وَإِنْ كَانَتْ مُخْتَلِفَةً، اُعْتُبِرَ ذَلِكَ بِالْكَيْلِ، فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ؛ لِأَنَّهُ إذَا وَجَبَ اعْتِبَارُهُ، اُعْتُبِرَ بِالْكَيْلِ فِيمَا لَهُ مِثْلٌ يَتَأَتَّى الْكَيْلُ فِيهِ. وَالثَّانِي، يُقَسَّمُ عَلَى عَدَدِهَا؛ لِأَنَّهُ لَا قِيمَةَ لَهَا، فَاسْتَوَى صَغِيرُهَا وَكَبِيرُهَا
وَإِنْ أَصْدَقَهَا عَشَرَةَ خَنَازِيرَ، فَفِيهِ الْوَجْهَانِ؛ أَحَدُهُمَا، يُقَسَّمُ عَلَى عَدَدِهَا؛ لِمَا ذَكَرْنَا، وَالثَّانِي، يُعْتَبَرُ قِيمَتُهَا كَأَنَّهَا مِمَّا يَجُوزُ بَيْعُهُ، كَمَا تُقَوَّمُ شِجَاجُ الْحُرِّ كَأَنَّهُ عَبْدُ. وَإِنْ أَصْدَقَهَا كَلْبًا وَخِنْزِيرَيْنِ وَثَلَاثَةَ زُقَاقِ خَمْرٍ، فَفِيهِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ؛ أَحَدُهَا، يُقَسَّمُ عَلَى قَدْرِ قِيمَتِهَا عِنْدَهُمْ. وَالثَّانِي، يُقَسَّمُ عَلَى عَدَدِ الْأَجْنَاسِ، فَيُجْعَلُ لِكُلِّ جِنْسٍ ثُلُثُ الْمَهْرِ. وَالثَّالِثُ، يُقَسَّمُ عَلَى الْعَدَدِ كُلِّهِ، فَلِكُلِّ وَاحِدٍ سُدُسُ الْمَهْرِ، فَلِلْكَلْبِ سُدُسُهُ، وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْخِنْزِيرَيْنِ وَالزُّقَاقِ سُدُسُهُ. وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ فِيهِ عَلَى نَحْوٍ مِنْ هَذَا.
[فَصْلٌ نَكَحَهَا نِكَاحًا فَاسِدًا فَأَسْلَمَا قَبْلَ الدُّخُولِ أَوْ تَرَافَعُوا إلَيْنَا]
(٥٤٧٣) فَصْلٌ: فَإِنْ نَكَحَهَا نِكَاحًا فَاسِدًا، وَهُوَ مَا لَا يُقَرُّونَ عَلَيْهِ إذَا أَسْلَمُوا، كَنِكَاحِ ذَوَاتِ الرَّحِمِ الْمَحْرَمِ، فَأَسْلَمَا قَبْلَ الدُّخُولِ، أَوْ تَرَافَعُوا إلَيْنَا، فُرِّقَ بَيْنَهُمَا، وَلَا مَهْرَ لَهَا. قَالَ أَحْمَدُ، فِي الْمَجُوسِيَّةِ تَكُونُ تَحْتَ أَخِيهَا أَوْ أَبِيهَا، فَيُطَلِّقُهَا أَوْ يَمُوتُ عَنْهَا، فَتَرْتَفِعُ إلَى الْمُسْلِمِينَ بِطَلَبِ مَهْرَهَا: لَا مَهْرَ لَهَا. وَذَلِكَ لِأَنَّهُ نِكَاحٌ بَاطِلٌ مِنْ أَصْلِهِ، لَا يُقَرُّ عَلَيْهِ فِي الْإِسْلَامِ، وَحَصَلَ فِيهِ الْفُرْقَةُ قَبْلَ الدُّخُولِ. فَأَمَّا إنْ دَخَلَ بِهَا، فَهَلْ يَجِبُ لَهَا مَهْرُ الْمِثْلِ؟ يُخَرَّجُ عَلَى الرِّوَايَتَيْنِ فِي الْمُسْلِمِ إذَا وَطِئَ امْرَأَةً مِنْ مَحَارِمِهِ بِشُبْهَةِ.
[فَصْلٌ تَزَوَّجَ ذِمِّيٌّ ذِمِّيَّةً عَلَى أَنْ لَا صَدَاقَ لَهَا]
(٥٤٧٤) فَصْلٌ: إذَا تَزَوَّجَ ذِمِّيٌّ ذِمِّيَّةً، عَلَى أَنْ لَا صَدَاقَ لَهَا، أَوْ سَكَتَ عَنْ ذِكْرِهِ، فَلَهَا الْمُطَالَبَةُ بِفَرْضِهِ، إنْ كَانَ قَبْلَ الدُّخُولِ، وَإِنْ كَانَ بَعْدَهُ، فَلَهَا مَهْرُ الْمِثْلِ، كَمَا فِي نِكَاحِ الْمُسْلِمِينَ. وَبِهَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: إنْ تَزَوَّجَهَا عَلَى أَنْ لَا مَهْرَ لَهَا، فَلَا شَيْءَ لَهَا، وَإِنْ سَكَتَ عَنْ ذِكْرِهِ، فَفِيهِ رِوَايَتَانِ؛ إحْدَاهُمَا، لَا مَهْرَ لَهَا. وَالْأُخْرَى: لَهَا مَهْرُ الْمِثْلِ. وَاحْتَجَّ بِأَنَّ الْمَهْرَ يَجِبُ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى وَحَقِّهَا، وَقَدْ أَسْقَطَتْ حَقَّهَا، وَالذِّمِّيُّ لَا يُطَالَبُ بِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى. وَلَنَا، أَنَّ هَذَا نِكَاحٌ خَلَا عَنْ تَسْمِيَةٍ، فَيَجِبُ لِلْمَرْأَةِ فِيهِ مَهْرُ الْمِثْلِ كَالْمُسْلِمَةِ، وَإِنَّمَا وَجَبَ الْمَهْرُ فِي حَقِّ الْمُفَوِّضَةِ لِئَلَّا تَصِيرَ كَالْمَوْهُوبَةِ وَالْمُبَاحَةِ، وَهَذَا يُوجَدُ فِي حَقِّ الذِّمِّيِّ.
[فَصْلٌ إذَا ارْتَفَعَ أَهْل الشِّرْكِ إلَى الْحَاكِمِ فِي ابْتِدَاءِ الْعَقْدِ لَمْ يُزَوِّجْهُمْ إلَّا بِشُرُوطِ نِكَاحِ الْمُسْلِمِينَ]
(٥٤٧٥) فَصْلٌ: إذَا ارْتَفَعُوا إلَى الْحَاكِمِ فِي ابْتِدَاءِ الْعَقْدِ، لَمْ يُزَوِّجْهُمْ إلَّا بِشُرُوطِ نِكَاحِ الْمُسْلِمِينَ؛ لِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ} [المائدة: ٤٢] . وَقَوْلُهُ: {وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ} [المائدة: ٤٩] . وَلِأَنَّهُ لَا حَاجَةَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute