(١٥٢٦) مَسْأَلَةٌ؛ قَالَ: (وَلَا يَجْعَلُ فِي عَيْنَيْهِ كَافُورًا) إنَّمَا كُرِهَ هَذَا لِأَنَّهُ يُفْسِدُ الْعُضْوَ وَيُتْلِفُهُ، وَلَا يُصْنَعُ مِثْلُهُ بِالْحَيِّ.
قَالَ أَحْمَدُ: مَا سَمِعْنَا إلَّا فِي الْمَسَاجِدِ. وَحُكِيَ لَهُ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَفْعَلُ، فَأَنْكَرَ أَنْ يَكُونَ ابْنُ عُمَرَ فَعَلَهُ، وَكَرِهَ ذَلِكَ.
[مَسْأَلَةٌ خُرُوج شَيْء يَسِير مِنْهُ بَعْد وَضَعَهُ فِي أَكْفَانه]
(١٥٢٧) مَسْأَلَةٌ؛ قَالَ: (وَإِنْ خَرَجَ مِنْهُ شَيْءٌ يَسِيرٌ بَعْدَ وَضْعِهِ فِي أَكْفَانِهِ، لَمْ يُعَدْ إلَى الْغُسْلِ، وَحُمِلَ) لَا نَعْلَمُ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي هَذَا خِلَافًا. وَالْوَجْهُ فِي ذَلِكَ أَنَّ إعَادَةَ الْغُسْلِ فِيهَا مَشَقَّةٌ شَدِيدَةٌ؛ لِأَنَّهُ يَحْتَاجُ إلَى إخْرَاجِهِ، وَإِعَادَةِ غُسْلِهِ وَغَسْلِ أَكْفَانِهِ، وَتَجْفِيفِهَا أَوْ إبْدَالِهَا، ثُمَّ لَا يُؤْمَنُ مِثْلُ هَذَا فِي الْمَرَّةِ الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ، فَسَقَطَ لِذَلِكَ، وَلَا يَحْتَاجُ أَيْضًا إلَى إعَادَةِ وُضُوئِهِ، وَلَا غَسْلِ مَوْضِعِ النَّجَاسَةِ، دَفْعًا لِهَذِهِ الْمَشَقَّةِ، وَيُحْمَلُ بِحَالِهِ.
وَيُرْوَى عَنْ الشَّعْبِيِّ أَنَّ ابْنَةً لَهُ لَمَّا لُفَّتْ فِي أَكْفَانِهَا. بَدَا مِنْهَا شَيْءٌ، فَقَالَ الشَّعْبِيُّ: ارْفَعُوا. فَأَمَّا إنْ كَانَ الْخَارِجُ كَثِيرًا فَاحِشًا فَمَفْهُومُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ هَاهُنَا أَنَّهُ يُعَادُ غُسْلُهُ إنْ كَانَ قَبْلَ تَمَامِ السَّبْعَةِ؛ لِأَنَّ الْكَثِيرَ يَتَفَاحَشُ، وَيُؤْمَنُ مِثْلُهُ فِي الْمَرَّةِ الثَّانِيَةِ، لِتَحَفُّظِهِمْ، بِالشَّدِّ وَالتَّلَجُّمِ وَنَحْوِهِ. وَرَوَاهُ إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ عَنْ أَحْمَدَ. قَالَ الْخَلَّالُ: وَخَالَفَهُ أَصْحَابُ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ، كُلُّهُمْ رَوَوْا عَنْهُ: لَا يُعَادُ إلَى الْغُسْلِ بِحَالٍ. قَالَ: وَالْعَمَلُ عَلَى مَا اُتُّفِقَ عَلَيْهِ؛ لِمَا ذَكَرْنَا مِنْ الْمَشَقَّةِ فِيهِ.
وَيَحْتَمِلُ أَنْ تُحْمَلَ الرِّوَايَتَانِ عَلَى حَالَتَيْنِ، فَالْمَوْضِعُ الَّذِي قَالَ لَا يُعَادُ غُسْلُهُ إذَا كَانَ يَسِيرًا وَيَخْفَى عَلَى الْمُشَيِّعِينَ، وَالْمَوْضِعُ الَّذِي أَمَرَ بِإِعَادَتِهِ إذَا كَانَ يَظْهَرُ لَهُمْ وَيَفْحُشُ.
[مَسْأَلَةٌ أَحَبَّ أَهْلُ الْمَيِّت أَنْ يَرَوْهُ]
(١٥٢٨) مَسْأَلَةٌ؛ قَالَ: (وَإِنْ أَحَبَّ أَهْلُهُ أَنْ يَرَوْهُ لَمْ يُمْنَعُوا) وَذَلِكَ لِمَا رُوِيَ عَنْ «جَابِرٍ قَالَ: لَمَّا قُتِلَ أَبِي جَعَلْت أَكْشِفُ الثَّوْبَ عَنْ وَجْهِهِ وَأَبْكِي، وَالنَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا يَنْهَانِي.» وَقَالَتْ عَائِشَةُ: «رَأَيْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُقَبِّلُ عُثْمَانَ بْنَ مَظْعُونٍ وَهُوَ مَيِّتٌ، حَتَّى رَأَيْت الدُّمُوعَ تَسِيلُ» . وَقَالَتْ: أَقْبَلَ أَبُو بَكْرٍ فَتَيَمَّمَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ مُسَجَّى بِبُرْدٍ حِبَرَةٍ فَكَشَفَ عَنْ وَجْهِهِ، ثُمَّ أَكَبَّ عَلَيْهِ فَقَبَّلَهُ، ثُمَّ بَكَى. فَقَالَ: بِأَبِي أَنْتَ يَا نَبِيَّ اللَّهِ، لَا يَجْمَعُ اللَّهُ عَلَيْك مَوْتَتَيْنِ. وَهَذِهِ أَحَادِيثُ صِحَاحٌ.
[مَسْأَلَةٌ تُكَفِّن الْمَرْأَة فِي خَمْسَة أَثْوَاب]
(١٥٢٩) مَسْأَلَةٌ؛ قَالَ: (وَالْمَرْأَةُ تُكَفَّنُ فِي خَمْسَةِ أَثْوَابٍ: قَمِيصٍ، وَمِئْزَرٍ، وَلِفَافَةٍ، وَمُقَنَّعَةٍ، وَخَامِسَةٍ تُشَدُّ بِهَا فَخِذَاهَا) قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: أَكْثَرُ مَنْ نَحْفَظُ عَنْهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ يَرَى أَنْ تُكَفَّنَ الْمَرْأَةُ فِي خَمْسَةِ أَثْوَابٍ، وَإِنَّمَا اُسْتُحِبَّ ذَلِكَ لِأَنَّ الْمَرْأَةَ تَزِيدُ فِي حَالِ حَيَاتِهَا عَلَى الرَّجُلِ فِي السَّتْرِ لِزِيَادَةِ عَوْرَتِهَا عَلَى عَوْرَتِهِ، فَكَذَلِكَ بَعْدَ الْمَوْتِ، وَلَمَّا كَانَتْ تَلْبَسُ الْمَخِيطَ فِي إحْرَامِهَا، وَهُوَ أَكْمَلُ أَحْوَالِ الْحَيَاةِ، اُسْتُحِبَّ إلْبَاسُهَا إيَّاهُ بَعْدَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute