وَلَا فِي أَقَلَّ مِنْ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ صَدَقَةٌ» . رَوَاهُ أَبُو عُبَيْدٍ.
وَرَوَى ابْنُ مَاجَهْ عَنْ ابْنِ عُمَرَ، وَعَائِشَةَ، «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَأْخُذُ مِنْ كُلِّ عِشْرِينَ دِينَارًا فَصَاعِدًا نِصْفَ دِينَارٍ، وَمِنْ الْأَرْبَعِينَ دِينَارًا دِينَارًا» . وَرَوَى سَعِيدٌ، وَالْأَثْرَمُ، عَنْ عَلِيٍّ: " فِي كُلِّ أَرْبَعِينَ دِينَارًا دِينَارًا، وَفِي كُلِّ عِشْرِينَ دِينَارًا نِصْفَ دِينَارٍ "، وَرَوَاهُ غَيْرُهُمَا مَرْفُوعًا إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
وَلِأَنَّهُ مَالٌ تَجِبُ الزَّكَاةُ فِي عَيْنِهِ، فَلَمْ يُعْتَبَرْ بِغَيْرِهِ، كَسَائِرِ الْأَمْوَالِ الزَّكَوِيَّةِ.
[فَصْلُ مَلَكَ ذَهَبًا أَوْ فِضَّةً مَغْشُوشَةً أَوْ مُخْتَلِطًا بِغَيْرِهِ]
(١٨٨٠) فَصْلٌ: وَمَنْ مَلَكَ ذَهَبًا، أَوْ فِضَّةً مَغْشُوشَةً، أَوْ مُخْتَلِطًا بِغَيْرِهِ، فَلَا زَكَاةَ فِيهِ، حَتَّى يَبْلُغَ قَدْرُ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ نِصَابًا؛ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ أَوَاقٍ مِنْ الْوَرِقِ صَدَقَةٌ.» فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ قَدْرَ مَا فِيهِ مِنْهُمَا، وَشَكَّ هَلْ بَلَغَ نِصَابًا أَوْ لَا، خُيِّرَ بَيْنَ سَبْكِهِمَا لِيَعْلَمَ قَدْرَ مَا فِيهِ مِنْهُمَا، وَبَيْنَ أَنْ يَسْتَظْهِرَ وَيُخْرِجَ، لِيَسْقُطَ الْفَرْضُ بِيَقِينٍ. فَإِنْ أَحَبَّ أَنْ يُخْرِجَ اسْتِظْهَارًا، فَأَرَادَ إخْرَاجَ الزَّكَاةِ مِنْ الْمَغْشُوشَةِ، نَظَرْت، فَإِنْ كَانَ الْغِشُّ لَا يَخْتَلِفُ، مِثْلُ أَنْ يَكُونَ الْغِشُّ فِي كُلِّ دِينَارٍ سُدُسَهُ، وَعَلِمَ ذَلِكَ، جَازَ أَنْ يُخْرِجَ مِنْهَا؛ لِأَنَّهُ يَكُونُ مُخْرِجًا لِرُبْعِ الْعُشْرِ.
وَإِنْ اخْتَلَفَ قَدْرُ مَا فِيهَا، أَوْ لَمْ يُعْلَمْ، لَمْ يَجُزْهُ الْإِخْرَاجُ مِنْهَا، إلَّا أَنْ يَسْتَظْهِرَهُ، بِحَيْثُ يَتَيَقَّنُ أَنَّ مَا أَخْرَجَهُ مِنْ الذَّهَبِ مُحِيطٌ بِقَدْرِ الزَّكَاةِ. وَإِنْ أَخْرَجَ عَنْهَا ذَهَبًا لَا غِشَّ فِيهِ، فَهُوَ أَفْضَلُ، وَإِنْ أَرَادَ إسْقَاطَ الْغِشِّ، وَإِخْرَاجَ الزَّكَاةِ عَنْ قَدْرِ مَا فِيهِ مِنْ الذَّهَبِ، كَمَنْ مَعَهُ أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ دِينَارًا، سُدُسُهَا غِشٌّ، فَأَسْقَطَ السُّدُسَ أَرْبَعَةً، وَأَخْرَجَ نِصْفَ دِينَارٍ عَنْ عِشْرِينَ، جَازَ؛ لِأَنَّهُ لَوْ سَبَكَهَا لَمْ يَلْزَمْهُ إلَّا ذَلِكَ، وَلِأَنَّ غِشَّهَا لَا زَكَاةَ فِيهِ، إلَّا أَنْ يَكُونَ فِضَّةً، وَلَهُ مِنْ الْفِضَّةِ مَا يَتِمُّ بِهِ النِّصَابُ، أَوْ لَهُ نِصَابٌ سِوَاهُ، فَيَكُونُ عَلَيْهِ زَكَاةُ الْغِشِّ حِينَئِذٍ. وَكَذَلِكَ إنَّ قُلْنَا بِضَمِّ أَحَدِ النَّقْدَيْنِ إلَى الْآخَرِ. وَإِذَا ادَّعَى رَبُّ الْمَالِ أَنَّهُ يَعْلَمُ الْغِشَّ، أَوْ أَنَّهُ اسْتَظْهَرَهُ وَأَخْرَجَ الْفَرْضَ، قُبِلَ مِنْهُ بِغَيْرِ يَمِينٍ.
وَإِنْ زَادَتْ قِيمَةُ الْمَغْشُوشِ بِالْغِشِّ، فَصَارَتْ قِيمَةُ الْعِشْرِينَ تُسَاوِي اثْنَيْنِ وَعِشْرِينَ، فَعَلَيْهِ إخْرَاجُ رُبْعِ عُشْرِهَا مِمَّا قِيمَتُهُ كَقِيمَتِهَا؛ لِأَنَّ عَلَيْهِ إخْرَاجَ زَكَاةِ الْمَالِ الْجَيِّدِ مِنْ جِنْسِهِ، بِحَيْثُ لَا يَنْقُصُ عَنْ قِيمَتِهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[مَسْأَلَةُ مِقْدَار زَكَاةَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ]
مَسْأَلَةٌ: قَالَ: (فَإِذَا تَمَّتْ، فَفِيهَا رُبْعُ الْعُشْرِ) . يَعْنِي إذَا تَمَّتْ الْفِضَّةُ مِائَتَيْنِ، وَالدَّنَانِيرُ عِشْرِينَ، فَالْوَاجِبُ فِيهَا رُبْعُ عُشْرِهَا. وَلَا نَعْلَمُ خِلَافًا بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي أَنَّ زَكَاةَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ رُبْعُ عَشْرِهَا، فَقَدْ ثَبَتَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «فِي الرِّقَةِ رُبْعُ الْعُشْرِ» وَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «هَاتُوا رُبْعَ الْعُشُورِ مِنْ كُلِّ أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا دِرْهَمًا، وَلَيْسَ فِي تِسْعِينَ وَمِائَةٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute