للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَلْيُصَلِّ أَرْبَعًا، وَمَنْ فَاتَتْهُ الْجُمُعَةُ فَلْيُصَلِّ أَرْبَعًا. وَرُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ قَالَ: إنْ أَمَرْت رَجُلًا أَنْ يُصَلِّيَ بِضَعَفَةِ النَّاسِ، أَمَرْته أَنْ يُصَلِّيَ أَرْبَعًا. رَوَاهُمَا سَعِيدٌ. قَالَ أَحْمَدُ، - رَحِمَهُ اللَّهُ -: يُقَوِّي ذَلِكَ حَدِيثُ عَلِيٍّ، أَنَّهُ أَمَرَ رَجُلًا يُصَلِّي بِضَعَفَةِ النَّاسِ أَرْبَعًا، وَلَا يَخْطُبُ.

وَلِأَنَّهُ قَضَاءُ صَلَاةِ عِيدٍ، فَكَانَ أَرْبَعًا كَصَلَاةِ الْجُمُعَةِ، وَإِنْ شَاءَ أَنْ يُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ كَصَلَاةِ التَّطَوُّعِ. وَهَذَا قَوْلُ الْأَوْزَاعِيِّ لِأَنَّ ذَلِكَ تَطَوُّعٌ. وَإِنْ شَاءَ صَلَّاهَا عَلَى صِفَةِ صَلَاةِ الْعِيدِ بِتَكْبِيرٍ. نَقَلَ ذَلِكَ عَنْ أَحْمَدَ إسْمَاعِيلُ بْنُ سَعِيدٍ، وَاخْتَارَهُ الْجُوزَجَانِيُّ.

وَهَذَا قَوْلُ النَّخَعِيِّ، وَمَالِكٍ، وَالشَّافِعِيِّ، وَأَبِي ثَوْرٍ وَابْنِ الْمُنْذِرِ؛ لِمَا رُوِيَ عَنْ أَنَسٍ، أَنَّهُ كَانَ إذَا لَمْ يَشْهَدْ الْعِيدَ مَعَ الْإِمَامِ بِالْبَصْرَةِ جَمَعَ أَهْلَهُ وَمَوَالِيهِ، ثُمَّ قَامَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي عُتْبَةَ مَوْلَاهُ فَيُصَلَّى بِهِمْ رَكْعَتَيْنِ، يُكَبِّرُ فِيهِمَا. وَلِأَنَّهُ قَضَاءُ صَلَاةٍ، فَكَانَ عَلَى صِفَتِهَا، كَسَائِرِ الصَّلَوَاتِ، وَهُوَ مُخَيَّرٌ، إنْ شَاءَ صَلَّاهَا وَحْدَهُ، وَإِنْ شَاءَ فِي جَمَاعَةٍ. قِيلَ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ: أَيْنَ يُصَلِّي؟ قَالَ: إنْ شَاءَ مَضَى إلَى الْمُصَلَّى، وَإِنْ شَاءَ حَيْثُ شَاءَ.

(١٤٢٧) فَصْلٌ: وَإِنْ أَدْرَكَ الْإِمَامَ فِي التَّشَهُّدِ جَلَسَ مَعَهُ، فَإِذَا سَلَّمَ الْإِمَامُ قَامَ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، يَأْتِي فِيهِمَا بِالتَّكْبِيرِ؛ لِأَنَّهُ أَدْرَكَ بَعْضَ الصَّلَاةِ الَّتِي لَيْسَتْ مُبْدَلَةً مِنْ أَرْبَعٍ، فَقَضَاهَا عَلَى صِفَتِهَا كَسَائِرِ الصَّلَوَاتِ. وَإِنْ أَدْرَكَهُ فِي الْخُطْبَةِ، فَإِنْ كَانَ فِي الْمَسْجِدِ صَلَّى تَحِيَّةَ الْمَسْجِدِ؛ لِأَنَّهَا إذَا صُلِّيَتْ فِي خُطْبَةِ الْجُمُعَةِ الَّتِي يَجِبُ الْإِنْصَاتُ لَهَا، فَفِي خُطْبَةِ الْعِيدِ أَوْلَى، وَلَا يَكُونُ حُكْمُهُ فِي تَرْكِ التَّحِيَّةِ حُكْمَ مَنْ أَدْرَكَ الْعِيدَ. وَقَالَ الْقَاضِي: يَجْلِسُ فَيَسْتَمِعُ الْخُطْبَةَ، وَلَا يُصَلِّي؛ لِئَلَّا يَشْتَغِلَ بِالصَّلَاةِ عَنْ اسْتِمَاعِ الْخُطْبَةِ.

وَهَذَا التَّعْلِيلُ يَبْطُلُ بِالدَّاخِلِ فِي خُطْبَةِ الْجُمُعَةِ، فَإِنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَ الدَّاخِلَ بِالرُّكُوعِ، مَعَ أَنَّ خُطْبَةَ الْجُمُعَةِ آكَدُ. فَأَمَّا إنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْمَسْجِدِ، فَإِنَّهُ يَجْلِسُ فَيَسْتَمِعُ، ثُمَّ إنْ أَحَبَّ قَضَى صَلَاةَ الْعِيدِ، عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ.

[فَصْلٌ لَمْ يَعْلَم بِيَوْمِ الْعِيد إلَّا بَعْد زَوَال الشَّمْس]

(١٤٢٨) فَصْلٌ: إذَا لَمْ يَعْلَمْ بِيَوْمِ الْعِيدِ إلَّا بَعْدَ زَوَالِ الشَّمْسِ، خَرَجَ مِنْ الْغَدِ، فَصَلَّى بِهِمْ الْعِيدَ. وَهَذَا قَوْلُ الْأَوْزَاعِيِّ، وَالثَّوْرِيِّ، وَإِسْحَاقَ، وَابْنِ الْمُنْذِرِ. وَصَوَّبَهُ الْخَطَّابِيُّ. وَحُكِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهَا لَا تُقْضَى. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: إنْ عَلِمَ بَعْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ كَقَوْلِنَا، وَإِنْ عَلِمَ بَعْدَ الزَّوَالِ لَمْ يُصَلِّ، لِأَنَّهَا صَلَاةٌ شُرِعَ لَهَا الِاجْتِمَاعُ وَالْخُطْبَةُ، فَلَا تُقْضَى بَعْدَ فَوَاتِ وَقْتِهَا، كَصَلَاةِ الْجُمُعَةِ.

وَإِنَّمَا يُصَلِّيهَا إذَا عَلِمَ بَعْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ؛ لِأَنَّ الْعِيدَ هُوَ الْغَدُ؛ لِقَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «فِطْرُكُمْ يَوْمَ تُفْطِرُونَ، وَأَضْحَاكُمْ يَوْمَ تُضَحُّونَ، وَعَرَفَتُكُمْ يَوْمَ تُعَرِّفُونَ» . وَلَنَا، مَا رَوَى أَبُو عُمَيْرِ بْنُ أَنَسٍ، عَنْ عُمُومَةٍ لَهُ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَنَّ رَكْبًا جَاءُوا

<<  <  ج: ص:  >  >>