جَدَّهُمَا، ثُمَّ مَاتَ الْأَبُ، فَمَالُهُ بَيْنَهُمْ أَثْلَاثًا، ثُمَّ إذَا مَاتَ الْجَدُّ وَخَلَّفَ ابْنَتَيْ ابْنِهِ، فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ، وَلِلْكُبْرَى نِصْفُ الْبَاقِي، لِكَوْنِهَا مَوْلَاةَ نِصْفِهِ، يَبْقَى السُّدُسُ لِمَوَالِي الْأَبِ؛ لِأَنَّهُ مَوْلَى نِصْفِ الْجَدِّ، وَهُمْ ابْنَتَاهُ، فَيَحْصُلُ لِلْكُبْرَى ثُلُثُ الْمَالِ وَرُبُعُهُ، وَلِلصُّغْرَى رُبُعُهُ وَسُدُسُهُ، فَإِنْ كَانَتْ بِحَالِهَا، فَاشْتَرَتْ الْكُبْرَى وَأَبُوهَا أَخَاهُمَا لِأَبِيهِمَا، فَالْجَوَابُ فِيهَا كَاَلَّتِي قَبْلَهَا.
[بَاب مِيرَاثِ الْوَلَاء]
ِ يَعْنِي - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ - الْمِيرَاثَ بِالْوَلَاءِ. وَأَضَافَ الْمِيرَاثَ إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ سَبَبُهُ، فَإِنَّ الشَّيْءَ يُضَافُ إلَى سَبَبِهِ، كَمَا يُقَال: دِيَةُ الْخَطَأِ، وَدِيَةُ الْعَمْدِ. وَإِنَّمَا قُلْنَا ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْوَلَاءَ لَا يُورَثُ، وَإِنَّمَا يُورَثُ بِهِ. وَهَذَا قَوْلُ الْجُمْهُورِ. رُوِيَ نَحْوُ ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ، وَعُثْمَانَ، وَعَلِيٍّ، وَزَيْدٍ، وَابْنِ مَسْعُودٍ، وَابْنِ عُمَرَ، وَأُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ، وَأَبِي مَسْعُودٍ الْبَدْرِيِّ، وَأُبَيُّ بْنِ كَعْبٍ. وَبِهِ قَالَ عَطَاءٌ، وَطَاوُسٌ وَسَالِمٌ، الزُّهْرِيُّ، وَالْحَسَنُ، وَابْنُ سِيرِينَ، وَقَتَادَةُ، وَالشَّعْبِيُّ، وَإِبْرَاهِيمُ، وَمَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَهْلُ الْعِرَاقِ، وَدَاوُد. وَجَعَلَ شُرَيْحٌ الْوَلَاءَ مَوْرُوثًا كَالْمَالِ. وَلَنَا، قَوْلُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إنَّمَا الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ» . وَقَوْلُهُ: «الْوَلَاءُ لُحْمَةٌ كَلُحْمَةِ النَّسَبِ.» وَالنَّسَبُ يُورَثُ بِهِ وَلَا يُورَثُ، فَكَذَلِكَ الْوَلَاءُ. وَلِأَنَّ الْوَلَاءَ إنَّمَا يَحْصُلُ بِإِنْعَامِ السَّيِّدِ عَلَى عَبْدِهِ بِالْعِتْقِ، وَهَذَا الْمَعْنَى لَا يَنْتَقِلُ عَنْ الْمُعْتِقِ، فَكَذَلِكَ الْوَلَاءُ.
[مَسْأَلَةٌ إرْث النِّسَاء مِنْ الْوَلَاء]
(٥٠٢٤) مَسْأَلَةٌ؛ قَالَ: (وَلَا يَرِثُ النِّسَاءُ مِنْ الْوَلَاءِ إلَّا مَا أَعْتَقْنَ، أَوْ أَعْتَقَ مَنْ أَعْتَقْنَ، أَوْ كَاتَبْنَ، أَوْ كَاتَبَ مَنْ كَاتَبْنَ) ، وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي بِنْتِ الْمُعْتِقِ خَاصَّةً، أَنَّهَا تَرِثُ؛ لِمَا رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، «أَنَّهُ وَرَّثَ بِنْتَ حَمْزَةَ مِنْ الَّذِي أَعْتَقَهُ حَمْزَةُ» قَوْلُهُ: " وَلَا يَرِثُ النِّسَاءُ مِنْ الْوَلَاءِ ".؛ لِمَا قَدَّمْنَا مِنْ أَنَّ الْوَلَاءَ لَا يُورَثُ، وَلِهَذَا قَالَ: " إلَّا مَا أَعْتَقْنَ ". وَمُعْتَقَهُنَّ وَلَاؤُهُ لَهُنَّ، فَكَيْفَ يَرِثْنَهُ، وَالظَّاهِرُ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّ النِّسَاءَ لَا يَرِثْنَ بِالْوَلَاءِ إلَّا مَا أَعْتَقْنَ، أَوْ أَعْتَقَ مَنْ أَعْتَقْنَ، وَجَرَّ الْوَلَاءَ إلَيْهِنَّ مَنْ أَعْتَقْنَ. وَالْكِتَابَةُ كَذَلِكَ فَإِنَّهَا إعْتَاقٌ. قَالَ الْقَاضِي: هَذَا ظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ. وَالرِّوَايَةُ الَّتِي ذَكَرِهَا الْخِرَقِيِّ فِي ابْنَةِ الْمُعْتِقِ مَا وَجَدْتهَا مَنْصُوصَةً عَنْهُ. وَقَدْ قَالَ، فِي رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَقَدْ سَأَلَهُ: هَلْ كَانَ الْمَوْلَى لِحَمْزَةَ أَوْ لِابْنَتِهِ؟ فَقَالَ: لِابْنَتِهِ. فَقَدْ نَصَّ عَلَى أَنَّ ابْنَةَ حَمْزَةَ وَرِثَتْ بِوَلَاءِ نَفْسِهَا؛ لِأَنَّهَا هِيَ الْمُعْتِقَةُ. وَهَذَا قَوْلُ الْجُمْهُورِ، وَهُوَ قَوْلُ مَنْ سَمَّيْنَا فِي أَوَّلِ الْبَابِ مِنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ غَيْرَ شُرَيْحٍ. وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ؛ لِإِجْمَاعِ الصَّحَابَةِ وَمَنْ بَعْدَهُمْ عَلَيْهِ، وَلِأَنَّ الْوَلَاءَ لُحْمَةٌ كَلُحْمَةِ النَّسَبِ، وَالْمَوْلَى كَالنَّسِيبِ مِنْ الْأَخِ وَالْعَمِّ وَنَحْوِهِمَا، فَوَلَدُهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute