يُتْبَعُ بِهَا بَعْدَ الْعِتْقِ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ، بِنَاءً عَلَى اسْتِدَانَةِ الْعَبْدِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ. وَقَدْ ذُكِرَ فِي بَابِ الْمُصَرَّاةِ.
[تَزَوَّجَ أَمَةً ثُمَّ اشْتَرَاهَا بِإِذْنِ سَيِّدِهِ لِسَيِّدِهِ]
(٥٢٣٧) فَصْلٌ: وَإِنْ تَزَوَّجَ أَمَةً، ثُمَّ اشْتَرَاهَا بِإِذْنِ سَيِّدِهِ لِسَيِّدِهِ، لَمْ يُؤَثِّرْ ذَلِكَ فِي نِكَاحِهِ، وَإِنْ اشْتَرَاهَا لِنَفْسِهِ، وَقُلْنَا: إنَّ الْعَبْدَ لَا يَمْلِكُ بِالتَّمْلِيكِ. فَكَذَلِكَ، وَإِنْ قُلْنَا: يَمْلِكُ بِالتَّمْلِيكِ. انْفَسَخَ نِكَاحُهُ، كَمَا لَوْ اشْتَرَى الْحُرُّ امْرَأَتَهُ، وَلَهُ وَطْؤُهَا بِمِلْكِ الْيَمِينِ إذَا أَذِنَ لَهُ السَّيِّدُ، فَإِنْ كَانَ نِصْفُهُ حُرًّا، فَاشْتَرَاهَا فِي ذِمَّتِهِ، أَوْ بِمَا يَخْتَصُّ بِمِلْكِهِ، انْفَسَخَ نِكَاحُهُ؛ لِأَنَّهُ مَلَكَهَا وَحَلَّتْ لَهُ بِمِلْكِ يَمِينِهِ، وَإِنْ مَلَكَ بَعْضَهَا، انْفَسَخَ نِكَاحُهُ، وَلَمْ تَحِلَّ لَهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ جَمِيعَهَا.
وَإِنْ اشْتَرَاهَا بِعَيْنِ مَالٍ مُشْتَرَكٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ سَيِّدِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ، وَقُلْنَا: لَا تُفَرَّقُ الصَّفْقَةُ. لَمْ يَصِحَّ الْبَيْعُ، وَالنِّكَاحُ بِحَالِهِ. وَإِنْ قُلْنَا بِتَفْرِيقِهَا، صَحَّ فِي قَدْرِ مَالِهِ، وَانْفَسَخَ النِّكَاحُ؛ لِمِلْكِهِ بَعْضَهَا.
[اشْتَرَتْ الْحُرَّةُ زَوْجَهَا أَوْ مَلَكَتْهُ بِهِبَةٍ أَوْ غَيْرِهَا]
(٥٢٣٨) فَصْلٌ: وَإِنْ اشْتَرَتْ الْحُرَّةُ زَوْجَهَا، أَوْ مَلَكَتْهُ بِهِبَةٍ أَوْ غَيْرِهَا، انْفَسَخَ النِّكَاحُ؛ لِأَنَّ مِلْكَ النِّكَاحِ وَالْيَمِينِ يَتَنَافَيَانِ، لِاسْتِحَالَةِ كَوْنِ الشَّخْصِ مَالِكًا لِمَالِكِهِ؛ وَلِأَنَّ الْمَرْأَةَ تَقُولُ: أَنْفِقْ عَلَيَّ؛ لِأَنَّنِي امْرَأَتُك، وَأَنَا أُسَافِرُ بِك؛ لِأَنَّك عَبْدِي. وَيَقُولُ هُوَ: أَنْفِقِي عَلَيَّ؛ لِأَنَّنِي عَبْدُك، وَأَنَا أُسَافِرُ بِك؛ لِأَنَّك امْرَأَتِي. فَيَتَنَافَى ذَلِكَ، فَيَثْبُتُ أَقْوَاهُمَا، وَهُوَ مِلْكُ الْيَمِينِ، وَيَنْفَسِخُ النِّكَاحُ؛ لِأَنَّهُ أَضْعَفُ، وَلَهَا عَلَى سَيِّدِهِ الْمَهْرُ إنْ كَانَ بَعْدَ الدُّخُولِ، وَلَهُ عَلَيْهَا الثَّمَنُ، فَإِنْ كَانَا دَيْنَيْنِ مِنْ جِنْسٍ تَقَاصَّا وَتَسَاقَطَا إنْ كَانَا مُتَسَاوِيَيْنِ، وَإِنْ تَفَاضَلَا سَقَطَ الْأَقَلُّ مِنْهُمَا بِمِثْلِهِ، وَبَقِيَ الْفَاضِلُ، وَإِنْ اخْتَلَفَ جِنْسُهُمَا لَمْ يَتَسَاقَطَا، وَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا تَسْلِيمُ مَا عَلَيْهِ إلَى صَاحِبِهِ.
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِ: يَسْقُطُ مَهْرُهَا؛ لِأَنَّهُ دَيْنٌ فِي ذِمَّةِ الْعَبْدِ، فَإِذَا مَلَكَتْهُ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَثْبُتَ لَهَا دَيْنٌ فِي ذِمَّةِ عَبْدِهَا، كَمَا لَوْ أَتْلَفَ لَهَا مَالًا. وَهَذَا بِنَاءٍ مِنْهُ عَلَى أَنَّ الْمَهْرَ يَتَعَلَّقُ بِذِمَّةِ الْعَبْدِ، وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّهُ يَتَعَلَّقُ بِذِمَّةِ سَيِّدِهِ، فَلَا يُؤَثِّرُ مِلْكُ الْعَبْدِ فِي إسْقَاطِهِ. وَذَكَرَ الْقَاضِي فِيهِ وَجْهًا: أَنَّهُ يَسْقُطُ؛ لِأَنَّ ثُبُوتَ الدَّيْنِ فِي ذِمَّةِ السَّيِّدِ تَبَعٌ لِثُبُوتِهِ فِي ذِمَّةِ الْعَبْدِ، فَإِذَا سَقَطَ مِنْ ذِمَّةِ الْعَبْدِ سَقَطَ مِنْ ذِمَّةِ السَّيِّدِ تَبَعًا، كَالدَّيْنِ الَّذِي عَلَى الضَّامِنِ إذَا سَقَطَ مِنْ ذِمَّةِ الْمَضْمُونِ عَنْهُ
وَلَا يُعْرَفُ هَذَا فِي الْمَذْهَبِ، وَلَا أَنَّهُ يَثْبُتُ فِي الذِّمَّتَيْنِ جَمِيعًا، إحْدَاهُمَا تَبَعٌ لِلْأُخْرَى، بَلْ الْمَذْهَبُ عَلَى أَنَّهُ لَا يَسْقُطُ بَعْدَ الدُّخُولِ بِحَالٍ، فَأَمَّا إنْ كَانَ الشِّرَاءُ قَبْلَ الدُّخُولِ سَقَطَ نِصْفُهُ، كَمَا لَوْ طَلَّقَهَا قَبْلَ دُخُولِهِ بِهَا. وَفِي سُقُوطِ بَاقِيهِ وَجْهَانِ أَحَدُهُمَا: لَا يَسْقُطُ؛ لِأَنَّ زَوَالَ الْمِلْكِ إنَّمَا هُوَ بِفِعْلِ الْبَائِعِ، فَالْفَسْخُ إذًا مِنْ جِهَتِهِ، فَلَمْ يَسْقُطْ جَمِيعُ الْمَهْرِ كَالْخُلْعِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute