وَهَذَا مَوْجُودٌ فِي مَسْأَلَتِنَا، فَجَرَى مَجْرَاهُ. وَتَعْلِيقُ الْحُكْمِ بِالْأُمِّ لَا يَمْنَعُ ثُبُوتَ الْحُكْمِ فِي غَيْرِهَا إذَا كَانَتْ مِثْلَهَا. الضَّرْبُ الثَّالِثُ، أَنْ يُشَبِّهَهَا بِظَهْرِ مِنْ تَحْرُمُ عَلَيْهِ عَلَى التَّأْبِيدِ سِوَى الْأَقَارِبِ، كَالْأُمَّهَاتِ الْمُرْضِعَاتِ، وَالْأَخَوَاتِ مِنْ الرَّضَاعَةِ، وَحَلَائِلِ الْآبَاءِ وَالْأَبْنَاءِ، وَأُمَّهَاتِ النِّسَاءِ، وَالرَّبَائِبِ اللَّائِي دَخَلَ بِأُمِّهِنَّ، فَهُوَ ظِهَارٌ أَيْضًا. وَالْخِلَافُ فِيهَا كَالَّتِي قَبْلَهَا. وَوَجْهُ الْمَذْهَبَيْنِ مَا تَقَدَّمَ، وَيَزِيدُ فِي الْأُمَّهَاتِ الْمُرْضِعَاتِ دُخُولُهَا فِي عُمُومِ الْأُمَّهَاتِ، فَتَكُونُ دَاخِلَةً فِي النَّصِّ، وَسَائِرُهُنَّ فِي مَعْنَاهَا، فَيَثْبُتُ فِيهِنَّ حُكْمُهَا.
[الْفَصْلُ الثَّانِي شَبَّهَ امْرَأَته بِظَهْرِ مَنْ تَحْرُمُ عَلَيْهِ تَحْرِيمًا مُؤَقَّتًا]
(٦١٦٥) الْفَصْلُ الثَّانِي: إذَا شَبَّهَهَا بِظَهْرِ مَنْ تَحْرُمُ عَلَيْهِ تَحْرِيمًا مُؤَقَّتًا؛ كَأُخْتِ امْرَأَتِهِ، وَعَمَّتِهَا، أَوْ الْأَجْنَبِيَّةِ. فَعَنْ أَحْمَدَ فِيهِ رِوَايَتَانِ؛ إحْدَاهُمَا، أَنَّهُ ظِهَارٌ. وَهُوَ اخْتِيَارُ الْخِرَقِيِّ وَقَوْلُ أَصْحَابِ مَالِكٍ. وَالثَّانِيَةُ، لَيْسَ بِظِهَارٍ. وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ لِأَنَّهَا غَيْرُ مُحَرَّمَةٍ عَلَى التَّأْبِيدِ، فَلَا يَكُونُ التَّشْبِيهُ بِهَا ظِهَارًا، كَالْحَائِضِ، وَالْمُحْرِمَةِ مِنْ نِسَائِهِ. وَوَجْهُ الْأَوَّلِ، أَنَّهُ شَبَّهَهَا بِمُحَرَّمَةٍ، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ شَبَّهَهَا بِالْأُمِّ، وَلِأَنَّ مُجَرَّدَ قَوْلِهِ: أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ. ظِهَارٌ إذَا نَوَى بِهِ الظِّهَارَ، وَالتَّشْبِيهُ بِالْمُحَرَّمَةِ تَحْرِيمٌ، فَكَانَ ظِهَارًا، فَأَمَّا الْحَائِضُ فَيُبَاحُ الِاسْتِمْتَاعُ بِهَا فِي غَيْرِ الْفَرْجِ، وَالْمُحَرَّمَةُ يَحِلُّ لَهُ النَّظَرُ إلَيْهَا، وَلَمْسُهَا مِنْ غَيْرِ شَهْوَةٍ،، وَلَيْسَ فِي وَطْءِ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا حَدٌّ بِخِلَافِ مَسْأَلَتنَا.
وَاخْتَارَ أَبُو بَكْرٍ أَنَّ الظِّهَارَ لَا يَكُونُ إلَّا مِنْ ذَوَاتِ الْمَحَارِمِ مِنْ النِّسَاءِ، قَالَ: فَبِهَذَا أَقُولُ.
[فَصْلٌ شَبَّهَهَا بِظَهْرِ أَبِيهِ أَوْ بِظَهْرِ غَيْرِهِ مِنْ الرِّجَالِ]
(٦١٦٦) فَصْلٌ: وَإِنْ شَبَّهَهَا بِظَهْرِ أَبِيهِ، أَوْ بِظَهْرِ غَيْرِهِ مِنْ الرِّجَالِ، أَوْ قَالَ: أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ الْبَهِيمَةِ. أَوْ: أَنْتِ عَلَيَّ كَالْمَيْتَةِ وَالدَّمِ. فَفِي ذَلِكَ كُلِّهِ رِوَايَتَانِ؛ إحْدَاهُمَا، أَنَّهُ ظِهَارٌ. قَالَ الْمَيْمُونِي: قُلْت لِأَحْمَدَ: إنْ ظَاهَرَ مِنْ ظَهْرِ الرَّجُلِ؟ . قَالَ: فَظَهْرُ الرَّجُلِ حَرَامٌ، يَكُونُ ظِهَارًا. وَبِهَذَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ صَاحِبُ مَالِكٍ، فِيمَا إذَا قَالَ: أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أَبِي. وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ جَابِرِ بْنِ زَيْدٍ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ، لَيْسَ بِظِهَارٍ. وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ؛ لِأَنَّهُ تَشْبِيهٌ بِمَا لَيْسَ بِمَحَلٍّ لِلِاسْتِمْتَاعِ، أَشْبَهَ مَا لَوْ قَالَ: أَنْتِ عَلَيَّ كَمَالِ زَيْدٍ. وَهَلْ فِيهِ كَفَّارَةٌ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ إحْدَاهُمَا - فِيهِ كَفَّارَةٌ؛ لِأَنَّهُ نَوْعُ تَحْرِيمٍ، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ حَرَّمَ مَالَهُ. وَالثَّانِيَةُ، لَيْسَ فِيهِ شَيْءٌ.
نَقَلَ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ أَحْمَدَ، فِي مَنْ شَبَّهَ امْرَأَتَهُ بِظَهْرِ الرَّجُلِ: لَا يَكُونُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute