مَا شَاءَ اللَّهُ - تَعَالَى - يُقَالُ: وَأَوَيْت أَنَا، وَآوَيْت غَيْرِي. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ} [الكهف: ١٠] وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَآوَيْنَاهُمَا إِلَى رَبْوَةٍ} [المؤمنون: ٥٠]
[فَصْلٌ وَإِنْ بَرَّ الْحَالِفِ زَوْجَتَهُ بِهَدِيَّةِ أَوْ غَيْرِهَا أَوْ أُجْتَمَعْ مَعَهَا فِيمَا لَيْسَ بِدَارٍ وَلَا بَيْتٍ]
(٨١٠٦) فَصْلٌ: وَإِنْ بَرَّهَا بِهَدِيَّةٍ أَوْ غَيْرِهَا، أَوْ اجْتَمَعَ مَعَهَا فِيمَا لَيْسَ بِدَارٍ وَلَا بَيْتٍ، لَمْ يَحْنَثْ، سَوَاءٌ كَانَتْ الدَّارُ سَبَبًا فِي يَمِينِهِ أَوْ لَمْ يَكُنْ؛ لِأَنَّهُ قَصَدَ جَفَاءَهَا بِهَذَا النَّوْعِ، فَلَمْ يَحْنَثْ بِغَيْرِهِ. وَإِنْ حَلَفَ لَا يَأْوِي مَعَهَا فِي دَارٍ لِسَبَبٍ، فَزَالَ السَّبَبُ الْمُوجِبُ لِيَمِينِهِ، مِثْلَ أَنْ كَانَ السَّبَبُ امْتِنَانَهَا بِهَا عَلَيْهِ، فَمَلَكَ الدَّارَ، أَوْ صَارَتْ لِغَيْرِهَا، فَأَوَى مَعَهَا فِيهَا، فَهَلْ يَحْنَثُ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ، تَقَدَّمَ ذِكْرُهُمَا وَتَعْلِيلُهُمَا.
[فَصْلٌ حَلَفَ أَنْ لَا يَدْخُلَ عَلَيْهَا فِيمَا لَيْسَ بِبَيْتِ أَيْ زَوْجَتِهِ]
(٨١٠٧) فَصْلٌ: فَإِنْ حَلَفَ أَنْ لَا يَدْخُلَ عَلَيْهَا فِيمَا لَيْسَ بِبَيْتٍ، فَحُكْمُهُ حُكْمُ الْمَسْأَلَةُ الَّتِي قَبْلَهَا؛ إذَا قَصَدَ جَفَاءَهَا، وَلَمْ يَكُنْ الْبَيْتُ سَبَبًا هَيَّجَ يَمِينَهُ، حَنِثَ، وَإِلَّا فَلَا. فَإِنْ دَخَلَ عَلَى جَمَاعَةٍ هِيَ فِيهِمْ، يَقْصِدُ الدُّخُولَ عَلَيْهَا مَعَهُمْ، حَنِثَ، وَكَذَلِكَ إنْ لَمْ يَقْصِدْ شَيْئًا. وَإِنْ اسْتَثْنَاهَا بِقَلْبِهِ، فَفِيهِ وَجْهَانِ؛ أَحَدُهُمَا: لَا يَحْنَثُ، كَمَا لَوْ حَلَفَ أَنْ لَا يُسَلِّمَ عَلَيْهَا، فَسَلَّمَ عَلَى جَمَاعَةٍ هِيَ فِيهِمْ، يَقْصِدُ بِقَلْبِهِ السَّلَامَ عَلَى غَيْرِهَا، فَإِنَّهُ لَا يَحْنَثُ.
وَالثَّانِي: يَحْنَثُ؛ لِأَنَّ الدُّخُولَ فِعْلٌ لَا يَتَمَيَّزُ، فَلَا يَصِحُّ تَخْصِيصُهُ بِالْقَصْدِ، وَقَدْ وُجِدَ فِي حَقِّ الْكُلِّ عَلَى السَّوَاءِ، وَهِيَ فِيهِمْ فَيَحْنَثُ بِهِ، كَمَا لَوْ لَمْ يَقْصِدْ اسْتِثْنَاءَهَا، وَفَارَقَ السَّلَامَ؛ فَإِنَّهُ قَوْلٌ يَصِحُّ تَخْصِيصُهُ بِالْقَصْدِ، وَلِهَذَا يَصِحُّ أَنْ يُقَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ إلَّا فُلَانًا. وَلَا يَصِحُّ أَنْ يُقَالَ دَخَلْت عَلَيْكُمْ إلَّا فُلَانًا. وَلِأَنَّ السَّلَامَ قَوْلٌ يَتَنَاوَلُ مَا يَتَنَاوَلُهُ الضَّمِيرُ فِي " عَلَيْكُمْ "، وَالضَّمِيرُ عَامٌ يَصِحُّ أَنْ يُرَادَ بِهِ الْخَاصُّ، فَصَحَّ أَنْ يُرَادَ بِهِ مَنْ سِوَاهَا، وَالْفِعْلُ لَا يَتَأَتَّى هَذَا فِيهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute