[فَصْلٌ قِرَاءَةُ الْفَاتِحَةِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ]
(٦٧٣) فَصْلٌ: وَيَجِبُ قِرَاءَةُ الْفَاتِحَةِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ فِي الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَهَذَا مَذْهَبُ مَالِكٍ، وَالْأَوْزَاعِيِّ، وَالشَّافِعِيِّ. وَعَنْ أَحْمَدَ: أَنَّهَا لَا تَجِبُ إلَّا فِي رَكْعَتَيْنِ مِنْ الصَّلَاةِ. وَنَحْوُهُ عَنْ النَّخَعِيِّ، وَالثَّوْرِيِّ، وَأَبِي حَنِيفَةَ؛ لِمَا رُوِيَ، عَنْ عَلِيٍّ، - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ قَالَ: اقْرَأْ فِي الْأُولَيَيْنِ، وَسَبِّحْ فِي الْأُخْرَيَيْنِ. وَلِأَنَّ الْقِرَاءَةَ لَوْ وَجَبَتْ فِي بَقِيَّةِ الرَّكَعَاتِ، لَسُنَّ الْجَهْرُ بِهَا فِي بَعْضِ الصَّلَوَاتِ، كَالْأُولَيَيْنِ. وَعَنْ الْحَسَنِ: أَنَّهُ إنْ قَرَأَ فِي رَكْعَةٍ وَاحِدَةٍ، أَجْزَأَهُ؛ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ} [المزمل: ٢٠] .
وَعَنْ مَالِكٍ، أَنَّهُ إنْ قَرَأَ فِي ثَلَاثٍ، أَجْزَأَهُ؛ لِأَنَّهَا مُعْظَمُ الصَّلَاةِ. وَلَنَا، مَا رَوَى أَبُو قَتَادَةَ «، أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَقْرَأُ فِي الظُّهْرِ فِي الْأُولَيَيْنِ بِأُمِّ الْكِتَابِ وَسُورَتَيْنِ، وَيُطَوِّلُ الْأُولَى، وَيُقَصِّرُ فِي الثَّانِيَةِ، وَيُسْمِعُ الْآيَةَ أَحْيَانًا، وَفِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأُخْرَيَيْنِ بِأُمِّ الْكِتَابِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ «. وَقَالَ: صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ» . وَعَنْهُ، وَعَنْ عُبَادَةَ، قَالَا: «أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ نَقْرَأَ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ، فِي كُلِّ رَكْعَةٍ» . رَوَاهُمَا إسْمَاعِيلُ بْنُ سَعِيدٍ الشَّالَنْجِيُّ. وَلِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَّمَ الْمُسِيءَ فِي صَلَاتِهِ كَيْفَ يُصَلِّي الرَّكْعَةَ الْأُولَى، ثُمَّ قَالَ: (وَافْعَلْ ذَلِكَ فِي صَلَاتِك كُلِّهَا) .
فَيَتَنَاوَلُ الْأَمْرَ بِالْقِرَاءَةِ. وَعَنْ جَابِرٍ قَالَ: (مَنْ صَلَّى رَكْعَةً، فَلَمْ يَقْرَأْ فِيهَا فَلَمْ يُصَلِّ. إلَّا خَلْفَ الْإِمَامِ) رَوَاهُ مَالِكٌ، فِي " الْمُوَطَّأِ ". وَحَدِيثُ عَلِيٍّ يَرْوِيهِ الْحَارِثُ الْأَعْوَرُ، قَالَ الشَّعْبِيُّ: كَانَ كَذَّابًا. ثُمَّ هُوَ مِنْ قَوْلِ عَلِيٍّ. وَقَدْ خَالَفَهُ عُمَرُ، وَجَابِرٌ، وَالْإِسْرَارُ لَا يَنْفِي الْوُجُوبَ؛ بِدَلِيلِ الْأُولَيَيْنِ مِنْ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ.
[فَصْلٌ لَا تُجَزِّئهُ الْقِرَاءَةُ بِغَيْرِ الْعَرَبِيَّةِ فِي الصَّلَاة]
(٦٧٤) فَصْلٌ: وَلَا تُجْزِئُهُ الْقِرَاءَةُ بِغَيْرِ الْعَرَبِيَّةِ، وَلَا إبْدَالُ لَفْظِهَا بِلَفْظٍ عَرَبِيٍّ، سَوَاءٌ أَحْسَنَ قِرَاءَتَهَا بِالْعَرَبِيَّةِ أَوْ لَمْ يُحْسِنْ. وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ، وَأَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٌ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: يَجُوزُ ذَلِكَ. وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِهِ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute