أُمِّ مَكْتُومٍ» . وَقَالَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «لَا يَمْنَعُكُمْ مِنْ سَحُورِكُمْ أَذَانُ بِلَالٍ، فَإِنَّهُ يُؤَذِّنُ بِلَيْلٍ، لِيَنْتَبِهَ نَائِمُكُمْ وَيَرْجِعَ قَائِمُكُمْ» .
[فَصْلٌ يُسْتَحَبُّ أَنْ يُؤَذِّنَ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ]
(٥٦٨) فَصْلٌ: وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يُؤَذِّنَ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ، لِيَعْلَمَ النَّاسُ، فَيَأْخُذُوا أُهْبَتَهُمْ لِلصَّلَاةِ. وَرَوَى جَابِرُ بْنُ سَمُرَةَ قَالَ: كَانَ بِلَالٌ لَا يُؤَخِّرُ الْأَذَانَ عَنْ الْوَقْتِ، وَرُبَّمَا أَخَّرَ الْإِقَامَةَ شَيْئًا. رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ. وَفِي رِوَايَةٍ قَالَ: «كَانَ بِلَالٌ يُؤَذِّنُ إذَا مَالَتْ الشَّمْسُ، لَا يُؤَخِّرُ، ثُمَّ لَا يُقِيمُ حَتَّى يَخْرُجَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَإِذَا خَرَجَ أَقَامَ حِينَ يَرَاهُ» . رَوَاهُ أَحْمَدُ، فِي " الْمُسْنَدِ ".
وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَفْصِلَ بَيْنَ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ، بِقَدْرِ الْوُضُوءِ وَصَلَاةِ رَكْعَتَيْنِ، يَتَهَيَّئُونَ فِيهَا، وَفِي الْمَغْرِبِ يَفْصِلَ بِجَلْسَةٍ خَفِيفَةٍ. وَحُكِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ، أَنَّهُ لَا يُسَنُّ فِي الْمَغْرِبِ. وَلَنَا، مَا رَوَى الْإِمَامُ أَحْمَدُ، فِي " مُسْنَدِهِ " بِإِسْنَادِهِ، عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «يَا بِلَالُ، اجْعَلْ بَيْنَ أَذَانِك وَإِقَامَتِك نَفَسًا، يَفْرُغُ الْآكِلُ مِنْ طَعَامِهِ فِي مَهَلٍ، وَيَقْضِي حَاجَتَهُ فِي مَهَلٍ» .
وَعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لِبِلَالٍ: اجْعَلْ بَيْنَ أَذَانِك وَإِقَامَتِك قَدْرَ مَا يَفْرُغُ الْآكِلُ مِنْ أَكْلِهِ، وَالشَّارِبُ مِنْ شُرْبِهِ، وَالْمُعْتَصِرُ إذَا دَخَلَ لِقَضَاءِ حَاجَتِهِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَرَوَى تَمَّامٌ فِي " فَوَائِدِهِ "، بِإِسْنَادِهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «جُلُوسُ الْمُؤَذِّنِ بَيْنَ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ فِي الْمَغْرِبِ سُنَّةٌ» . قَالَ إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ: رَأَيْت أَحْمَدَ خَرَجَ عِنْدَ الْمَغْرِبِ، فَحِينَ انْتَهَى إلَى مَوْضِعِ الصَّفِّ أَخَذَ الْمُؤَذِّنُ فِي الْإِقَامَةِ، فَجَلَسَ. وَرَوَى الْخَلَّالُ، بِإِسْنَادِهِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جَاءَ وَبِلَالٌ فِي الْإِقَامَةِ، فَقَعَدَ» وَقَالَ أَحْمَدُ: يَقْعُدُ الرَّجُلُ مِقْدَارَ رَكْعَتَيْنِ إذَا أُذِّنَ الْمَغْرِبُ.
قِيلَ مِنْ أَيْنَ؟ قَالَ: مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ وَغَيْرِهِ: كَانَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذَا أَذَّنَ الْمُؤَذِّنُ ابْتَدَرُوا السَّوَارِيَ وَصَلَّوْا رَكْعَتَيْنِ وَلِأَنَّ الْأَذَانَ مُشَرَّعٌ لِلْإِعْلَامِ، فَيُسَنُّ الِانْتِظَارُ لِيُدْرِكَ النَّاسُ الصَّلَاةَ وَيَتَهَيَّئُوا لَهَا، دَلِيلُهُ سَائِرُ الصَّلَوَاتِ.
[مَسْأَلَة لِلْمُؤَذِّنِ أَنْ يَكُونَ مُتَطَهِّرًا مِنْ الْحَدَثِ الْأَصْغَرِ وَالْجَنَابَة]
مَسْأَلَةٌ: قَالَ (وَلَا يَسْتَحِبُّ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ أَنْ يُؤَذِّنَ إلَّا طَاهِرًا، فَإِنْ أَذَّنَ جُنُبًا أَعَادَ) الْمُسْتَحَبُّ لِلْمُؤَذِّنِ أَنْ يَكُونَ مُتَطَهِّرًا مِنْ الْحَدَثِ الْأَصْغَرِ وَالْجَنَابَةِ جَمِيعًا؛ لِمَا رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «لَا يُؤَذِّنُ إلَّا مُتَوَضِّئٌ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَرُوِيَ مَوْقُوفًا، عَلَى أَبِي هُرَيْرَةَ، وَهُوَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute