تَعْلَمُ أَنَّ مُوَكِّلَك قَدْ عَزَلَك. سُمِعَتْ دَعْوَاهُ. وَإِنْ طَلَبَ الْيَمِينَ مِنْ الْوَكِيلِ، حَلَفَ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ أَنَّ مُوَكِّلَهُ عَزَلَهُ؛ لِأَنَّ الدَّعْوَى عَلَيْهِ. وَإِنْ أَقَامَ الْخَصْمُ بَيِّنَةً بِالْعَزْلِ، سُمِعَتْ، وَانْعَزَلَ الْوَكِيلُ.
[فَصْلٌ شَهَادَةُ الْوَكِيلِ عَلَى مُوَكِّلِهِ]
(٣٨٠٩) فَصْلٌ: وَتُقْبَلُ شَهَادَةُ الْوَكِيلِ عَلَى مُوَكِّلِهِ؛ لِعَدَمِ التُّهْمَةِ، فَإِنَّهُ لَا يَجُرُّ بِهَا نَفْعًا، وَلَا يَدْفَعُ بِهَا ضَرَرًا. وَتُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لَهُ فِيمَا لَمْ يُوَكِّلْهُ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجُرُّ إلَى نَفْسِهِ نَفْعًا. وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لَهُ فِيمَا هُوَ وَكِيلٌ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ يُثْبِتُ لِنَفْسِهِ حَقًّا، بِدَلِيلِ أَنَّهُ إذَا وَكَّلَهُ فِي قَبْضِ حَقٍّ، فَشَهِدَ بِهِ لَهُ، ثَبَتَ اسْتِحْقَاقُ قَبْضِهِ، وَلِأَنَّهُ خَصْمٌ فِيهِ، بِدَلِيلِ أَنَّهُ يَمْلِكُ الْمُخَاصَمَةَ فِيهِ. فَإِنْ شَهِدَ بِمَا كَانَ وَكِيلًا فِيهِ بَعْدَ عَزْلِهِ، لَمْ تُقْبَلْ أَيْضًا، سَوَاءٌ كَانَ خَاصَمَ فِيهِ بِالْوَكَالَةِ أَوْ لَمْ يُخَاصِمْ.
وَبِهَذَا قَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ إنْ كَانَ لَمْ يُخَاصِمْ فِيهِ، قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ فِيهِ وَلَمْ يُخَاصِمْ فِيهِ، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ لَمْ يَكُنْ وَكِيلًا فِيهِ. وَلِلشَّافِعِي قَوْلَانِ كَالْمَذْهَبَيْنِ. وَلَنَا، أَنَّهُ بِعَقْدِ الْوَكَالَةِ صَارَ خَصْمًا فِيهِ، فَلَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُ فِيهِ، كَمَا لَوْ خَاصَمَ فِيهِ، وَفَارَقَ مَا لَمْ يَكُنْ وَكِيلًا فِيهِ؛ فَإِنَّهُ لَمْ يَكُنْ خَصْمًا فِيهِ.
[فَصْلٌ كَانَتْ الْأَمَةُ بَيْن نَفْسَيْنِ فَشَهِدَا أَنَّ زَوْجَهَا وَكَّلَ فِي طَلَاقِهَا]
(٣٨١٠) فَصْلٌ: إذَا كَانَتْ الْأَمَةُ بَيْنَ نَفْسَيْنِ، فَشَهِدَا أَنَّ زَوْجَهَا وَكَّلَ فِي طَلَاقِهَا، لَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُمَا؛ لِأَنَّهُمَا يَجُرَّانِ إلَى أَنْفُسِهِمَا نَفْعًا، وَهُوَ زَوَالُ حَقِّ الزَّوْجِ مِنْ الْبُضْعِ الَّذِي هُوَ مِلْكُهُمَا. وَإِنْ شَهِدَا بِعَزْلِ الْوَكِيلِ فِي الطَّلَاقِ، لَمْ تُقْبَلْ؛ لِأَنَّهُمَا يَجُرَّانِ إلَى أَنْفُسِهِمَا نَفْعًا، وَهُوَ إبْقَاءُ النَّفَقَةِ عَلَى الزَّوْجِ.
وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ ابْنَيْ الرَّجُلِ لَهُ بِالْوَكَالَةِ، وَلَا أَبَوَيْهِ؛ لِأَنَّهُمَا يُثْبِتَانِ لَهُ حَقَّ التَّصَرُّفِ، وَلَا يَثْبُتُ لِلْإِنْسَانِ حَقٌّ بِشَهَادَةِ ابْنِهِ وَلَا أَبِيهِ. وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ ابْنَيْ الْمُوَكِّلِ، وَلَا أَبَوَيْهِ بِالْوَكَالَةِ. وَقَالَ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ: تُقْبَلُ؛ لِأَنَّ هَذَا حَقٌّ عَلَى الْمُوَكِّلِ يَسْتَحِقُّ بِهِ الْوَكِيلُ الْمُطَالَبَةَ، فَقُبِلَتْ فِيهِ شَهَادَةُ قَرَابَةِ الْمُوَكِّلِ، كَالْإِقْرَارِ.
وَلَنَا، أَنَّ هَذِهِ شَهَادَةٌ يَثْبُتُ بِهَا حَقٌّ لِأَبِيهِ أَوْ ابْنِهِ، فَلَمْ تُقْبَلْ، كَشَهَادَةِ ابْنَيْ الْوَكِيلِ وَأَبَوَيْهِ، وَذَلِكَ لِأَنَّهُمَا يُثْبِتَانِ لِأَبِيهِمَا نَائِبًا مُتَصَرِّفًا لَهُ، وَفَارَقَ الشَّهَادَةَ عَلَيْهِ بِالْإِقْرَارِ، فَإِنَّهَا شَهَادَةٌ عَلَيْهِ مُتَمَحِّضَةٌ. وَلَوْ ادَّعَى الْوَكِيلُ الْوَكَالَةَ، فَأَنْكَرَهَا الْمُوَكِّلُ، فَشَهِدَ عَلَيْهِ ابْنَاهُ أَوْ أَبَوَاهُ، ثَبَتَتْ الْوَكَالَةُ وَأُمْضِيَ تَصَرُّفُهُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ شَهَادَةٌ عَلَيْهِ. وَإِنْ ادَّعَى الْمُوَكِّلُ أَنَّهُ تَصَرَّفَ بِوَكَالَتِهِ، وَأَنْكَرَ الْوَكِيلُ، فَشَهِدَ عَلَيْهِ أَبَوَاهُ أَوْ ابْنَاهُ، قُبِلَ أَيْضًا؛ لِذَلِكَ.
وَإِنْ ادَّعَى وَكِيلٌ لِمُوَكِّلِهِ الْغَائِبِ حَقًّا، وَطَالَبَ بِهِ، فَادَّعَى الْخَصْمُ أَنَّ الْمُوَكِّلَ عَزَلَهُ، وَشَهِدَ لَهُ بِذَلِكَ ابْنَا الْمُوَكِّلِ، قُبِلَتْ شَهَادَتُهُمَا، وَثَبَتَ الْعَزْلُ بِهَا؛ لِأَنَّهُمَا يَشْهَدَانِ عَلَى أَبِيهِمَا. وَإِنْ لَمْ يَدَّعِ الْخَصْمُ عَزْلَهُ، لَمْ تُسْمَعْ شَهَادَتُهُمَا؛ لِأَنَّهُمَا يَشْهَدَانِ لِمَنْ لَا يَدَّعِيهَا. فَإِنْ قَبَضَ الْوَكِيلُ، فَحَضَرَ الْمُوَكِّلُ، وَادَّعَى