وَلَنَا، أَنَّهَا دِيَةُ آدَمِيٍّ حُرٍّ، فَوَجَبَ أَنْ تَكُونَ مَوْرُوثَةً عَنْهُ، كَمَا لَوْ وَلَدَتْهُ حَيًّا ثُمَّ مَاتَ، وَقَوْلُهُ: إنَّهُ عُضْوٌ مِنْ أَعْضَائِهَا. لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ عُضْوًا لَدَخَلَ بَدَلُهُ فِي دِيَةِ أُمِّهِ، كَيَدِهَا، وَلَمَّا مُنِعَ مِنْ الْقِصَاصُ مِنْ أُمِّهِ، وَإِقَامَةِ الْحَدِّ عَلَيْهَا مِنْ أَجْلِهِ، وَلَمَا وَجَبَتْ الْكَفَّارَةُ بِقَتْلِهِ، وَلَمَا صَحَّ عِتْقُهُ دُونَهَا، وَلَا عِتْقُهَا دُونَهُ، وَلَا تَصَوُّرُ حَيَاتِهِ بَعْدَ مَوْتِهَا، وَلِأَنَّ كُلَّ نَفْسٍ تُضْمَنُ بِالدِّيَةِ تُورَثُ، كَدِيَةِ الْحَيِّ.
فَعَلَى هَذَا، إذَا أَسْقَطَتْ جَنِينًا مَيِّتًا، ثُمَّ مَاتَتْ، فَإِنَّهَا تَرِثُ نَصِيبَهَا مِنْ دِيَته، ثُمَّ يَرِثُهَا وَرَثَتُهُ. وَإِنْ مَاتَتْ قَبْلَهُ ثُمَّ أَلْقَتْهُ مَيِّتًا لَمْ يَرِثْ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ، وَإِنْ خَرَجَ حَيًّا ثُمَّ مَاتَ قَبْلَهَا، ثُمَّ مَاتَتْ، فَإِنَّهَا تَرِثُ نَصِيبَهَا مِنْ دِيَتِهِ، ثُمَّ يَرِثُهَا وَرَثَتُهَا. وَإِنْ مَاتَتْ قَبْلَهُ، ثُمَّ أَلْقَتْهُ مَيِّتًا، لَمْ يَرِثْ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ. وَإِنْ خَرَجَ حَيًّا، ثُمَّ مَاتَتْ قَبْلَهُ ثُمَّ مَاتَ، أَوْ مَاتَتْ ثُمَّ خَرَجَ حَيًّا ثُمَّ مَاتَ، وَرِثَهَا، ثُمَّ يَرِثُهُ وَرَثَتُهُ. وَإِنْ اخْتَلَفَ وُرَّاثُهُمَا فِي أَوَّلِهِمَا مَوْتًا، فَحُكْمُهُمَا حُكْمُ الْغَرْقَى. عَلَى مَا ذُكِرَ فِي مَوْضِعِهِ. وَيَجِيءُ عَلَى قَوْلِ الْخِرَقِيِّ فِي الْمَسْأَلَةِ الَّتِي ذَكَرَهَا، إذَا مَاتَتْ امْرَأَةٌ وَابْنُهَا، أَنْ يَحْلِفَ وَرَثَةُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَيَخْتَصُّوا بِمِيرَاثِهِ، وَإِنْ أَلْقَتْ جَنِينًا مَيِّتًا، أَوْ حَيًّا ثُمَّ مَاتَ، ثُمَّ أَلْقَتْ آخَرَ حَيًّا، فَفِي الْمَيِّتِ غُرَّةٌ، وَفِي الْحَيِّ الْأَوَّلِ دِيَةٌ كَامِلَةٌ، إذَا كَانَ سُقُوطُهُ لَوَقْتٍ يَعِيشُ مِثْلُهُ، وَيَرِثُهُمَا الْآخَرُ، ثُمَّ يَرِثُهُ وَرَثَتُهُ إنْ مَاتَ.
