ثَابِتًا. وَحُكِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ الصَّلَاةِ تَسْقُطُ عَنْهُ. وَذَكَرَ الْقَاضِي أَنَّ هَذَا ظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ فِي رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ يَزِيدَ؛ لِمَا رُوِيَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّهُ قِيلَ لَهُ فِي مَرَضِهِ: الصَّلَاةَ. فَقَالَ: قَدْ كَفَانِي، إنَّمَا الْعَمَلُ فِي الصِّحَّةِ
وَلِأَنَّ الصَّلَاةَ أَفْعَالٌ عَجَزَ عَنْهَا بِالْكُلِّيَّةِ، فَسَقَطَتْ عَنْهُ؛ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلا وُسْعَهَا} [البقرة: ٢٨٦] . وَلَنَا مَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ حَدِيثِ عِمْرَانَ، وَأَنَّهُ مُسْلِمٌ بَالِغٌ عَاقِلٌ، فَلَزِمَتْهُ الصَّلَاةُ، كَالْقَادِرِ عَلَى الْإِيمَاءِ بِرَأْسِهِ، وَلِأَنَّهُ قَادِرٌ عَلَى الْإِيمَاءِ، أَشْبَهَ الْأَصْلَ.
[فَصْلٌ إذَا صَلَّى جَالِسًا فَسَجَدَ سَجْدَةً وَأَوْمَأَ بِالثَّانِيَةِ]
(١٠٧٣) فَصْلٌ: إذَا صَلَّى جَالِسًا، فَسَجَدَ سَجْدَةً، وَأَوْمَأَ بِالثَّانِيَةِ، مَعَ إمْكَانِ السُّجُودِ، جَاهِلًا بِتَحْرِيمِ ذَلِكَ، وَفَعَلَ مِثْلَ ذَلِكَ فِي الثَّانِيَةِ، ثُمَّ عَلِمَ قَبْلَ سَلَامِهِ، سَجَدَ سَجْدَةً تُتِمُّ لَهُ الرَّكْعَةَ الثَّانِيَةَ، وَأَتَى بِرَكْعَةٍ، كَمَا لَوْ تَرَكَ السُّجُودَ نِسْيَانًا. وَذَكَرَ الْقَاضِي أَنَّهُ تَتِمُّ لَهُ الرَّكْعَةُ الْأُولَى بِسَجْدَةِ الثَّانِيَةِ. وَهَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ، وَلَيْسَ هَذَا مُقْتَضَى مَذْهَبِنَا؛ فَإِنَّهُ مَتَى شَرَعَ فِي قِرَاءَةِ الثَّانِيَةِ قَبْلَ إتْمَامِ الْأُولَى، بَطَلَتْ الْأُولَى، وَصَارَتْ الثَّانِيَةُ أُولَاهُ، وَقَدْ مَضَى هَذَا فِي سُجُودِ السَّهْوِ.
[فَصْلٌ قَدَرَ الْمَرِيضُ فِي أَثْنَاء الصَّلَاةِ عَلَى مَا كَانَ عَاجِزًا عَنْهُ]
(١٠٧٤) فَصْلٌ: وَمَتَى قَدَرَ الْمَرِيضُ فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ، عَلَى مَا كَانَ عَاجِزًا عَنْهُ، مِنْ قِيَامٍ، أَوْ قُعُودٍ، أَوْ رُكُوعٍ، أَوْ سُجُودٍ، أَوْ إيمَاءٍ، انْتَقَلَ إلَيْهِ، وَبَنَى عَلَى مَا مَضَى مِنْ صَلَاتِهِ. وَهَكَذَا لَوْ كَانَ قَادِرًا، فَعَجَزَ فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ، أَتَمَّ صَلَاتَهُ عَلَى حَسَبِ حَالِهِ؛ لِأَنَّ مَا مَضَى مِنْ الصَّلَاةِ كَانَ صَحِيحًا، فَيَبْنِي عَلَيْهِ، كَمَا لَوْ لَمْ يَتَغَيَّرْ حَالُهُ.
[مَسْأَلَةَ الْوِتْرُ رَكْعَةٌ]
(١٠٧٥) مَسْأَلَةٌ: قَالَ: (وَالْوِتْرُ رَكْعَةٌ) نَصَّ عَلَى هَذَا أَحْمَدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ -. فَقَالَ: إنَّا نَذْهَبُ فِي الْوِتْرِ إلَى رَكْعَةٍ، وَمِمَّنْ رُوِيَ عَنْهُ ذَلِكَ: عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ، وَسَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ، وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ، وَابْنُ عَبَّاسٍ، وَابْنُ عُمَرَ، وَابْنُ الزُّبَيْرِ، وَأَبُو مُوسَى، وَمُعَاوِيَةُ، وَعَائِشَةُ، - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -، وَفَعَلَ ذَلِكَ مُعَاذٌ الْقَارِئُ، وَمَعَهُ رِجَالٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا يُنْكِرُ ذَلِكَ مِنْهُمْ أَحَدٌ، وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: الْوِتْرُ رَكْعَةٌ، كَانَ ذَلِكَ وِتْرَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ. وَبِهَذَا قَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ، وَعَطَاءٌ، وَمَالِكٌ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ، وَإِسْحَاقُ، وَأَبُو ثَوْرٍ. وَقَالَ هَؤُلَاءِ: يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ يُسَلِّمُ، ثُمَّ يُوتِرُ بِرَكْعَةٍ.
وَقَدْ رُوِيَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute