وَلَنَا، أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «لَا يُخْبَطُ شَوْكُهَا، وَلَا يُعْضَدُ شَجَرُهَا» ، رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَلِأَنَّ مَا حُرِّمَ أَخْذُهُ حُرِّمَ كُلُّ شَيْءٍ مِنْهُ، كَرِيشِ الطَّائِرِ. وَقَوْلُهُمْ: لَا يَضُرُّ بِهِ. لَا يَصِحُّ فَإِنَّهُ يُضْعِفُهَا، وَرُبَّمَا آلَ إلَى تَلَفِهَا.
[فَصْل قَطْعُ حَشِيشِ الْحَرَمِ]
(٢٤١٤) فَصْلٌ: وَيَحْرُمُ قَطْعُ حَشِيشِ الْحَرَمِ، إلَّا مَا اسْتَثْنَاهُ الشَّرْعُ مِنْ الْإِذْخِرِ، وَمَا أَنْبَتَهُ الْآدَمِيُّونَ، وَالْيَابِسَ؛ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «لَا يُخْتَلَى خَلَاهَا» .
وَفِي لَفْظٍ: «لَا يُحْتَشُّ حَشِيشُهَا.» وَفِي اسْتِثْنَاءِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْإِذْخِرَ دَلِيلٌ عَلَى تَحْرِيمِ مَا عَدَاهُ، وَفِي جَوَازِ رَعْيِهِ وَجْهَانِ؛ أَحَدُهُمَا، لَا يَجُوزُ، وَهُوَ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ؛ لِأَنَّ مَا حَرُمَ إتْلَافُهُ، لَمْ يَجُزْ أَنْ يُرْسَلَ عَلَيْهِ مَا يُتْلِفُهُ، كَالصَّيْدِ. وَالثَّانِي، يَجُوزُ. وَهُوَ مَذْهَبُ عَطَاءٍ، وَالشَّافِعِيِّ؛ لِأَنَّ الْهَدَايَا كَانَتْ تَدْخُلُ الْحَرَمَ، فَتَكْثُرُ فِيهِ، فَلَمْ يُنْقَلْ أَنَّهُ كَانَتْ تُسَدُّ أَفْوَاهُهَا، وَلِأَنَّ بِهِمْ حَاجَةً إلَى ذَلِكَ، أَشْبَهَ قَطْعَ الْإِذْخِرِ.
[فَصْل أَخْذُ الْكَمْأَةِ مِنْ الْحَرَمِ]
(٢٤١٥) فَصْلٌ: وَيُبَاحُ أَخْذُ الْكَمْأَةِ مِنْ الْحَرَمِ، وَكَذَلِكَ الْفَقْعُ؛ لِأَنَّهُ لَا أَصْلَ لَهُ، فَأَشْبَهَ الثَّمَرَةَ. وَرَوَى حَنْبَلٌ، قَالَ: يُؤْكَلُ مِنْ شَجَرِ الْحَرَمِ الضَّغَابِيسُ، والعشرق، وَمَا سَقَطَ مِنْ الشَّجَرِ، وَمَا أَنْبَتَ النَّاسُ.
[فَصْل الضَّمَان عَلَى مِنْ أَتْلَفَ الشَّجَر وَالْحَشِيش فِي الْحَرَم]
(٢٤١٦) فَصْلٌ: وَيَجِبُ فِي إتْلَافِ الشَّجَرِ وَالْحَشِيشِ الضَّمَانُ. وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ. وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَعَطَاءٍ.
وَقَالَ مَالِكٌ، وَأَبُو ثَوْرٍ، وَدَاوُد، وَابْنُ الْمُنْذِرِ: لَا يَضْمَنُ؛ لِأَنَّ الْمُحْرِمَ لَا يَضْمَنُهُ فِي الْحِلِّ، فَلَا يَضْمَنُ فِي الْحَرَمِ، كَالزَّرْعِ. وَقَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: لَا أَجِدُ دَلِيلًا أُوجِبُ بِهِ فِي شَجَرِ الْحَرَمِ، فَرْضًا مِنْ كِتَابٍ، وَلَا سُنَّةٍ، وَلَا إجْمَاعٍ، وَأَقُولُ كَمَا قَالَ مَالِكٌ: نَسْتَغْفِرُ اللَّهَ تَعَالَى، وَلَنَا، مَا رَوَى أَبُو هُشَيْمَةَ، قَالَ: رَأَيْت عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، أَمَرَ بِشَجَرٍ كَانَ فِي الْمَسْجِدِ يَضُرُّ بِأَهْلِ الطَّوَافِ، فَقُطِعَ، وَفَدَى. قَالَ: وَذَكَرَ الْبَقَرَةَ. رَوَاهُ حَنْبَلٌ فِي (الْمَنَاسِكِ) . وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ قَالَ: فِي الدَّوْحَةِ بَقَرَةٌ، وَفِي الْجَزْلَةِ شَاةٌ. وَالدَّوْحَةُ: الشَّجَرَةُ الْعَظِيمَةُ. وَالْجَزْلَةُ: الصَّغِيرَةُ. وَعَنْ عَطَاءٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute