للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَنَا، أَنَّهُ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ اسْتِعْمَالُهُ. فَأَشْبَهَ مَا لَوْ ظَنَّ أَنَّهُ يُدْرِكُ الْمَاءَ فِي الْوَقْتِ. وَإِنْ أَرَاقَ الْمَاءَ فِي الْوَقْتِ، أَوْ مَرَّ بِهِ فِي الْوَقْتِ فَلَمْ يَسْتَعْمِلْهُ، ثُمَّ عَدِمَ الْمَاءَ، يَتَيَمَّمُ وَيُصَلِّي. وَفِي الْإِعَادَةِ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا لَا يُعِيدُ؛ لِأَنَّهُ صَلَّى بِتَيَمُّمٍ صَحِيحٍ، تَحَقَّقَتْ شَرَائِطُهُ، فَهُوَ كَمَا لَوْ أَرَاقَهُ قَبْلَ الْوَقْتِ. وَالثَّانِي يُعِيدُ؛ لِأَنَّهُ وَجَبَتْ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ بِوُضُوءٍ، وَهُوَ قَدْ فَوَّتَ الْقُدْرَةَ عَلَى نَفْسِهِ، فَبَقِيَ فِي عُهْدَةِ الْوَاجِبِ، وَإِنْ وَهَبَهُ بَعْدَ دُخُولِ الْوَقْتِ لَمْ تَصِحَّ الْهِبَةُ، وَالْمَاءُ بَاقٍ عَلَى مِلْكِهِ، فَلَوْ تَيَمَّمَ مَعَ بَقَاءِ الْمَاءِ، لَمْ يَصِحَّ تَيَمُّمُهُ. وَإِنْ تَصَرَّفَ فِيهِ الْمَوْهُوبُ لَهُ، فَهُوَ كَمَا لَوْ أَرَاقَهُ.

[فَصْل نَسِيَ الْمَاء فِي رَحْلِهِ أَوْ مَوْضِعٍ يُمْكِنُهُ اسْتِعْمَالُهُ وَصَلَّى بِالتَّيَمُّمِ]

(٣٤٣) فَصْلٌ: إذَا نَسِيَ الْمَاءَ فِي رَحْلِهِ، أَوْ مَوْضِعٍ يُمْكِنُهُ اسْتِعْمَالُهُ، وَصَلَّى بِالتَّيَمُّمِ. فَقَدْ تَوَقَّفَ أَحْمَدُ، - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، وَقَطَعَ فِي مَوْضِعٍ أَنَّهُ لَا يُجْزِئُهُ. وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَأَبُو ثَوْرٍ: يُجْزِئُهُ. وَعَنْ مَالِكٍ كَالْمَذْهَبَيْنِ؛ لِأَنَّهُ مَعَ النِّسْيَانِ غَيْرُ قَادِرٍ عَلَى اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ، فَهُوَ كَالْعَادِمِ. وَلَنَا أَنَّهَا طَهَارَةٌ تَجِبُ مَعَ الذِّكْرِ، فَلَمْ تَسْقُطْ بِالنِّسْيَانِ، كَمَا لَوْ صَلَّى نَاسِيًا لِحَدَثِهِ، ثُمَّ ذَكَرَ، أَوْ صَلَّى الْمَاسِحُ، ثُمَّ بَانَ لَهُ انْقِضَاءُ مُدَّةِ الْمَسْحِ قَبْلَ صَلَاتِهِ، وَيُفَارِقُ مَا قَاسُوا عَلَيْهِ؛ فَإِنَّهُ غَيْرُ مُفَرِّطٍ، وَهَا هُنَا هُوَ مُفَرِّطٌ بِتَرْكِ الطَّلَبِ.

[فَصْل ضَلَّ عَنْ رَحْلِهِ الَّذِي فِيهِ الْمَاءُ أَوْ كَانَ يَعْرِفُ بِئْرًا فَضَاعَتْ عَنْهُ ثُمَّ وَجَدَهَا]

(٣٤٤) فَصْلٌ: وَإِنْ ضَلَّ عَنْ رَحْلِهِ الَّذِي فِيهِ الْمَاءُ، أَوْ كَانَ يَعْرِفُ بِئْرًا فَضَاعَتْ عَنْهُ، ثُمَّ وَجَدَهَا، فَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ كَالنَّاسِي. وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا إعَادَةَ عَلَيْهِ. وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِوَاجِدٍ لِلْمَاءِ، فَيَدْخُلُ فِي عُمُومِ قَوْله تَعَالَى: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا} [المائدة: ٦] ؛ وَلِأَنَّهُ غَيْرُ مُفَرِّطٍ، بِخِلَافِ النَّاسِي، وَإِنْ كَانَ الْمَاءُ مَعَ عَبْدِهِ، فَنَسِيَهُ الْعَبْدُ حَتَّى صَلَّى سَيِّدُهُ، احْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ كَالنَّاسِي، وَاحْتَمَلَ أَنْ لَا يُعِيدَ؛ لِأَنَّ التَّفْرِيطَ مِنْ غَيْرِهِ.

[فَصْل تَيَمُّم وَصَلَّى ثُمَّ بَانَ أَنَّهُ كَانَ بِقُرْبِهِ بِئْرًا أَوْ مَاءٌ]

(٣٤٥) فَصْلٌ: إذَا صَلَّى، ثُمَّ بَانَ أَنَّهُ كَانَ بِقُرْبِهِ بِئْرٌ أَوْ مَاءٌ، نُظِرَتْ، فَإِنْ كَانَتْ خَفِيَّةً بِغَيْرِ عَلَامَةٍ، وَطَلَبَ فَلَمْ يَجِدْهَا فَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُفَرِّطٍ. وَإِنْ كَانَتْ أَعْلَامُهُ ظَاهِرَةً، فَقَدْ فَرَّطَ، فَعَلَيْهِ الْإِعَادَةُ.

[مَسْأَلَة تَأْخِيرُ التَّيَمُّمِ]

(٣٤٦) مَسْأَلَةٌ: قَالَ: (وَالِاخْتِيَار تَأْخِيرُ التَّيَمُّمِ) ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ أَنَّ تَأْخِيرَ التَّيَمُّمِ أَوْلَى بِكُلِّ حَالٍ، وَهُوَ الْمَنْصُوصُ عَنْ أَحْمَدَ، وَرُوِيَ ذَلِكَ

<<  <  ج: ص:  >  >>