وَإِنْ كَانَتْ الْأُمُّ قَدْ مَاتَتْ بَعْدَ الْأَوَّلِ وَقَبْلَ الثَّانِي، فَإِنَّ دِيَةَ الْأَوَّلِ تَرِثُ مِنْهَا الْأُمُّ وَالْجَنِينُ الثَّانِي، ثُمَّ إذَا مَاتَتْ الْأُمُّ، وَرِثَهَا الثَّانِي ثُمَّ يَصِيرُ مِيرَاثُهُ لِوَرَثَتِهِ. وَإِنْ مَاتَتْ الْأُمُّ بَعْدَهُمَا، وَرِثَتْهُمَا جَمِيعًا.
[فَصْلٌ ضَرَبَ بَطْن امْرَأَة فَأَلْقَتْ أَجِنَّة]
(٦٨٤٧) فَصْلٌ: وَإِذَا ضَرَبَ بَطْنَ امْرَأَةٍ، فَأَلْقَتْ أَجِنَّةً، فَفِي كُلِّ وَاحِدٍ غُرَّةٌ. وَبِهَذَا قَالَ الزُّهْرِيُّ، وَمَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ، وَإِسْحَاقُ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ. قَالَ: وَلَا أَحْفَظُ عَنْ غَيْرِهِمْ خِلَافَهُمْ. وَذَلِكَ لِأَنَّهُ ضَمَانُ آدَمِيٍّ، فَتَعَدَّدَ بِتَعَدُّدِهِ، كَالدِّيَاتِ. وَإِنْ أَلْقَتْهُمْ أَحْيَاءَ فِي وَقْتٍ يَعِيشُونَ فِي مِثْلِهِ ثُمَّ مَاتُوا، فَفِي كُلِّ وَاحِدَةٍ دِيَةٌ كَامِلَةٌ. وَإِنْ كَانَ بَعْضُهُمْ حَيًّا فَمَاتَ، وَبَعْضُهُمْ مَيِّتًا، فَفِي الْحَيِّ دِيَةٌ، وَفِي الْمَيِّتِ غُرَّةٌ.
[فَصْلٌ تَحْمِلُ الْعَاقِلَةُ دِيَةَ الْجَنِينِ إذَا مَاتَ مَعَ أُمّه]
(٦٨٤٨) فَصْلٌ: وَتَحْمِلُ الْعَاقِلَةُ دِيَةَ الْجَنِينِ إذَا مَاتَ مَعَ أُمِّهِ. نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ، إذَا كَانَتْ الْجِنَايَةُ عَلَيْهَا خَطَأً أَوْ شِبْهَ عَمْدٍ؛ لِمَا رَوَى الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَضَى فِي الْجَنِينِ بِغُرَّةِ عَبْدٍ أَوْ أَمَةٍ، عَلَى عَصَبَةِ الْقَاتِلَةِ. وَإِنْ كَانَ قَتْلُ الْأُمِّ عَمْدًا، أَوْ مَاتَ الْجَنِينُ وَحْدَهُ، لَمْ تَحْمِلْهُ الْعَاقِلَةُ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: تَحْمِلُهُ الْعَاقِلَةُ عَلَى كُلِّ حَالٍ، بِنَاءً عَلَى قَوْلِهِ: إنَّ الْعَاقِلَةَ تَحْمِلُ الْقَلِيلَ وَالْكَثِيرَ. وَالْجِنَايَةُ عَلَى الْجَنِينِ لَيْسَتْ بِعَمْدِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَحَقَّقُ وُجُودُهُ لِيَكُونَ مَقْصُودًا بِالضَّرْبِ. وَلَنَا، أَنَّ الْعَاقِلَةَ لَا تَحْمِلُ مَا دُونَ الثُّلُثِ، عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ، وَهَذَا دُونَ الثُّلُثِ. وَإِذَا مَاتَ وَحْدَهُ أَوْ مِنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute