للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرُّجُوعُ إلَى نِصْفِ مِثْلِهَا أَوْ قِيمَتِهَا، بِخِلَافِ الْمَبِيعِ الْمَعِيبِ، وَالْمَفْرُوضُ لَمْ يَكُنْ سَمِينًا، فَلَمْ يَكُنْ لَهُ أَخْذُهُ، وَالْمَبِيعُ تَعَلَّقَ حَقُّهُ بِعَيْنِهِ، فَتَبِعَهُ ثَمَنُهُ فَأَمَّا إنْ نَقَصَ الصَّدَاقُ مِنْ وَجْهٍ وَزَادَ مِنْ وَجْهٍ، مِثْلُ أَنْ يَتَعَلَّمَ صَنْعَةً وَيَنْسَى أُخْرَى، أَوْ هَزْل وَتَعَلَّمَ، ثَبَتَ الْخِيَارُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَكَانَ لَهُ الِامْتِنَاعُ مِنْ الْعَيْنِ وَالرُّجُوعُ إلَى الْقِيمَةِ.

فَإِنْ اتَّفَقَا عَلَى نِصْفِ الْعَيْنِ جَازَ، وَإِنْ امْتَنَعَتْ الْمَرْأَةُ مِنْ بَذْلِ نِصْفِهَا، فَلَهَا ذَلِكَ لِأَجْلِ الزِّيَادَةِ، وَإِنْ امْتَنَعَ هُوَ مِنْ الرُّجُوعِ فِي نِصْفِهَا، فَلَهُ ذَلِكَ لِأَجْلِ النَّقْصِ، وَإِذَا امْتَنَعَ أَحَدُهُمَا، رَجَعَ فِي نِصْفِ قِيمَتِهَا.

(٥٥٨٥) فَصْلٌ: فَإِنْ كَانَتْ الْعَيْنُ تَالِفَةً وَهِيَ مِنْ ذَوَاتِ الْأَمْثَالِ، رَجَعَ فِي نِصْفِ مِثْلِهَا، وَإِلَّا رَجَعَ فِي نِصْفِ قِيمَتِهَا أَقَلُّ مَا كَانَتْ مِنْ حِينِ الْعَقْدِ إلَى حِينِ الْقَبْضِ أَوْ إلَى حِينِ التَّمْكِينِ مِنْهُ، عَلَى مَا ذَكَرْنَا مِنْ الِاخْتِلَافِ؛ لِأَنَّ الْعَيْنَ إنْ زَادَتْ، فَالزِّيَادَةُ لَهَا تَخْتَصُّ بِهَا، وَإِنْ نَقَصَتْ قَبْلَ ذَلِكَ، فَالنَّقْصُ مِنْ ضَمَانِهِ. وَإِنْ طَلَّقَهَا قَبْلَ قَبْضِ الصَّدَاقِ وَقَبْلَ الدُّخُولِ، وَقَدْ زَادَتْ زِيَادَةً مُنْفَصِلَةً، فَهِيَ لَهَا، تَنْفَرِدُ بِهَا، وَتَأْخُذُ نِصْفَ الْأَصْلِ. وَإِنْ كَانَتْ الزِّيَادَةُ مُتَّصِلَةً، فَلَهَا الْخِيَارُ بَيْنَ أَنْ تَأْخُذَ النِّصْفَ وَيَبْقَى لَهُ النِّصْفُ، وَبَيْنَ أَنْ تَأْخُذَ الْكُلَّ وَتَدْفَعَ إلَيْهِ قِيمَةَ النِّصْفِ غَيْرَ زَائِدَةٍ. وَإِنْ كَانَ نَاقِصًا، فَلَهَا الْخِيَارُ بَيْنَ أَخْذِهِ نَاقِصًا وَبَيْنَ مُطَالَبَتِهِ بِنِصْفِ قِيمَتِهِ غَيْرَ نَاقِصٍ.

[فَصْلٌ أَصْدَقَهَا نَخْلًا حَائِلًا فَأَطْلَعَتْ ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ]

(٥٥٨٦) فَصْلٌ: إذَا أَصْدَقَهَا نَخْلًا حَائِلًا، فَأَطْلَعَتْ، ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ، فَلَهُ نِصْفُ قِيمَتِهَا وَقْتَ مَا أَصْدَقَهَا، وَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ فِي نِصْفِهَا؛ لِأَنَّهَا زَائِدَةٌ زِيَادَةً مُتَّصِلَةً، فَأَشْبَهْت الْجَارِيَةَ إذَا سَمِنَتْ، وَسَوَاءٌ كَانَ الطَّلْعُ مُؤَبَّرًا أَوْ غَيْرَ مُؤَبَّرٍ؛ لِأَنَّهُ مُتَّصِلٌ بِالْأَصْلِ، وَلَا يَجِبُ فَصْلُهُ عَنْهُ فِي هَذِهِ الْحَالِ، فَأَشْبَهَ السِّمَنَ وَتَعَلُّمَ الصِّنَاعَةِ. فَإِنْ بَذَلَتْ لَهُ الْمَرْأَةُ الرُّجُوعَ فِيهَا مَعَ طَلْعِهَا، أُجْبِرَ عَلَى ذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا زِيَادَةٌ مُتَّصِلَةٌ لَا يَجِبُ فَصْلُهَا.

وَإِنْ قَالَ: اقْطَعِي ثَمَرَتَك، حَتَّى أَرْجِعَ فِي نِصْفِ الْأَصْلِ. لَمْ يَلْزَمْهَا، لِأَنَّ عُرْفَ هَذِهِ الثَّمَرَةِ أَنَّهَا لَا تُؤْخَذُ إلَّا بِالْجُذَاذِ، بِدَلِيلِ الْبَيْعِ، وَلِأَنَّ حَقَّ الزَّوْجِ انْتَقَلَ إلَى الْقِيمَةِ، فَلَمْ يَعُدْ إلَى الْعَيْنِ إلَّا بِرِضَاهَا، فَإِنْ قَالَتْ الْمَرْأَةُ: اُتْرُكْ الرُّجُوعَ حَتَّى أَجُذَّ ثَمَرَتِي وَتَرْجِعَ فِي نِصْفِ الْأَصْلِ، أَوْ ارْجِعْ فِي الْأَصْلِ وَأَمْهِلْنِي حَتَّى أَقْطَعَ الثَّمَرَةَ. أَوْ قَالَ الزَّوْجُ: أَنَا أَصْبِرُ حَتَّى إذَا جَذَذْت ثَمَرَتَك رَجَعْت فِي الْأَصْلِ، أَوْ قَالَ: أَنَا أَرْجِعُ فِي الْأَصْلِ وَأَصْبِرُ حَتَّى تَجُذِّي ثَمَرَتَك. لَمْ يَلْزَمْ وَاحِدًا مِنْهُمَا قَبُولُ قَوْلِ الْآخِرِ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ انْتَقَلَ إلَى الْقِيمَةِ، فَلَمْ يَعُدْ إلَى الْعَيْنِ إلَّا بِرِضَاهُمَا.

وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَلْزَمَهَا قَبُولُ مَا عَرَضَ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّ الضَّرَرَ عَلَيْهِ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ بَذَلَتْ لَهُ نِصْفَهَا مَعَ طَلْعِهَا، وَكَمَا لَوْ وَجَدَ الْعَيْنَ نَاقِصَةً فَرَضِيَ بِهَا، وَإِنْ تَرَاضَيَا عَلَى شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ، جَازَ وَالْحُكْمُ فِي سَائِرِ الشَّجَرِ، كَالْحُكْمِ فِي النَّخْلِ. وَإِخْرَاجُ النُّورِ فِي الشَّجَرِ بِمَنْزِلَةِ الطَّلْعِ الَّذِي لَمْ يُؤَبَّرْ،

<<  <  ج: ص:  >  >>