للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فَصْلٌ كَانَ الْمَبِيعُ نَخْلًا أَوْ شَجَرًا فَأَفْلَسَ الْمُشْتَرِي]

(٣٤٢٧) فَصْلٌ: إذَا كَانَ الْمَبِيعُ نَخْلًا أَوْ شَجَرًا، فَأَفْلَسَ الْمُشْتَرِي، لَمْ يَخْلُ مِنْ أَرْبَعَةِ أَحْوَالٍ: أَحَدِهَا، أَنْ يُفْلِسَ وَهِيَ بِحَالِهَا، لَمْ تَزِدْ وَلَمْ تُثْمِرْ وَلَمْ يَتْلَفْ بَعْضُهَا، فَلَهُ الرُّجُوعُ فِيهَا. الثَّانِي، أَنْ يَكُونَ فِيهَا ثَمَرٌ ظَاهِرٌ، أَوْ طَلْعٌ مُؤَبَّرٌ، وَيَشْتَرِطَهُ الْمُشْتَرِي، فَيَأْكُلَهُ، أَوْ يَتَصَرَّفَ فِيهِ، أَوْ يَذْهَبَ بِجَائِحَةٍ، ثُمَّ يُفْلِسَ، فَهَذَا فِي حُكْمِ مَا لَوْ اشْتَرَى عَيْنَيْنِ فَتَلِفَتْ إحْدَاهُمَا، ثُمَّ أَفْلَسَ، فَهَلْ لِلْبَائِعِ الرُّجُوعُ فِي الْأُصُولِ، وَيَضْرِبُ مَعَ الْغُرَمَاءِ بِحِصَّةِ التَّالِفِ مِنْ الثَّمَرِ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ

وَإِنْ تَلِفَ بَعْضهَا، فَهُوَ كَتَلَفِ جَمِيعِهَا. وَإِنْ زَادَتْ، أَوْ بَدَا صَلَاحُهَا، فَهَذِهِ زِيَادَةٌ مُتَّصِلَةٌ فِي إحْدَى الْعَيْنَيْنِ، وَقَدْ ذَكَرْنَا بَيَانَ حُكْمِهَا. الْحَالُ الثَّالِثُ، أَنْ يَبِيعَهُ نَخْلًا قَدْ أَطْلَعَتْ وَلَمْ تُؤَبَّرْ، أَوْ شَجَرًا فِيهَا ثَمَرَةٌ لَمْ تَظْهَرْ، فَهَذِهِ الثَّمَرَةُ تَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ الْمُطْلَقِ، فَإِنْ أَفْلَسَ بَعْدَ تَلَفِ الثَّمَرَةِ، أَوْ تَلَفِ بَعْضِهَا، أَوْ الزِّيَادَةِ فِيهَا، أَوْ بُدُوِّ صَلَاحٍ، فَحُكْمُ ذَلِكَ حُكْمُ تَلَفِ بَعْضِ الْمَبِيعِ وَزِيَادَتِهِ الْمُتَّصِلَةِ؛ لِأَنَّ الْمَبِيعَ كَانَ بِمَنْزِلَةِ الْعَيْنِ الْوَاحِدَةِ، وَلِهَذَا دَخَلَ الثَّمَرُ فِي مُطْلَقِ الْبَيْعِ، بِخِلَافِ الَّتِي قَبْلَهَا

الْحَالُ الرَّابِعُ، بَاعَهُ نَخْلًا حَائِلًا فَأَثْمَرَ، أَوْ شَجَرًا فَأَثْمَرَ، فَذَلِكَ عَلَى أَرْبَعَةِ أَضْرُبٍ؛ أَحَدِهَا، أَنْ يُفْلِسَ قَبْلَ تَأْبِيرِهَا، فَالطَّلْعُ زِيَادَةٌ مُتَّصِلَةٌ، تَمْنَعُ الرُّجُوعَ، عَلَى قَوْلِ الْخِرَقِيِّ، كَالسِّمَنِ وَالْكِبَرِ. وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَرْجِعَ فِي النَّخْلِ دُونَ الطَّلْعِ، لِأَنَّهُ يُمْكِنُ فَصْلُهُ، وَيَصِحُّ إفْرَادُهُ بِالْبَيْعِ، فَهُوَ كَالْمُؤَبَّرِ، بِخِلَافِ السِّمَنِ وَالْكِبَرِ. وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ حَامِدٍ. وَعَلَى رِوَايَةِ الْمَيْمُونِي، لَا يَمْنَعُ، بَلْ يَرْجِعُ، وَيَكُونُ الطَّلْعُ لِلْبَائِعِ، كَمَا لَوْ فُسِخَ بِعَيْبِ. وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْ الشَّافِعِيِّ

وَالْقَوْلُ الثَّانِي، يَرْجِعُ فِي الْأَصْلِ دُونَ الطَّلْعِ، وَكَذَلِكَ عِنْدَهُمْ الرَّدُّ بِالْعَيْبِ، وَالْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ. الضَّرْبُ الثَّانِي، أَفْلَسَ بَعْدَ التَّأْبِيرِ وَظُهُورِ الثَّمَرَةِ، فَلَا يَمْنَعُ الرُّجُوعَ. بِغَيْرِ خِلَافٍ، وَالطَّلْعُ لِلْمُشْتَرِي، إلَّا عَلَى قَوْلِ أَبِي بَكْرٍ. وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ، لِأَنَّ الثَّمَرَةَ لَا تَتْبَعُ فِي الْبَيْعِ الَّذِي ثَبَتَ بِتَرَاضِيهِمَا، فَفِي الْفَسْخِ الْحَاصِلِ بِغَيْرِ رِضَا الْمُشْتَرِي أَوْلَى. وَلَوْ بَاعَهُ أَرْضًا فَارِغَةً فَزَرَعَهَا الْمُشْتَرِي، ثُمَّ أَفْلَسَ، فَإِنَّهُ يَرْجِعُ فِي الْأَرْضِ دُونَ الزَّرْعِ، وَجْهًا وَاحِدًا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ فِعْلِ الْمُشْتَرِي

الضَّرْبُ الثَّالِثُ، أَفْلَسَ وَالطَّلْعُ غَيْرُ مُؤَبَّرٍ، فَلَمْ يَرْجِعْ حَتَّى أَبَّرَ، لَمْ يَكُنْ لَهُ الرُّجُوعُ، كَمَا لَوْ أَفْلَسَ بَعْدَ تَأْبِيرِهَا؛ لِأَنَّ الْعَيْنَ لَا تَنْتَقِلُ إلَّا بِاخْتِيَارِهِ لَهَا، وَهَذَا لَمْ يَخْتَرْهَا إلَّا بَعْدَ تَأْبِيرِهَا. فَإِنْ ادَّعَى الْبَائِعُ الرُّجُوعَ قَبْلَ التَّأْبِيرِ، وَأَنْكَرَهُ الْمُفْلِسُ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُفْلِسِ مَعَ يَمِينِهِ، لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ مِلْكِهِ، وَعَدَمُ زَوَالِهِ. وَإِنْ قَالَ لَهُ الْبَائِعُ: بِعْت بَعْدَ التَّأْبِيرِ، وَقَالَ الْمُفْلِسُ: بَلْ قَبْلَهُ. فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْبَائِعِ؛

<<  <  ج: ص:  >  >>