فَقَالَتْ: ابْنَتِي وَهِيَ فَطِيمٌ أَوْ شِبْهُهُ، وَقَالَ رَافِعٌ: ابْنَتِي فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: اُقْعُدْ نَاحِيَةً، وَقَالَ لَهَا: اُقْعُدِي نَاحِيَةً، وَقَالَ: اُدْعُوَاهَا فَمَالَتْ الصَّبِيَّةُ إلَى أُمِّهَا، فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: اللَّهُمَّ اهْدِهَا فَمَالَتْ إلَى أَبِيهَا، فَأَخَذَهَا» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَلَنَا، أَنَّهَا وِلَايَةٌ، فَلَا تَثْبُتُ لَكَافِرٍ عَلَى مُسْلِمٍ، كَوِلَايَةِ النِّكَاحِ وَالْمَالِ، وَلِأَنَّهَا إذَا لَمْ تَثْبُتْ لِلْفَاسِقِ، فَالْكَافِرُ أَوْلَى، فَإِنَّ ضَرَرَهُ أَكْثَرُ، فَإِنَّهُ يَفْتِنُهُ عَنْ دِينِهِ، وَيُخْرِجُهُ عَنْ الْإِسْلَامِ بِتَعْلِيمِهِ الْكُفْرَ، وَتَزْيِينِهِ لَهُ، وَتَرْبِيَتِهِ عَلَيْهِ، وَهَذَا أَعْظَمُ الضَّرَرِ وَالْحَضَانَةُ إنَّمَا تَثْبُتُ لَحَظِّ الْوَلَدِ، فَلَا تُشْرَعُ عَلَى وَجْهٍ يَكُونُ فِيهِ هَلَاكُهُ وَهَلَاكُ دِينِهِ فَأَمَّا الْحَدِيثُ، فَقَدْ رُوِيَ عَلَى غَيْرِ هَذَا الْوَجْهِ، وَلَا يُثْبِتُهُ أَهْلُ النَّقْلِ، وَفِي إسْنَادِهِ مَقَالٌ قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ
وَيُحْتَمَلُ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلِمَ أَنَّهَا تَخْتَارُ أَبَاهَا بِدَعْوَتِهِ، فَكَانَ ذَلِكَ خَاصًّا فِي حَقِّهِ فَأَمَّا مَنْ بَعْضُهُ حُرٌّ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ سَيِّدِهِ مُهَايَأَةٌ، فَلَا حَضَانَةَ لَهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَقْدِرُ عَلَيْهَا، لِكَوْنِ مَنَافِعِهِ مُشْتَرَكَةً بَيْنَهُ وَبَيْنَ سَيِّدِهِ، وَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا مُهَايَأَةٌ، فَقِيَاسُ قَوْلِ أَحْمَدَ، أَنَّ لَهُ الْحَضَانَةَ فِي أَيَّامِهِ؛ لِأَنَّهُ قَالَ: كُلُّ مَا يَتَجَزَّأُ، فَعَلَيْهِ النِّصْفُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَهَذَا اخْتِيَارُ أَبِي بَكْرٍ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: لَا حَضَانَةَ لَهُ لِأَنَّهُ كَالْقِنِّ عِنْدَهُ وَهَذَا أَصْلٌ قَدْ تَقَدَّمَ.
[مَسْأَلَةٌ مَنْ أَحَقُّ بِكَفَالَةِ الطِّفْلِ وَالْمَعْتُوهِ]
(٦٥٣٥) مَسْأَلَةٌ: قَالَ: (وَالْأُمُّ أَحَقُّ بِكَفَالَةِ الطِّفْلِ وَالْمَعْتُوهِ، إذَا طَلُقَتْ) وَجُمْلَتُهُ أَنَّ الزَّوْجَيْنِ إذَا افْتَرَقَا، وَلَهُمَا وَلَدٌ طِفْلٌ أَوْ مَعْتُوهٌ، فَأُمُّهُ أَوْلَى النَّاسِ بِكَفَالَتِهِ إذَا كَمُلَتْ الشَّرَائِطُ فِيهَا، ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى، وَهَذَا قَوْلُ يَحْيَى الْأَنْصَارِيِّ، وَالزُّهْرِيِّ، وَالثَّوْرِيِّ، وَمَالِكٍ، وَالشَّافِعِيِّ، وَأَبِي ثَوْرٍ، وَإِسْحَاقَ، وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ، وَلَا نَعْلَمُ أَحَدًا خَالَفَهُمْ
وَالْأَصْلُ فِيهِ مَا رَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، «أَنَّ امْرَأَةً قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إنَّ ابْنِي هَذَا كَانَ بَطْنِي لَهُ وِعَاءً، وَثَدْيِي لَهُ سِقَاءً، وَحِجْرِي لَهُ حِوَاءً، وَإِنَّ أَبَاهُ طَلَّقَنِي، وَأَرَادَ أَنْ يَنْزِعَهُ مِنِّي فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: أَنْتِ أَحَقُّ بِهِ مَا لَمْ تَنْكِحِي» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَيَرْوِي أَنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ، حَكَمَ عَلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ بِعَاصِمٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute