للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَا فِيهِ زُؤَانٌ أَوْ تُرَابٌ يَحْتَاجُ إلَى تَنْقِيَةٍ، وَكَذَلِكَ دَقِيقُهُ وَخُبْزُهُ؛ لِأَنَّهُ مُخْرَجٌ فِي حَقِّ اللَّهِ - تَعَالَى، عَمَّا وَجَبَ فِي الذِّمَّةِ فَلَمْ يَجُزْ أَنْ يَكُونَ مَعِيبًا كَالشَّاةِ فِي الزَّكَاةِ.

[مَسْأَلَةٌ لَا يُجْزِئُ فِي الْكَفَّارَةِ إخْرَاجُ قِيمَةِ الطَّعَامِ وَلَا الْكِسْوَةِ]

(٨٠٢٤) مَسْأَلَةٌ؛ قَالَ (وَلَوْ أَعْطَاهُمْ مَكَانَ الطَّعَامِ أَضْعَافَ قِيمَتِهِ وَرِقًا، لَمْ يُجْزِهِ) وَجُمْلَتُهُ أَنَّهُ لَا يُجْزِئُ فِي الْكَفَّارَةِ إخْرَاجُ قِيمَةِ الطَّعَامِ، وَلَا الْكِسْوَةِ، فِي قَوْلِ إمَامِنَا وَمَالِكٍ، وَالشَّافِعِيِّ، وَابْنِ الْمُنْذِرِ وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِ مَنْ سَمَّيْنَا قَوْلَهُمْ فِي تَفْسِيرِ الْآيَةِ، فِي الْمَسْأَلَةِ الَّتِي قَبْلَهَا وَهُوَ ظَاهِرٌ مِنْ قَوْلِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَعَطَاءٍ، وَمُجَاهِدٍ، وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، وَالنَّخَعِيِّ. وَأَجَازَهُ الْأَوْزَاعِيُّ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ دَفْعُ حَاجَةِ الْمِسْكِينِ، وَهُوَ يَحْصُلُ بِالْقِيمَةِ وَلَنَا قَوْلُ اللَّهِ - تَعَالَى: {إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ} [المائدة: ٨٩] .

وَهَذَا ظَاهِرٌ فِي عَيْنِ الطَّعَامِ وَالْكِسْوَةِ، فَلَا يَحْصُلُ التَّكْفِيرُ بِغَيْرِهِ لِأَنَّهُ لَمْ يُؤَدِّ الْوَاجِبَ إذَا لَمْ يُؤَدِّ مَا أَمَرَهُ اللَّهُ بِأَدَائِهِ، وَلِأَنَّ اللَّهَ - تَعَالَى خَيَّرَ بَيْنَ ثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ وَلَوْ جَازَتْ الْقِيمَةُ لَمْ يَنْحَصِرْ التَّخْيِيرُ فِي الثَّلَاثَةِ، وَلِأَنَّهُ، لَوْ أُرِيدَتْ الْقِيمَةُ لَمْ يَكُنْ لِلتَّخْيِيرِ مَعْنًى؛ لِأَنَّ قِيمَةَ الطَّعَامِ إنْ سَاوَتْ قِيمَةَ الْكِسْوَةِ، فَهُمَا شَيْءٌ وَاحِدٌ، فَكَيْفَ يُخَيَّرُ بَيْنَهُمَا؟ وَإِنْ زَادَتْ قِيمَةُ أَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ، فَكَيْفَ يُخَيَّرُ بَيْنَ شَيْءٍ وَبَعْضِهِ؟ ثُمَّ يَنْبَغِي أَنَّهُ إذَا أَعْطَاهُ فِي الْكِسْوَةِ مَا يُسَاوِي إطْعَامَهُ أَنْ يُجْزِئَهُ، وَهُوَ خِلَافُ الْآيَةِ، وَكَذَلِكَ لَوْ غَلَتْ قِيمَةُ الطَّعَامِ، فَصَارَ نِصْفُ الْمُدِّ يُسَاوِي كِسْوَةَ الْمِسْكِينِ، يَنْبَغِي أَنْ يُجْزِئَهُ نِصْفُ الْمُدِّ وَهُوَ خِلَافُ الْآيَةِ، وَلِأَنَّهُ أَحَدُ مَا يُكَفِّرُ بِهِ فَتَعَيَّنَ مَا وَرَدَ بِهِ النَّصُّ كَالْعِتْقِ أَوْ فَلَا تُجْزِئُ فِيهِ الْقِيمَةُ كَالْعِتْقِ فَعَلَى هَذَا، لَوْ أَعْطَاهُمْ أَضْعَافَ قِيمَةِ الطَّعَامِ، لَا يُجْزِئُهُ لِأَنَّهُ لَمْ يُؤَدِّ الْوَاجِبَ فَلَا يَخْرُجُ عَنْ عُهْدَتِهِ.

[مَسْأَلَةٌ وَيُعْطِي مِنْ أَقَارِبِهِ مَنْ يَجُوزُ أَنْ يُعْطِيَهُ مِنْ زَكَاةِ مَالِهِ فِي كَفَّارَة الْيَمِينِ]

(٨٠٢٥) مَسْأَلَةٌ قَالَ: (وَيُعْطِي مِنْ أَقَارِبِهِ مَنْ يَجُوزُ أَنْ يُعْطِيَهُ مِنْ زَكَاةِ مَالِهِ) وَبِهَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو ثَوْرٍ وَلَا نَعْلَمُ فِيهِ مُخَالِفًا، وَلِأَنَّ الْكَفَّارَةَ حَقُّ مَالٍ يَجِبُ لِلَّهِ - تَعَالَى، فَجَرَى مَجْرَى الزَّكَاةِ، فِيمَنْ يَدْفَعُ إلَيْهِ مِنْ أَقَارِبِهِ، وَمَنْ لَا يَدْفَعُ إلَيْهِ وَقَدْ سَبَقَ ذَلِكَ فِي بَابِ الزَّكَاةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>