(٨١٩٩) فَصْلٌ: وَإِنْ قَالَ: لِلَّهِ عَلَيَّ صَوْمُ يَوْمِ الْعِيدِ. فَهَذَا نَذْرُ مَعْصِيَةٍ، عَلَى نَاذِرِهِ الْكَفَّارَةُ لَا غَيْرُ. نَقَلَهَا حَنْبَلٌ عَنْ أَحْمَدَ. وَفِيهِ رِوَايَةٌ أُخْرَى، أَنَّ عَلَيْهِ الْقَضَاءَ مَعَ الْكَفَّارَةِ، كَالْمَسْأَلَةِ الْمَذْكُورَة. وَالْأُولَى هِيَ الصَّحِيحَةُ.
قَالَهُ الْقَاضِي؛ لِأَنَّ هَذَا نَذْرُ مَعْصِيَةٍ، فَلَمْ يُوجِبْ قَضَاءً، كَسَائِرِ الْمَعَاصِي. وَفَارَقَ الْمَسْأَلَةَ الَّتِي قَبْلَهَا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ بِنَذْرِهِ الْمَعْصِيَةَ، وَإِنَّمَا وَقَعَ اتِّفَاقًا، وَهَا هُنَا تَعَمَّدَهَا بِالنَّذْرِ، فَلَمْ يَنْعَقِدْ نَذْرُهُ، وَيَدْخُلُ فِي قَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «لَا نَذْرَ فِي مَعْصِيَةٍ» . وَيَتَخَرَّجُ أَنْ لَا يَلْزَمَهُ شَيْءٌ؛ بِنَاءً عَلَى نَذْرِ الْمَعْصِيَةِ فِيمَا تَقَدَّمَ. وَإِنْ نَذَرَتْ الْمَرْأَةُ صَوْمَ يَوْمِ حَيْضِهَا وَنِفَاسِهَا، فَعَلَيْهَا الْكَفَّارَةُ لَا غَيْرُ. وَلَمْ أَعْلَمْ عَنْ أَصْحَابِنَا فِي هَذَا خِلَافًا.
(٨٢٠٠) مَسْأَلَةٌ؛ قَالَ: (وَإِنْ وَافَقَ قُدُومُهُ يَوْمًا مِنْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ، صَامَهُ، فِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ، رَحِمَهُ اللَّهُ. وَالرِّوَايَةُ الْأُخْرَى، لَا يَصُومُهُ وَيَصُومُ يَوْمًا مَكَانَهُ، وَيُكَفِّرُ كَفَّارَةَ يَمِينٍ) اخْتَلَفْت الرِّوَايَةُ عَنْ أَحْمَدَ، - رَحِمَهُ اللَّهُ -، فِي صِيَامِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ عَنْ الْفَرْضِ، وَقَدْ ذَكَرْنَا ذَلِكَ فِي الصِّيَامِ، فَإِنْ قُلْنَا: يَصُومُهَا عَنْ الْفَرْضِ. صَامَهَا هَاهُنَا، وَأَجْزَأَتْهُ. وَإِنْ قُلْنَا: لَا يَصُومُهَا. فَحُكْمُهُ حُكْمُ مَنْ وَافَقَ يَوْمَ الْعِيدِ، وَقَدْ مَضَى.
[فَصْلٌ قَالَ لِلَّهِ عَلَى صَوْمُ يُومِ يَقْدَمُ فُلَانٌ أَبَدًا]
(٨٢٠١) فَصْلٌ: وَإِنْ قَالَ: لِلَّهِ عَلَيَّ صَوْمُ يَوْمِ يَقْدَمُ فُلَانٌ أَبَدًا. أَوْ قَالَ: لِلَّهِ عَلَيَّ صَوْمُ يَوْمِ كُلِّ خَمِيسٍ أَبَدًا. لَزِمَهُ ذَلِكَ فِي الْمُسْتَقْبَلِ، فَأَمَّا الْيَوْمُ الَّذِي يَقْدَمُ فِيهِ، فَقَدْ مَضَى بَيَانُ حُكْمِهِ، وَلَا يَدْخُلُ فِي نَذْرِهِ ذَلِكَ الْيَوْمُ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ؛ لِأَنَّ رَمَضَانَ؛ لَا يُتَصَوَّرُ انْفِكَاكُهُ عَنْ دُخُولِ ذَلِكَ الْيَوْمِ فِيهِ، وَلَا يُمْكِنُهُ صَوْمُهُ عَنْ غَيْرِ رَمَضَانَ؛ لِأَنَّهُ لَا يُقْبَلُ ذَلِكَ. وَيَجِيءُ عَلَى قَوْلِ الْخِرَقِيِّ، أَنْ يَدْخُلَ فِي نَذْرِهِ، وَيُجْزِئُهُ صَوْمُهُ لِرَمَضَانَ وَنَذْرِهِ.
وَإِنْ وَافَقَ يَوْمَ عِيدٍ، أَوْ يَوْمًا مِنْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ، أَوْ يَوْمَ حَيْضٍ، فَفِيهِ مِنْ الِاخْتِلَافِ مَا قَدْ مَضَى. وَإِنْ وَجَبَ عَلَيْهِ صَوْمُ شَهْرَيْنِ عَنْ كَفَّارَةِ الظِّهَارِ أَوْ نَحْوِهِ، صَامَهُمَا عَنْ الْكَفَّارَةِ دُونَ النَّذْرِ؛ لِأَنَّهُ مَتَى نَوَى النَّذْرَ فِي ابْتِدَائِهِمَا، انْقَطَعَ التَّتَابُعُ، فَلَا يَقْدِرُ عَلَى التَّكْفِيرِ، فَحِينَئِذٍ يَقْضِي نَذْرَهُ، وَيُكَفِّرُ؛ لِأَنَّهُ تَرَكَ صَوْمَ النَّذْرِ مَعَ إمْكَانِهِ لِعُذْرٍ، وَيُفَارِقُ الْأَيَّامَ الَّتِي دَخَلَتْ فِي رَمَضَانَ، فَإِنَّهَا لَمْ تَدْخُلْ فِي نَذْرِهِ؛ لِعَدَمِ انْفِكَاكِهِ عَنْهَا، وَهَا هُنَا تَنْفَكُّ الْأَيَّامُ عَنْ دُخُولِ الْكَفَّارَةِ فِيهَا، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ نَذْرِهِ قَبْلَ وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ أَوْ بَعْدَهَا؛ لِأَنَّ الْأَيَّامَ الَّتِي فِي رَمَضَانَ لَا يَصِحُّ صَوْمُهَا عَنْ نَذْرِهِ، وَأَيَّامُ الْكَفَّارَةِ يَصِحُّ صَوْمُهَا عَنْ نَذْرِهِ، وَإِذَا نَوَاهَا عَنْ نَذْرِهِ، انْقَطَعَ التَّتَابُعُ، وَأَجْزَأَتْ عَنْ الْمَنْذُورِ.
وَإِنْ فَاتَتْهُ أَيَّامٌ كَثِيرَةٌ، لَزِمَتْهُ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ عَنْ الْجَمِيعِ، فَإِذَا كَفَّرَ ثُمَّ فَاتَهُ شَيْءٌ بَعْدَ ذَلِكَ، لَزِمَتْهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute