[بَابُ مَا يَنْقُضُ الطَّهَارَةَ] [مَسْأَلَة الَّذِي يَنْقُضُ الطَّهَارَةَ مَا خَرَجَ مِنْ قُبُلٍ أَوْ دُبُرٍ]
َ (٢٣٤) مَسْأَلَةٌ: قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ: وَاَلَّذِي يَنْقُضُ الطَّهَارَةَ مَا خَرَجَ مِنْ قُبُلٍ أَوْ دُبُرٍ. وَجُمْلَةُ ذَلِكَ أَنَّ الْخَارِجَ مِنْ السَّبِيلَيْنِ عَلَى ضَرْبَيْنِ: مُعْتَادٍ كَالْبَوْلِ وَالْغَائِطِ وَالْمَنِيِّ وَالْمَذْيِ وَالْوَدْيِ وَالرِّيحِ، فَهَذَا يَنْقُضُ الْوُضُوءَ إجْمَاعًا قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ خُرُوجَ الْغَائِطِ مِنْ الدُّبُرِ وَخُرُوجَ الْبَوْلِ مِنْ ذَكَرِ الرَّجُلِ وَقُبُلِ الْمَرْأَةِ وَخُرُوجَ الْمَذْيِ، وَخُرُوجَ الرِّيحِ مِنْ الدُّبُرِ أَحْدَاثٌ يَنْقُضُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهَا الطَّهَارَةَ، وَيُوجِبُ الْوُضُوءَ، وَدَمُ الِاسْتِحَاضَةِ يَنْقُضُ الطَّهَارَةَ فِي قَوْلِ عَامَّةِ أَهْلِ الْعِلْمِ إلَّا فِي قَوْلِ رَبِيعَةَ.
الضَّرْبُ الثَّانِي: نَادِرٌ كَالدَّمِ وَالدُّودِ وَالْحَصَا وَالشَّعْرِ فَيَنْقُضُ الْوُضُوءَ أَيْضًا، وَبِهَذَا قَالَ الثَّوْرِيُّ وَالشَّافِعِيُّ وَإِسْحَاقُ وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ. وَكَانَ عَطَاءٌ وَالْحَسَنُ وَأَبُو مِجْلَزٍ وَالْحَكَمُ وَحَمَّادٌ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَابْنُ الْمُبَارَكِ، يَرَوْنَ الْوُضُوءَ مِنْ الدُّودِ يَخْرُجُ مِنْ الدُّبُرِ، وَلَمْ يُوجِبْ مَالِكٌ الْوُضُوءَ مِنْ هَذَا الضَّرْبِ لِأَنَّهُ نَادِرٌ، أَشْبَهَ الْخَارِجَ مِنْ غَيْرِ السَّبِيلِ. وَلَنَا أَنَّهُ خَارِجٌ مِنْ السَّبِيلِ أَشْبَهَ الْمَذْيَ؛ وَلِأَنَّهُ لَا يَخْلُو مِنْ بِلَّةٍ تَتَعَلَّقُ بِهِ، فَيَنْتَقِضُ الْوُضُوءُ بِهَا، وَقَدْ «أَمَرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْمُسْتَحَاضَةَ بِالْوُضُوءِ لِكُلِّ صَلَاةٍ وَدَمُهَا نَادِرٌ غَيْرُ مُعْتَادٍ.»
[فَصْل الْمَرْأَةِ يَخْرُجُ مِنْ فَرْجِهَا الرِّيحُ هَلْ يَنْقُضُ الْوُضُوءَ]
(٢٣٥) فَصْلٌ: وَقَدْ نَقَلَ صَالِحٌ، عَنْ أَبِيهِ " فِي الْمَرْأَةِ يَخْرُجُ مِنْ فَرْجِهَا الرِّيحُ: مَا خَرَجَ مِنْ السَّبِيلَيْنِ فَفِيهِ الْوُضُوءُ. وَقَالَ الْقَاضِي: خُرُوجُ الرِّيحِ مِنْ الذَّكَرِ وَقُبُلِ الْمَرْأَةِ يَنْقُضُ الْوُضُوءَ. وَقَالَ ابْنُ عُقَيْلٍ: يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْأَشْبَهُ بِمَذْهَبِنَا فِي الرِّيحِ يَخْرُجُ مِنْ الذَّكَرِ أَنْ لَا يَنْقُضَ؛ لِأَنَّ الْمَثَانَةَ لَيْسَ لَهَا مَنْفَذٌ إلَى الْجَوْفِ، وَلَا جَعَلَهَا أَصْحَابُنَا جَوْفًا، وَلَمْ يُبْطِلُوا الصَّوْمَ بِالْحُقْنَةِ فِيهِ، وَلَا نَعْلَمُ لِهَذَا وُجُودًا، وَلَا نَعْلَمُ وُجُودَهُ فِي حَقِّ أَحَدٍ. وَقَدْ قِيلَ: إنَّهُ يُعْلَمُ وُجُودُهُ بِأَنْ يُحِسَّ الْإِنْسَانُ فِي ذَكَرِهِ دَبِيبًا.
وَهَذَا لَا يَصِحُّ فَإِنَّ هَذَا لَا يَحْصُلُ بِهِ الْيَقِينُ وَالطَّهَارَةُ لَا تَنْتَقِضُ بِالشَّكِّ. فَإِنْ قُدِّرَ وُجُودُ ذَلِكَ يَقِينًا نَقَضَ الطَّهَارَةَ؛ لِأَنَّهُ خَارِجٌ مِنْ أَحَدِ السَّبِيلَيْنِ، فَنَقَضَ قِيَاسًا عَلَى سَائِرِ الْخَوَارِجِ.
[فَصْل قَطَّرَ فِي إحْلِيلِهِ دُهْنًا ثُمَّ عَادَ فَخَرَجَ]
(٢٣٦) فَصْلٌ: وَإِنْ قَطَّرَ فِي إحْلِيلِهِ دُهْنًا، ثُمَّ عَادَ فَخَرَجَ نَقَضَ الْوُضُوءَ؛ لِأَنَّهُ خَارِجٌ مِنْ السَّبِيلِ، وَلَا يَخْلُو مِنْ بِلَّةٍ نَجِسَةٍ تَصْحَبُهُ فَيَنْتَقِضُ بِهَا الْوُضُوءُ، كَمَا لَوْ خَرَجَتْ مُنْفَرِدَةً. وَلَوْ احْتَشَى قُطْنًا فِي ذَكَرِهِ ثُمَّ خَرَجَ وَعَلَيْهِ بَلَلٌ، نَقَضَ الْوُضُوءَ؛ لِأَنَّهُ لَوْ خَرَجَ مُنْفَرِدًا لَنَقَضَ، فَكَذَلِكَ إذَا خَرَجَ مَعَ غَيْرِهِ. فَإِنْ خَرَجَ نَاشِفًا، فَفِيهِ وَجْهَانِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute