَالِكٌ: إنْ كَانَ يَدْمَى، لَمْ يَجُزْ، وَإِلَّا جَازَ.

وَلَنَا، مَا رَوَى عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يُضَحَّى بِأَعْضَبِ الْأُذُنِ وَالْقَرْنِ» . رَوَاهُ النَّسَائِيّ وَابْنُ مَاجَهْ قَالَ قَتَادَةُ: فَسَأَلْت سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ، فَقَالَ: نَعَمْ، الْعَضَبُ النِّصْفُ فَأَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ. وَيُحْمَلُ قَوْلُ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَمَنْ وَافَقَهُ، عَلَى أَنَّ كَسْرَ مَا دُونَ النِّصْفِ لَا يَمْنَعُ.

[فَصْلٌ يُجْزِئُ الْخَصِيُّ فِي الْأُضْحِيَّةِ]

(٢٧٤٣) فَصْلٌ: وَيُجْزِئُ الْخَصِيُّ، سَوَاءٌ كَانَ مِمَّا قُطِعَتْ خُصْيَتَاهُ أَوْ مَسْلُولًا، وَهُوَ الَّذِي سُلَّتْ بَيْضَتَاهُ، أَوْ مَوْجُوءًا، وَهُوَ الَّذِي رُضَّتْ بَيْضَتَاهُ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ضَحَّى بِكَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ مَوْجُوءَيْنِ. وَالْمَرْضُوضُ كَالْمَقْطُوعِ. وَلِأَنَّ ذَلِكَ الْعُضْوَ غَيْرُ مُسْتَطَابٍ، وَذَهَابُهُ يُؤَثِّرُ فِي سِمَنِهِ، وَكَثْرَةِ اللَّحْمِ وَطِيبِهِ، وَهُوَ الْمَقْصُودُ. وَلَا نَعْلَمُ فِي هَذَا خِلَافًا. وَتُجْزِئُ الْجَمَّاءُ، وَهِيَ الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ لَهَا قَرْنٌ.

وَحُكِيَ عَنْ ابْنِ حَامِدٍ أَنَّهَا لَا تُجْزِئُ؛ لِأَنَّ عَدَمَ الْقَرْنِ أَكْثَرُ مِنْ ذَهَابِ نِصْفِهِ. وَالْأَوْلَى أَنَّهَا تُجْزِئُ؛ لِأَنَّ الْقَرْنَ لَيْسَ بِمَقْصُودٍ، وَلَا وَرَدَ النَّهْيُ عَمَّ عُدِمَ فِيهِ. وَتُجْزِئُ الصَّمْعَاءُ، وَهِيَ الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ لَهَا أُذُنٌ، أَوْ خُلِقَتْ لَهَا أُذُنٌ صَغِيرَةٌ كَذَلِكَ. وَتُجْزِئُ الْبَتْرَاءُ، وَهِيَ الْمَقْطُوعَةُ الذَّنَبِ كَذَلِكَ.

[فَصْلٌ يُكْرَهُ أَنْ يُضَحِّيَ بِمَشْقُوقَةِ الْأُذُنِ]

(٢٧٤٤) فَصْلٌ: وَيُكْرَهُ أَنْ يُضَحِّيَ بِمَشْقُوقَةِ الْأُذُنِ، أَوْ مَا قُطِعَ مِنْهَا شَيْءٌ، أَوْ مَا فِيهَا عَيْبٌ مِنْ هَذِهِ الْعُيُوبِ الَّتِي لَا تَمْنَعُ الْإِجْزَاءَ؛ لِقَوْلِ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: أُمِرْنَا أَنْ نَسْتَشْرِفَ الْعَيْنَ وَالْأُذُنَ. وَلَا يُضَحِّي بِمُقَابَلَةٍ، وَلَا مُدَابَرَةٍ، وَلَا خَرْقَاءَ، وَلَا شَرْقَاءَ قَالَ زُهَيْرٌ: قُلْت لِأَبِي إِسْحَاقَ: مَا الْمُقَابَلَةُ؟ قَالَ: يُقْطَعُ طَرَفُ الْأُذُنِ. قُلْت: فَمَا الْمُدَابَرَةُ؟ قَالَ: يُقْطَعُ مُؤْخَرُ الْأُذُنِ. قُلْت: فَمَا الْخَرْقَاءُ؟ قَالَ: يُشَقُّ الْأُذُنُ. قُلْت: فَمَا الشَّرْقَاءُ؟ قَالَ: يُشَقُّ أُذُنُهَا لِلسِّمَةِ. رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ.

قَالَ الْقَاضِي: الْخَرْقَاءُ الَّتِي انْثَقَبَتْ أُذُنُهَا. وَالشَّرْقَاءُ الَّتِي تُشَقُّ أُذُنُهَا وَتَبْقَى كَالشَّاخَّتَيْنِ. وَهَذَا نَهْيُ تَنْزِيهٍ. وَيَحْصُلُ الْإِجْزَاءُ بِهَا، لَا نَعْلَمُ فِي هَذَا خِلَافًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>