وَوَلَدُ الْأَبِ بِإِجْمَاعِ أَهْلِ الْعِلْمِ. وَرَوَى جَابِرٌ، قَالَ: قُلْت: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَيْفَ أَصْنَعُ فِي مَالِي وَلِي أَخَوَاتٌ؟ قَالَ: فَنَزَلَتْ آيَةُ الْمِيرَاثِ: {يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ} [النساء: ١٧٦] . رَوَاهُ أَبُو دَاوُد. وَرُوِيَ أَنَّ جَابِرًا اشْتَكَى وَعِنْدَهُ سَبْعُ أَخَوَاتٍ، فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «قَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ فِي أَخَوَاتِك» . فَبَيَّنَ لَهُنَّ الثُّلُثَيْنِ. وَمَا زَادَ عَلَى الْأُخْتَيْنِ فِي حُكْمِهِمَا؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ لِلْأُخْتَيْنِ الثُّلُثَانِ، فَالثَّلَاثُ أُخْتَانِ فَصَاعِدًا. وَأَمَّا سُقُوطُ الْأَخَوَاتِ مِنْ الْأَبِ، بِاسْتِكْمَالِ وَلَدِ الْأَبَوَيْنِ الثُّلُثَيْنِ فَلِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى إنَّمَا فَرَضَ لِلْأَخَوَاتِ الثُّلُثَيْنِ، فَإِذَا أَخَذَهُ وَلَدُ الْأَبَوَيْنِ، لَمْ يَبْقَ مِمَّا فَرَضَهُ اللَّهُ تَعَالَى لِلْأَخَوَاتِ شَيْءٌ يَسْتَحِقُّهُ وَلَدُ الْأَبِ، فَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً مِنْ الْأَبَوَيْنِ، فَلَهَا النِّصْفُ بِنَصِّ الْكِتَابِ، وَبَقِيَ مِنْ الثُّلُثَيْنِ الْمَفْرُوضَةِ لِلْأَخَوَاتِ سُدُسٌ، يُكَمَّلُ بِهِ الثُّلُثَانِ، فَيَكُونُ لِلْأَخَوَاتِ لِلْأَبِ. وَلِذَلِكَ قَالَ الْفُقَهَاءُ: لَهُنَّ السُّدُسُ، تَكْمِلَةُ الثُّلُثَيْنِ فَإِنْ كَانَ وَلَدُ الْأَبِ ذُكُورًا وَإِنَاثًا، فَالْبَاقِي بَيْنَهُمْ؛ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً رِجَالا وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ} [النساء: ١٧٦] . وَلَا يُفَارِقُ وَلَدُ الْأَبِ مَعَ وَلَدِ الْأَبَوَيْنِ وَلَدَ الِابْنِ مَعَ وَلَدِ الصُّلْبِ، إلَّا فِي أَنَّ بِنْتَ الِابْنِ يَعْصِبُهَا ابْنُ أَخِيهَا وَمَنْ هُوَ أَنْزَلُ مِنْهَا، وَالْأُخْتُ مِنْ الْأَبِ لَا يَعْصِبُهَا إلَّا أَخُوهَا، فَلَوْ اسْتَكْمَلَ الْأَخَوَاتُ مِنْ الْأَبَوَيْنِ الثُّلُثَيْنِ، وَثَمَّ أَخَوَاتٌ مِنْ أَبٍ وَابْنِ أَخٍ لَهُنَّ، لَمْ يَكُنْ لِلْأَخَوَاتِ لِلْأَبِ شَيْءٌ، وَكَانَ الْبَاقِي لِابْنِ الْأَخِ؛ لِأَنَّ ابْنَ الِابْنِ وَإِنْ نَزَلَ ابْنٌ، وَابْنَ الْأَخِ لَيْسَ بِأَخٍ.
[فَصْل أَرْبَعَةٌ مِنْ الذُّكُورِ يَعْصِبُونَ أَخَوَاتِهِمْ فَيَمْنَعُونَهُنَّ الْفَرْضَ]
(٤٨٢٤) فَصْلٌ: أَرْبَعَةٌ مِنْ الذُّكُورِ يَعْصِبُونَ أَخَوَاتِهِمْ، فَيَمْنَعُونَهُنَّ الْفَرْضَ، وَيَقْتَسِمُونَ مَا وَرِثُوا لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ، وَهُمْ الِابْنُ، وَابْنُ الِابْنِ وَإِنْ نَزَلَ، وَالْأَخُ مِنْ الْأَبَوَيْنِ، وَالْأَخُ مِنْ الْأَبِ. وَسَائِرُ الْعُصُبَاتِ يَنْفَرِدُ الذُّكُورُ بِالْمِيرَاثِ دُونَ الْإِنَاثِ، وَهُمْ بَنُو الْأَخِ وَالْأَعْمَامِ، وَبَنُوهُمْ؛ وَذَلِكَ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ} [النساء: ١١] فَهَذِهِ الْآيَةُ تَنَاوَلَتْ الْأَوْلَادَ، وَأَوْلَادَ الِابْنِ. وَقَالَ تَعَالَى {وَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً رِجَالا وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ} [النساء: ١٧٦] . فَتَنَاوَلَتْ وَلَدَ الْأَبَوَيْنِ، وَوَلَدَ الْأَبِ. وَإِنَّمَا اشْتَرَكُوا؛ لِأَنَّ الرِّجَالَ وَالنِّسَاءَ كُلَّهُمْ وُرَّاثٌ، فَلَوْ فُرِضَ لِلنِّسَاءِ فَرْضٌ أَفْضَى إلَى تَفْضِيلِ الْأُنْثَى عَلَى الذَّكَرِ، أَوْ مُسَاوَاتِهَا إيَّاهُ، أَوْ إسْقَاطِهِ بِالْكُلِّيَّةِ، فَكَانَتْ الْمُقَاسَمَةُ أَعْدَلَ وَأَوْلَى. وَسَائِرُ الْعُصُبَاتِ لَيْسَ أَخَوَاتُهُمْ مِنْ أَهْلِ الْمِيرَاثِ، فَإِنَّهُنَّ لَسْنَ بِذَوَاتِ فَرْضٍ، وَلَا يَرِثْنَ مُنْفَرِدَاتٍ، فَلَا يَرِثْنَ مَعَ إخْوَتِهِنَّ شَيْئًا. وَهَذَا لَا خِلَافَ فِيهِ، بِحَمْدِ اللَّهِ وَمِنَّتِهِ.
[مَسْأَلَةٌ أَحْوَالُ الْأُمِّ فِي الْمِيرَاث]
(٤٨٢٥) مَسْأَلَةٌ؛ قَالَ: (وَلِلْأُمِّ الثُّلُثُ، إذَا لَمْ يَكُنْ إلَّا أَخٌ وَاحِدٌ أَوْ أُخْتٌ وَاحِدَةٌ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ، وَلَا وَلَدُ ابْنٍ. فَإِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ، أَوْ أَخَوَانِ، أَوْ أُخْتَانِ، فَلَيْسَ لَهَا إلَّا السُّدُسُ)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute