مُدَاوَاتُهُ، فَيَكُونُ ذَلِكَ خَطَأً. وَهَلْ عَلَى الْجَارِحِ الْقَوَدُ؟ فِيهِ وَجْهَانِ، بِنَاءً عَلَى شَرِيكِ الْخَاطِئِ.
[مَسْأَلَةٌ دِيَةُ الْعَبْدِ]
(٦٦٤٦) مَسْأَلَةٌ: قَالَ: (وَدِيَةُ الْعَبْدِ قِيمَتُهُ، وَإِنْ بَلَغَتْ دِيَاتٌ) أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ أَنَّ فِي الْعَبْدِ، الَّذِي لَا تَبْلُغُ قِيمَتُهُ دِيَةَ الْحُرِّ، قِيمَتَهُ. وَإِنْ بَلَغَتْ قِيمَتُهُ دِيَةَ الْحُرِّ أَوْ زَادَتْ عَلَيْهَا، فَذَهَبَ أَحْمَدُ، - رَحِمَهُ اللَّهُ -، إلَى أَنَّ فِيهِ قِيمَتَهُ، بَالِغَةً مَا بَلَغَتْ، وَإِنْ بَلَغَتْ دِيَاتٍ، عَمْدًا كَانَ الْقَتْلُ أَوْ خَطَأً، سَوَاءٌ ضَمِنَ بِالْيَدِ أَوْ بِالْجِنَايَةِ. وَهَذَا قَوْلُ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، وَالْحَسَنِ، وَابْنِ سِيرِينَ، وَعُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَإِيَاسِ بْنِ مُعَاوِيَةَ، وَالزُّهْرِيِّ، وَمَكْحُولٍ، وَمَالِكٍ، وَالْأَوْزَاعِيِّ، وَالشَّافِعِيِّ، وَإِسْحَاقَ، وَأَبِي يُوسُفَ.
وَقَالَ النَّخَعِيُّ، وَالشَّعْبِيُّ، وَالثَّوْرِيُّ، وَأَبُو حَنِيفَةَ، وَمُحَمَّدٌ: لَا تَبْلُغُ بِهِ دِيَةَ الْحُرِّ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: يُنْتَقَصُ عَنْ دِيَةِ الْحُرِّ دِينَارًا، أَوْ عَشْرَةَ دَرَاهِمَ، الْقَدْرَ الَّذِي يُقْطَعُ بِهِ السَّارِقُ، وَهَذَا إذَا ضَمِنَ بِالْجِنَايَةِ، وَإِنْ ضَمِنَ بِالْيَدِ، بِأَنْ يَغْصِبَ عَبْدًا فَيَمُوتَ فِي يَدِهِ، فَإِنَّ قِيمَتَهُ تَجِبُ وَإِنْ زَادَتْ عَلَى دِيَةِ الْحُرِّ. وَاحْتَجُّوا بِأَنَّهُ ضَمَانُ آدَمِيٍّ، فَلَمْ يَزِدْ عَلَى دِيَةِ الْحُرِّ، كَضَمَانِ الْحُرِّ؛ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمَّا أَوْجَبَ فِي الْحُرِّ دِيَةً لَا تَزِيدُ، وَهُوَ أَشْرَفُ لِخُلُوصِهِ مِنْ نَقِيصَةِ الرِّقِّ، كَانَ تَنْبِيهًا عَلَى أَنَّ دِيَةَ الْعَبْدِ الْمَنْقُوصِ لَا يُزَادُ عَلَيْهَا، فَنَجْعَلُ مَالِيَّةَ الْعَبْدِ مِعْيَارًا لِلْقَدْرِ الْوَاجِبِ فِيهِ، مَا لَمْ يَزِدْ عَلَى الدِّيَةِ، فَإِذَا زَادَ، عَلِمْنَا خَطَأَ ذَلِكَ، فَنَرُدُّهُ إلَى دِيَةِ الْحُرِّ، كَأَرْشِ مَا دُونَ الْمُوضِحَةِ، يَجِبُ فِيهِ مَا تُخْرِجُهُ الْحُكُومَةُ، مَا لَمْ يَزِدْ عَلَى أَرْشِ الْمُوضِحَةِ، فَنَرُدُّهُ إلَيْهَا.
وَلَنَا، أَنَّهُ مَالٌ مُتَقَوِّمٌ، فَيُضْمَنُ بِكَمَالِ قِيمَتِهِ بَالِغَةً مَا بَلَغَتْ، كَالْفَرَسِ، أَوْ مَضْمُونٌ بِقِيمَتِهِ، فَكَانَتْ جَمِيعَ الْقِيمَةِ، كَمَا لَوْ ضَمِنَهُ بِالْيَدِ، وَيُخَالِفُ الْحُرَّ، فَإِنَّهُ لَيْسَ بِمَضْمُونِ بِالْقِيمَةِ، وَإِنَّمَا ضَمِنَ بِمَا قَدَّرَهُ الشَّرْعُ، فَلَمْ يَتَجَاوَزْهُ، وَلِأَنَّ ضَمَانَ الْحُرِّ لَيْسَ بِضَمَانِ مَالٍ؛ وَلِذَلِكَ لَمْ يَخْتَلِفْ بِاخْتِلَافِ صِفَاتِهِ، وَهَذَا ضَمَانُ مَالٍ، يَزِيدُ بِزِيَادَةِ الْمَالِيَّةِ، وَيَنْقُصُ بِنُقْصَانِهَا، فَاخْتَلَفَا. وَقَدْ حَكَى أَبُو الْخَطَّابِ، عَنْ أَحْمَدَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - رِوَايَةً أُخْرَى، أَنَّهُ لَا يُبْلَغُ بِالْعَبْدِ دِيَةُ الْحُرِّ. وَالْمَذْهَبُ الْأَوَّلُ.
[بَاب الْقَوَدِ]
ِ الْقَوَدُ: الْقِصَاصُ. وَلَعَلَّهُ إنَّمَا سُمِّيَ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمُقْتَصَّ مِنْهُ فِي الْغَالِبِ يُقَادُ بِشَيْءٍ يُرْبَطُ فِيهِ أَوْ بِيَدِهِ إلَى الْقَتْلِ، فَسُمِّيَ الْقَتْلُ قَوَدًا لِذَلِكَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute