للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي جَمِيعِ الطَّرِيقِ، وَالطَّعَامُ بِخِلَافِ ذَلِكَ، وَيُعْتَبَرُ أَيْضًا قُدْرَتُهُ عَلَى الْآلَاتِ الَّتِي يَحْتَاجُ إلَيْهَا، كَالْغَرَائِرِ وَنَحْوِهَا، وَأَوْعِيَةِ الْمَاءِ وَمَا أَشْبَهَهَا؛ لِأَنَّهُ مِمَّا لَا يُسْتَغْنَى عَنْهُ، فَهُوَ كَأَعْلَافِ الْبَهَائِمِ.

[فَصْل الرَّاحِلَة الَّتِي تَشْتَرِط لِمَرِيدِ الْحَجّ]

(٢٢٠٦) فَصْلٌ: وَأَمَّا الرَّاحِلَةُ، فَيُشْتَرَطُ أَنْ يَجِدَ رَاحِلَةً تَصْلُحُ لِمِثْلِهِ، إمَّا شِرَاءً أَوْ كِرَاءٍ، لِذَهَابِهِ وَرُجُوعِهِ، وَيَجِدُ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ مِنْ آلَتِهَا الَّتِي تَصْلُحُ لِمِثْلِهِ، فَإِنْ كَانَ مِمَّنْ يَكْفِيهِ الرَّحْلُ وَالْقَتَبُ، وَلَا يَخْشَى السُّقُوطَ، أَجْزَأَ وُجُودُ ذَلِكَ.

وَإِنْ كَانَ مِمَّنْ لَمْ تَجْرِ عَادَتُهُ بِذَلِكَ، وَيَخْشَى السُّقُوطَ عَنْهُمَا، اُعْتُبِرَ وُجُودُ مَحْمِلٍ وَمَا أَشْبَهِهِ، مِمَّا لَا مَشَقَّةَ فِي رُكُوبِهِ، وَلَا يَخْشَى السُّقُوطَ عَنْهُ؛ لِأَنَّ اعْتِبَارَ الرَّاحِلَةِ فِي حَقِّ الْقَادِرِ عَلَى الْمَشْيِ، إنَّمَا كَانَ لِدَفْعِ الْمَشَقَّةِ، فَيَجِبُ أَنْ يُعْتَبَرَ هَاهُنَا مَا تَنْدَفِعُ بِهِ الْمَشَقَّةُ. وَإِنْ كَانَ مِمَّنْ لَا يَقْدِرُ عَلَى خِدْمَةِ نَفْسِهِ، وَالْقِيَامِ بِأَمْرِهِ اُعْتُبِرْت الْقُدْرَةُ عَلَى مَنْ يَخْدِمُهُ؛ لِأَنَّهُ مِنْ سَبِيلِهِ.

[فَصْل النَّفَقَة فِي الْحَجّ]

(٢٢٠٧) فَصْلٌ: وَيُعْتَبَرُ أَنْ يَكُونَ هَذَا فَاضِلًا عَمَّا يَحْتَاجُ إلَيْهِ لِنَفَقَةِ عِيَالِهِ الَّذِينَ تَلْزَمُهُ مَئُونَتُهُمْ، فِي مُضِيِّهِ وَرُجُوعِهِ؛ لِأَنَّ النَّفَقَةَ مُتَعَلِّقَةٌ بِحُقُوقِ الْآدَمِيِّينَ، وَهُمْ أَحْوَجُ، وَحَقُّهُمْ آكَدُ، وَقَدْ رَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «كَفَى بِالْمَرْءِ إثْمًا أَنْ يُضَيِّعَ مَنْ يَقُوتُ.» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد. وَأَنْ يَكُونَ فَاضِلًا عَمَّا يَحْتَاجُ هُوَ وَأَهْلُهُ إلَيْهِ، مِنْ مَسْكَنٍ وَخَادِمٍ وَمَا لَا بُدَّ مِنْهُ، وَأَنْ يَكُونَ فَاضِلًا عَنْ قَضَاءِ دَيْنِهِ؛ لِأَنَّ قَضَاءَ الدَّيْنِ مِنْ حَوَائِجِهِ الْأَصْلِيَّةِ، وَيَتَعَلَّقُ بِهِ حُقُوقُ الْآدَمِيِّينَ، فَهُوَ آكَدُ، وَلِذَلِكَ مَنَعَ الزَّكَاةَ، مَعَ تَعَلُّقِ حُقُوقِ الْفُقَرَاءِ بِهَا، وَحَاجَتِهِمْ إلَيْهَا، فَالْحَجُّ الَّذِي هُوَ خَالِصُ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى أَوْلَى، وَسَوَاءٌ كَانَ الدَّيْنُ لِآدَمِيٍّ مُعَيَّنٍ، أَوْ مِنْ حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى، كَزَكَاةٍ فِي ذِمَّتِهِ، أَوْ كَفَّارَاتٍ وَنَحْوِهَا.

وَإِنْ احْتَاجَ إلَى النِّكَاحِ، وَخَافَ عَلَى نَفْسِهِ الْعَنَتَ، قَدَّمَ التَّزْوِيجَ، لِأَنَّهُ وَاجِبٌ عَلَيْهِ، وَلَا غِنَى بِهِ عَنْهُ، فَهُوَ كَنَفَقَتِهِ، وَإِنْ لَمْ يَخَفْ، قَدَّمَ الْحَجَّ؛ لِأَنَّ النِّكَاحَ تَطَوُّعٌ، فَلَا يُقَدَّمُ عَلَى الْحَجَّ الْوَاجِبِ. وَإِنْ حَجَّ مَنْ تَلْزَمُهُ هَذِهِ الْحُقُوقُ وَضَيَّعَهَا، صَحَّ حَجُّهُ؛ لِأَنَّهَا مُتَعَلِّقَةٌ بِذِمَّتِهِ، فَلَا تَمْنَعُ صِحَّةَ فِعْلِهِ.

[فَصْل لَهُ عَقَار يَحْتَاج إلَيْهِ لِسُكْنَاهُ أَوْ سُكْنَى عِيَالِهِ أَيَجِبُ عَلَيْهِ الْحَجّ]

(٢٢٠٨) فَصْلٌ: وَمَنْ لَهُ عَقَارٌ يَحْتَاجُ إلَيْهِ لِسُكْنَاهُ، أَوْ سُكْنَى عِيَالِهِ، أَوْ يَحْتَاجُهُ إلَى أُجْرَتِهِ لِنَفَقَةِ نَفْسِهِ أَوْ عِيَالِهِ، أَوْ بِضَاعَةٌ مَتَى نَقَصَهَا اخْتَلَّ رِبْحُهَا فَلَمْ يَكْفِهِمْ، أَوْ سَائِمَةٌ يَحْتَاجُونَ إلَيْهَا، لَمْ يَلْزَمْهُ الْحَجُّ، وَإِنْ كَانَ لَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>