بِالْحُرِّيَّةِ.
وَمَا ذَكَرُوهُ لَا يَصِحُّ؛ فَإِنَّ النَّسَبَ مَحْمُولٌ عَلَى الصِّحَّةِ، وَقَدْ يُلْحَقُ بِالْوَطْءِ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ وَالشُّبْهَةِ، فَلَا يَلْزَمُهُ بِحُكْمِ إقْرَارِهِ، مَا لَمْ يَتَضَمَّنْهُ لَفْظُهُ، وَلَمْ يُوجِبْهُ.
[فَصْلٌ كَانَ لَهُ أَمَةٌ لَهَا ثَلَاثَةُ أَوْلَادٍ لَا زَوْجَ لَهَا وَلَا أَقَرَّ بِوَطْئِهَا فَقَالَ أَحَدُ هَؤُلَاءِ وَلَدِي]
(٣٨٩٥) فَصْلٌ: وَإِذَا كَانَ لَهُ أَمَةٌ لَهَا ثَلَاثَةُ أَوْلَادٍ، لَا زَوْجَ لَهَا، وَلَا أَقَرَّ بِوَطْئِهَا، فَقَالَ: أَحَدُ هَؤُلَاءِ وَلَدِي. فَإِقْرَارُهُ صَحِيحٌ، وَيُطَالَبُ بِالْبَيَانِ، فَإِنْ عَيَّنَ أَحَدَهُمْ ثَبَتَ نَسَبُهُ وَحُرِّيَّتُهُ، ثُمَّ يُسْأَلُ عَنْ كَيْفِيَّةِ الِاسْتِيلَادِ، فَإِنْ قَالَ: كَانَ بِنِكَاحٍ. فَعَلَى الْوَالِدِ الْوَلَاءُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ مَسَّهُ رِقٌّ، وَالْأُمُّ وَوَلَدَاهَا الْآخَرَانِ رَقِيقٌ قِنٌّ.
وَإِنْ قَالَ: اسْتَوْلَدْتهَا فِي مِلْكِي. فَالْمُقَرُّ بِهِ حُرُّ الْأَصْلِ، لَا وَلَاءَ عَلَيْهِ، وَالْأَمَةُ أُمُّ وَلَدٍ. ثُمَّ إنْ كَانَ الْمُقَرُّ بِهِ الْأَكْبَرَ، فَأَخَوَاهُ أَبْنَاءُ أُمِّ وَلَدٍ، حُكْمُهُمَا حُكْمُهَا فِي الْعِتْقِ بِمَوْتِ سَيِّدِهَا. وَإِنْ كَانَ الْأَوْسَطَ، فَالْأَكْبَرُ قِنٌّ، وَالْأَصْغَرُ لَهُ حُكْمُ أُمِّهِ، وَإِنْ عَيَّنَ الْأَصْغَرَ، فَأَخَوَاهُ رَقِيقٌ قِنٌّ؛ لِأَنَّهَا وَلَدَتْهُمَا قَبْلَ الْحُكْمِ بِكَوْنِهَا أُمَّ وَلَدٍ، وَإِنْ قَالَ: هُوَ مِنْ وَطْءِ شُبْهَةٍ. فَالْوَلَدُ حُرُّ الْأَصْلِ، وَأَخَوَاهُ مَمْلُوكَانِ، وَإِنْ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يُبَيِّنَ، أَخَذَ وَرَثَتُهُ بِالْبَيَانِ، وَيَقُومُ بَيَانُهُمْ مَقَامَ بَيَانِهِ، فَإِنْ بَيَّنُوا النَّسَبَ وَلَمْ يُبَيِّنُوا الِاسْتِيلَادَ، ثَبَتَ النَّسَبُ وَحُرِّيَّةُ الْوَلَدِ، وَلَمْ يَثْبُتْ لِلْأُمِّ وَلَا لِوَلَدَيْهَا حُكْمُ الِاسْتِيلَادِ؛ لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مِنْ نِكَاحٍ أَوْ وَطْءِ شُبْهَةٍ، وَإِنْ لَمْ يُبَيِّنُوا النَّسَبُ، وَقَالُوا: لَا نَعْرِفُ ذَلِكَ، وَلَا الِاسْتِيلَادَ، فَإِنَّا نُرِيه الْقَافَةَ، فَإِنْ أَلْحَقُوا بِهِ وَاحِدًا مِنْهُمْ أَلْحَقْنَاهُ، وَلَا يَثْبُتُ حُكْمُ الِاسْتِيلَادِ لِغَيْرِهِ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ قَافَةٌ أُقْرِعَ بَيْنَهُمْ، فَمَنْ وَقَعَتْ لَهُ الْقُرْعَةُ عَتَقَ وَوَرِثَ.
وَبِهَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ، إلَّا أَنَّهُ لَا يُوَرِّثُهُ بِالْقُرْعَةِ. وَلَنَا، أَنَّهُ حُرٌّ اسْتَنَدَتْ حُرِّيَّتُهُ إلَى إقْرَارِ أَبِيهِ بِهِ، فَوَرِثَ، كَمَا لَوْ عَيَّنَهُ فِي إقْرَارِهِ.
[فَصْلٌ كَانَ لَهُ أَمَتَانِ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا وَلَدٌ فَقَالَ أَحَدُ هَذَيْنِ وَلَدِي مِنْ أَمَتِي]
(٣٨٩٦) فَصْلٌ: وَإِذَا كَانَ لَهُ أَمَتَانِ، لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا وَلَدٌ، فَقَالَ: أَحَدُ هَذَيْنِ وَلَدِي مِنْ أَمَتِي. نَظَرْت؛ فَإِنْ كَانَ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا زَوْجٌ يُمْكِنُ إلْحَاقُ الْوَلَدِ بِهِ، لَمْ يَصِحَّ إقْرَارُهُ، وَأُلْحِقَ الْوَلَدَانِ بِالزَّوْجَيْنِ.
وَإِنْ كَانَ لِإِحْدَاهُمَا زَوْجٌ دُونَ الْأُخْرَى، انْصَرَفَ الْإِقْرَارُ إلَى وَلَدِ الْأُخْرَى؛ لِأَنَّهُ الَّذِي يُمْكِنُ إلْحَاقُهُ بِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَوَاحِدَةٍ مِنْهُمَا زَوْجٌ، وَلَكِنْ أَقَرَّ السَّيِّدُ بِوَطْئِهِمَا، صَارَتَا فِرَاشًا، وَلَحِقَ وَلَدَاهُمَا بِهِ إذَا أَمْكَنَ أَنْ يُولَدَا بَعْدَ وَطْئِهِ، وَإِنْ أَمْكَنَ فِي إحْدَاهُمَا دُونَ الْأُخْرَى، انْصَرَفَ الْإِقْرَارُ إلَى مَنْ أَمْكَنَ؛ لِأَنَّهُ وَلَدُهُ حُكْمًا. وَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَقَرَّ بِوَطْءِ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا، صَحَّ إقْرَارُهُ وَثَبَتَتْ حُرِّيَّةُ الْمُقَرِّ بِهِ؛ لِأَنَّهُ أَقَرَّ بِنَسَبٍ صَغِيرٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute