للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[كِتَابُ الرَّجْعَةِ]

ِ وَهِيَ ثَابِتَةٌ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالْإِجْمَاعِ؛ أَمَّا الْكِتَابُ فَقَوْلُ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ} [البقرة: ٢٢٨] إلَى قَوْلِهِ: {وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلاحًا} [البقرة: ٢٢٨] وَالْمُرَادُ بِهِ الرَّجْعَةُ عِنْدَ جَمَاعَةِ الْعُلَمَاءِ وَأَهْلِ التَّفْسِيرِ وَقَالَ تَعَالَى: {وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ} [البقرة: ٢٣١] أَيْ بِالرَّجْعَةِ وَمَعْنَاهُ إذَا قَارَبْنَ بُلُوغَ أَجَلِهِنَّ أَيْ انْقِضَاءَ عِدَّتِهِنَّ وَأَمَّا السُّنَّةُ، فَمَا رَوَى ابْنُ عُمَرَ قَالَ «طَلُقْت امْرَأَتِي وَهِيَ حَائِضٌ فَسَأَلَ عُمَرُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

وَرَوَى أَبُو دَاوُد عَنْ عُمَرَ قَالَ: «إنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - طَلَّقَ حَفْصَةَ ثُمَّ رَاجَعَهَا» وَأَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ أَنَّ الْحُرَّ إذَا طَلَّقَ الْحُرَّةَ دُونَ الثَّلَاثِ أَوْ الْعَبْدَ إذَا طَلَّقَ دُونَ الِاثْنَتَيْنِ أَنَّ لَهُمَا الرَّجْعَةَ فِي الْعِدَّةِ ذَكَرَهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ (٦٠٧٠) مَسْأَلَةٌ؛ قَالَ: (وَالزَّوْجَةُ إذَا لَمْ يُدْخَلْ بِهَا تُبِينُهَا تَطْلِيقَةٌ وَتُحَرِّمُهَا الثَّلَاثُ مِنْ الْحُرِّ وَالِاثْنَتَانِ مِنْ الْعَبْدِ) أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ غَيْرَ الْمَدْخُولِ بِهَا تَبِينُ بِطَلْقَةٍ وَاحِدَةٍ وَلَا يَسْتَحِقُّ مُطَلِّقُهَا رَجْعَتَهَا؛ وَذَلِكَ لِأَنَّ الرَّجْعَةَ إنَّمَا تَكُونُ فِي الْعِدَّةِ وَلَا عِدَّةَ قَبْلَ الدُّخُولِ؛ لِقَوْلِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحًا جَمِيلا} [الأحزاب: ٤٩] فَبَيَّنَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ أَنَّهُ لَا عِدَّةَ عَلَيْهَا فَتَبِينُ بِمُجَرَّدِ طَلَاقِهَا وَتَصِيرُ كَالْمَدْخُولِ بِهَا بَعْدَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا لَا رَجْعَةَ عَلَيْهَا وَلَا نَفَقَةَ لَهَا

وَإِنْ رَغِبَ مُطَلِّقُهَا فِيهَا فَهُوَ خَاطِبٌ مِنْ الْخُطَّابِ يَتَزَوَّجُهَا بِرِضَاهَا بِنِكَاحٍ جَدِيدٍ وَتَرْجِعُ إلَيْهِ بِطَلْقَتَيْنِ وَإِنْ طَلَّقَهَا اثْنَتَيْنِ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا رَجَعَتْ إلَيْهِ بِطَلْقَةٍ وَاحِدَةٍ بِغَيْرِ خِلَافٍ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ وَإِنْ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا بِلَفْظٍ وَاحِدٍ حَرُمَتْ عَلَيْهِ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ فِي قَوْلِ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ وَقَدْ ذَكَرْنَا ذَلِكَ فِيمَا مَضَى وَلَا خِلَافَ بَيْنَهُمْ فِي أَنَّ الْمُطَلَّقَةَ ثَلَاثًا بَعْدَ الدُّخُولِ لَا تَحِلُّ لَهُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ لِقَوْلِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ: {فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} [البقرة: ٢٣٠]

وَرَوَتْ عَائِشَةُ: «أَنَّ رِفَاعَةَ الْقُرَظِيَّ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ فَبَتَّ طَلَاقَهَا فَتَزَوَّجَتْ بَعْدَهُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الزُّبَيْرِ فَجَاءَتْ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -

<<  <  ج: ص:  >  >>