وَلِأَنَّ الْوَلَدَ حَدَثَ فِي مِلْكِهَا، فَأَشْبَهَ مَا حَدَثَ فِي يَدِهَا، وَلَا يُشْبِهُ حَقُّ التَّسْلِيمِ حَقَّ الِاسْتِيلَادِ، فَإِنْ حَقَّ الِاسْتِيلَادِ يَسْرِي، وَحَقَّ التَّسْلِيمِ لَا سِرَايَةَ لَهُ، فَإِنْ تَلِفَ فِي يَدِ الزَّوْجِ، وَكَانَتْ الْمَرْأَةُ قَدْ طَالَبَتْ بِهِ فَمَنَعَهَا، ضَمِنَهُ كَالْغَاصِبِ، وَإِلَّا لَمْ يَضْمَنْهُ؛ لِأَنَّهُ تَبَعٌ لِأُمِّهِ.
[فَصْلٌ حُكْم الصَّدَاقِ إذَا كَانَ جَارِيَةً]
(٥٦٤٦) فَصْلٌ: وَالْحُكْمُ فِي الصَّدَاقِ إذَا كَانَ جَارِيَةً، كَالْحُكْمِ فِي الْغَنَمِ، فَإِذَا وَلَدَتْ كَانَ الْوَلَدُ لَهَا، كَوَلَدِ الْغَنَمِ، إلَّا أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ فِي نِصْفِ الْأَصْلِ؛ لِأَنَّهُ يُفْضِي إلَى التَّفْرِيقِ بَيْنَ الْأُمِّ وَوَلَدِهَا فِي بَعْضِ الزَّمَانِ، وَكَمَا لَا يَجُوزُ التَّفْرِيقُ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ وَلَدِهَا فِي جَمِيعِ الزَّمَانِ، لَا يَجُوزُ فِي بَعْضِهِ، فَيَرْجِعُ أَيْضًا فِي نِصْفِ قِيمَتِهَا وَقْتَ مَا أَصْدَقَهَا لَا غَيْر.
[فَصْلٌ كَانَ الصَّدَاقُ بَهِيمَةً حَائِلًا فَحَمَلَتْ]
(٥٦٤٧) فَصْلٌ: وَإِنْ كَانَ الصَّدَاقُ بَهِيمَةً حَائِلًا، فَحَمَلَتْ فَالْحَمْلُ فِيهَا زِيَادَةٌ مُتَّصِلَةٌ، إنْ بَذَلَتْهَا لَهُ بِزِيَادَتِهَا، لَزِمَهُ قَبُولُهَا، وَلَيْسَ ذَلِكَ مَعْدُودًا نَقْصًا، وَلِذَلِكَ لَا يُرَدُّ بِهِ الْمَبِيعُ، وَإِنْ كَانَتْ أَمَةً، فَحَمَلَتْ، فَقَدْ زَادَتْ مِنْ وَجْهٍ لِأَجَلِ وَلَدِهَا، وَنَقَصَتْ مِنْ وَجْهٍ؛ لِأَنَّ الْحَمْلَ فِي النِّسَاءِ نَقْصٌ، لِخَوْفِ التَّلَفِ عَلَيْهَا حِينَ الْوِلَادَةِ، وَلِهَذَا يُرَدُّ بِهَا الْمَبِيعُ، فَحِينَئِذٍ لَا يَلْزَمُهَا بَذْلُهَا لِأَجْلِ الزِّيَادَةِ، وَلَا يَلْزَمُهُ قَبُولُهَا لِأَجْلِ النَّقْصِ، وَلَهُ نِصْفُ قِيمَتِهَا. وَإِنْ اتَّفَقَا عَلَى تَنْصِيفِهَا، جَازَ.
وَإِنْ أَصْدَقَهَا حَامِلًا، فَوَلَدَتْ، فَقَدْ أَصْدَقَهَا عَيْنَيْنِ الْجَارِيَةَ وَوَلَدَهَا، وَزَادَ الْوَلَدُ فِي مِلْكِهَا، فَإِنْ طَلَّقَهَا، فَرَضِيَتْ بِبَذْلِ النِّصْفِ مِنْ الْأُمِّ وَالْوَلَدِ جَمِيعًا، أُجْبِرَ عَلَى قَبُولِهِمَا؛ لِأَنَّهَا زِيَادَةٌ غَيْرُ مُتَمَيِّزَةٍ وَإِنْ لَمْ تَبْذُلْهُ، لَمْ يَجُزْ لَهُ الرُّجُوعُ فِي نِصْفِ الْوَلَد؛ لِزِيَادَتِهِ، وَلَا فِي نِصْفِ الْأُمِّ؛ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّفْرِقَةِ بَيْنَهَا وَبَيْنَ وَلَدِهَا، وَيَرْجِعُ بِنِصْفِ قِيمَةِ الْأُمِّ، وَفِي نِصْفِ الْوَلَدِ وَجْهَانِ؛ أَحَدُهُمَا، لَا يَسْتَحِقُّ نِصْفَ قِيمَتِهِ؛ لِأَنَّهُ حَالَةَ الْعَقْدِ لَا قِيمَةَ لَهُ، وَحَالَةَ الِانْفِصَالِ قَدْ زَادَ فِي مِلْكِهَا، فَلَا يُقَوَّمُ الزَّوْجُ بِزِيَادَتِهِ.
وَيُفَارِقُ وَلَدَ الْمَغْرُورِ، فَإِنَّ وَقْتَ الِانْفِصَالِ وَقْتُ الْحَيْلُولَةِ، فَلِهَذَا قُوِّمَ فِيهَا، بِخِلَافِ مَسْأَلَتِنَا. وَالثَّانِي، لَهُ نِصْفُ قِيمَتِهِ؛ لِأَنَّهُ أَصْدَقَهَا عَيْنَيْنِ، فَلَا يَرْجِعُ فِي إحْدَاهُمَا دُونَ الْأُخْرَى، وَيُقَوَّمُ حَالَةَ الِانْفِصَالِ؛ لِأَنَّهَا أَوَّلُ حَالَةِ إمْكَانِ تَقْوِيمِهِ. وَفِي الْمَسْأَلَةِ وَجْهٌ آخِرُ وَهُوَ أَنَّ الْحَمْلَ لَا حُكْمَ لَهُ، فَيَكُونُ كَأَنَّهُ حَادِثٌ.
[فَصْلٌ كَانَ الصَّدَاق مَكِيلًا أَوْ مَوْزُونًا فَنَقَصَ فِي يَدِ الزَّوْجِ قَبْلَ تَسْلِيمِهِ إلَيْهَا]
(٥٦٤٨) فَصْلٌ: إذَا كَانَ الصَّدَاقُ مَكِيلًا أَوْ مَوْزُونًا، فَنَقَصَ فِي يَدِ الزَّوْجِ قَبْلَ تَسْلِيمِهِ إلَيْهَا، أَوْ كَانَ غَيْرَ الْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute