[فَصْل إجَابَةُ مَنْ سَأَلَ بِاَللَّهِ]
(٨٠١٧) فَصْلٌ: وَيُسْتَحَبُّ إجَابَةُ مَنْ سَأَلَ بِاَللَّهِ؛ لِمَا رَوَى ابْنُ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ اسْتَعَاذَ بِاَللَّهِ فَأَعِيذُوهُ، وَمَنْ سَأَلَكُمْ بِاَللَّهِ فَأَعْطُوهُ، وَمَنْ اسْتَجَارَ بِاَللَّهِ فَأَجِيرُوهُ، وَمَنْ أَتَى إلَيْكُمْ مَعْرُوفًا فَكَافِئُوهُ، فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا، فَادْعُوا لَهُ حَتَّى تَعْلَمُوا أَنْ قَدْ كَافَأْتُمُوهُ» وَعَنْ أَبِي ذَرٍّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «ثَلَاثَةٌ يُحِبُّهُمْ اللَّهُ، وَثَلَاثَةٌ يَبْغَضُهُمْ اللَّهُ؛ أَمَّا الَّذِينَ يُحِبُّهُمْ اللَّهُ؛ فَرَجُلٌ سَأَلَ قَوْمًا، فَسَأَلَهُمْ بِاَللَّهِ، وَلَمْ يَسْأَلْهُمْ بِقَرَابَةٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ، فَتَخَلَّفَ رَجُلٌ بِأَعْقَابِهِمْ، فَأَعْطَاهُ سِرًّا، لَا يَعْلَمُ بِعَطِيَّتِهِ إلَّا اللَّهُ - عَزَّ وَجَلَّ - وَاَلَّذِي أَعْطَاهُ، وَقَوْمٌ سَارُوا لَيْلَتَهُمْ حَتَّى إذَا كَانَ النَّوْمُ أَحَبَّ إلَيْهِمْ مِمَّا يَعْدِلُ بِهِ، فَوَضَعُوا رُءُوسَهُمْ، فَقَامَ يَتَمَلَّقُنِي وَيَتْلُو آيَاتِي، وَرَجُلٌ كَانَ فِي سَرِيَّةٍ، فَلَقُوا الْعَدُوَّ فَهُزِمُوا، فَأَقْبَلَ بِصَدْرِهِ حَتَّى يُقْتَلَ أَوْ يُفْتَحَ لَهُ، وَالثَّلَاثَةُ الَّذِينَ يَبْغَضُهُمْ اللَّهُ؛ الشَّيْخُ الزَّانِي، وَالْفَقِيرُ الْمُخْتَالُ، وَالْغَنِيُّ الظَّلُومُ» رَوَاهُمَا النَّسَائِيّ.
[فَصْلٌ قَالَ حَلَفْت وَلَمْ يَكُنْ حَلَفَ]
(٨٠١٨) فَصْلٌ: إذَا قَالَ: حَلَفْت. وَلَمْ يَكُنْ حَلَفَ، فَقَالَ أَحْمَدُ: هِيَ كِذْبَةٌ، لَيْسَ عَلَيْهِ يَمِينٌ. وَعَنْهُ: عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ؛ لِأَنَّهُ أَقَرَّ عَلَى نَفْسِهِ. وَالْأَوَّلُ هُوَ الْمَذْهَبُ، لِأَنَّهُ حُكْمٌ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ - تَعَالَى، فَإِذَا كَذَبَ فِي الْخَبَرِ بِهِ، لَمْ يَلْزَمْهُ حُكْمُهُ، كَمَا لَوْ قَالَ: مَا صَلَّيْت. وَقَدْ صَلَّى. وَلَوْ قَالَ: عَلَيَّ يَمِينٌ. وَنَوَى الْخَبَرَ، فَهِيَ كَاَلَّتِي قَبْلَهَا، وَإِنْ نَوَى الْقَسَمَ، فَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: هِيَ يَمِينٌ. وَهُوَ قَوْلُ أَصْحَابِ الرَّأْيِ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: لَيْسَ بِيَمِينٍ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْتِ بِاسْمِ اللَّهِ - تَعَالَى - الْمُعَظَّمِ، وَلَا صِفَتِهِ، فَلَمْ يَكُنْ يَمِينًا، كَمَا لَوْ قَالَ: حَلَفْت.
وَهَذَا أَصَحُّ، إنْ شَاءَ اللَّهُ؛ فَإِنَّ هَذِهِ لَيْسَتْ صِيغَةَ الْيَمِينِ وَالْقَسَمِ، وَإِنَّمَا هِيَ صِيغَةُ الْخَبَرِ، فَلَا يَكُونُ بِهَا حَالِفًا، وَإِنْ قُدِّرَ ثُبُوتُ حُكْمِهَا، لَزِمَهُ أَقَلُّ مَا يَتَنَاوَلُهُ الِاسْمُ، وَهُوَ يَمِينٌ مَا، وَلَيْسَتْ كُلُّ يَمِينٍ مُوجِبَةً لِلْكَفَّارَةِ، فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ. وَوَجْهُ الْأَوَّلِ، أَنَّهُ كِنَايَةٌ عَنْ الْيَمِينِ وَقَدْ نَوَى بِهَا الْيَمِينَ، فَتَكُونُ يَمِينًا، كَالصَّرِيحِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute