وَلَنَا، أَنَّ هَذَا الْوَلَدَ لَا يَعِيشُ عَادَةً، وَلَا يَتَحَقَّقُ أَنَّهُ يَحْيَا، فَلَا يَجُوزُ هَتْكُ حُرْمَةٍ مُتَيَقَّنَةٍ لَأَمْرٍ مَوْهُومٍ، وَقَدْ قَالَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «كَسْرُ عَظْمِ الْمَيِّتِ كَكَسْرِ عَظْمِ الْحَيِّ» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُد،
وَفِيهِ مُثْلَةٌ، وَقَدْ «نَهَى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ الْمُثْلَةِ» . وَفَارَقَ الْأَصْلَ؛ فَإِنَّ حَيَاتَهُ مُتَيَقَّنَةٌ، وَبَقَاءَهُ مَظْنُونٌ، فَعَلَى هَذَا إنْ خَرَجَ بَعْضُ الْوَلَدِ حَيًّا، وَلَمْ يُمْكِنْ إخْرَاجُهُ إلَّا بِشَقٍّ، شُقَّ الْمَحَلُّ، وَأُخْرِجَ؛ لِمَا ذَكَرْنَا. وَإِنْ مَاتَ عَلَى تِلْكَ الْحَالِ، فَأَمْكَنَ إخْرَاجُهُ، أُخْرِجَ وَغُسِّلَ.
وَإِنْ تَعَذَّرَ غُسْلُهُ تُرِكَ، وَغُسِّلَتْ الْأُمُّ، وَمَا ظَهَرَ مِنْ الْوَلَدِ، وَمَا بَقِيَ فَفِي حُكْمِ الْبَاطِنِ لَا يَحْتَاجُ إلَى التَّيَمُّمِ مِنْ أَجْلِهِ؛ لِأَنَّ الْجَمِيعَ كَانَ فِي حُكْمِ الْبَاطِنِ، فَظَهَرَ الْبَعْضُ، فَتَعَلَّقَ بِهِ الْحُكْمُ، وَمَا بَقِيَ فَهُوَ عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ. ذَكَرَ هَذَا ابْنُ عَقِيلٍ. وَقَالَ: هِيَ حَادِثَةٌ سُئِلْت عَنْهَا، فَأَفْتَيْت فِيهَا.
[فَصْلٌ بَلَعَ الْمَيِّتُ مَالًا]
(١٦٦٢) فَصْلٌ: وَإِنْ بَلَعَ الْمَيِّتُ مَالًا، لَمْ يَخْلُ مِنْ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ، فَإِنْ كَانَ لَهُ لَمْ يُشَقَّ بَطْنُهُ؛ لِأَنَّهُ اسْتَهْلَكَهُ فِي حَيَاتِهِ، وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ إنْ كَانَ يَسِيرًا تُرِكَ، وَإِنْ كَثُرَتْ قِيمَتُهُ، شُقَّ بَطْنُهُ وَأُخْرِجَ؛ لِأَنَّ فِيهِ حِفْظَ الْمَالِ عَنْ الضَّيَاعِ، وَنَفْعَ الْوَرَثَةِ الَّذِينَ تَعَلَّقَ حَقُّهُمْ بِمَالِهِ بِمَرَضِهِ. وَإِنْ كَانَ الْمَالُ لِغَيْرِهِ، وَابْتَلَعَهُ بِإِذْنِهِ، فَهُوَ كَمَالِهِ؛ لِأَنَّ صَاحِبَهُ أَذِنَ فِي إتْلَافِهِ.
وَإِنْ بَلَعَهُ غَصْبًا فَفِيهِ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا، لَا يُشَقُّ بَطْنُهُ، وَيُغَرَّمُ مِنْ تَرِكَتِهِ؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يُشَقَّ مِنْ أَجْلِ الْوَلَدِ الْمَرْجُوِّ حَيَاتُهُ، فَمِنْ أَجْلِ الْمَالِ أَوْلَى. وَالثَّانِي، يُشَقُّ إنْ كَانَ كَثِيرًا؛ لِأَنَّ فِيهِ دَفْعَ الضَّرَرِ عَنْ الْمَالِكِ بِرَدِّ مَالِهِ إلَيْهِ، وَعَنْ الْمَيِّتِ بِإِبْرَاءِ ذِمَّتِهِ، وَعَنْ الْوَرَثَةِ بِحِفْظِ التَّرِكَةِ لَهُمْ. وَيُفَارِقُ الْجَنِينَ مِنْ وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا، أَنَّهُ لَا يَتَحَقَّقُ حَيَاتَهُ. وَالثَّانِي، أَنَّهُ مَا حَصَلَ بِجِنَايَتِهِ. فَعَلَى هَذَا الْوَجْهِ الْأَوَّلِ إذَا بَلِيَ جَسَدُهُ، وَغَلَبَ عَلَى الظَّنِّ ظُهُورُ الْمَالِ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute