وَأَصَحُّ الرِّوَايَاتِ هِيَ الْأُولَى؛ لِمُوَافَقَتِهَا الْأَصْلَ.
وَالْأَحَادِيثُ الْمُخَالِفَةُ لَهَا، قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: لَيْسَ فِيهَا حَدِيثٌ يُعْتَمَدُ عَلَيْهِ، وَيُعْجِبُنِي أَنْ يَتَوَقَّاهُ. وَذُكِرَ لَهُ حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ عُمَرَ فِي هَذَا، فَقَالَ: هُمَا مُرْسَلَانِ. وَحَدِيثُ سَمُرَةَ يَرْوِيهِ الْحَسَنُ عَنْ سَمُرَةَ، قَالَ الْأَثْرَمُ، قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: لَا يَصِحُّ سَمَاعُ الْحَسَنِ مِنْ سَمُرَةَ. وَحَدِيثُ جَابِرٍ، قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: هَذَا حَجَّاجٌ زَادَ فِيهِ: " نَسَاءً "، وَلَيْثُ بْنُ سَعْدٍ سَمِعَهُ مِنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، وَلَا يَذْكُرُ فِيهِ: " نِسَاءً "، وَحَجَّاجٌ هَذَا هُوَ حَجَّاجُ بْنُ أَرْطَاةَ، قَالَ يَعْقُوبُ بْنُ شَيْبَةَ: هُوَ وَاهِي الْحَدِيثِ، وَهُوَ صَدُوقٌ.
وَإِنْ كَانَ أَحَدُ الْمَبِيعَيْنِ مِمَّا لَا رِبَا فِيهِ، وَالْآخَرُ فِيهِ رِبَا كَالْمَكِيلِ بِالْمَعْدُودِ، فَفِيهِمَا رِوَايَتَانِ، إحْدَاهُمَا: يَحْرُمُ النَّسَاءُ فِيهِمَا. وَالثَّانِيَةُ: لَا يَحْرُمُ، كَمَا لَوْ بَاعَ مَعْدُودًا بِمَعْدُودٍ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ.
[مَسْأَلَةٌ لَا يُبَاعُ شَيْءٌ مِنْ الرَّطْبِ بِيَابِسِ مِنْ جِنْسِهِ إلَّا الْعَرَايَا]
مَسْأَلَةٌ؛ قَالَ: (وَلَا يُبَاعُ شَيْءٌ مِنْ الرَّطْبِ بِيَابِسِ مِنْ جِنْسِهِ إلَّا الْعَرَايَا) أَرَادَ الرَّطْبَ مِمَّا يَجْرِي فِيهِ الرِّبَا، كَالرُّطَبِ بِالتَّمْرِ، وَالْعِنَبِ بِالزَّبِيبِ، وَاللَّبَنِ بِالْجُبْنِ، وَالْحِنْطَةِ الْمَبْلُولَةِ أَوْ الرَّطْبَةِ بِالْيَابِسَةِ، أَوْ الْمَقْلِيَّةِ بِالنِّيئَةِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ. وَبِهِ قَالَ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ، وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ، وَاللَّيْثُ، وَمَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ، وَإِسْحَاقُ، وَأَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٌ.
وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: جُمْهُورُ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ عَلَى أَنَّ بَيْعَ الرُّطَبِ بِالتَّمْرِ لَا يَجُوزُ بِحَالٍ مِنْ الْأَحْوَالِ، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: يَجُوزُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَا يَخْلُو، إمَّا أَنْ يَكُونَ مِنْ جِنْسِهِ، فَيَجُوزُ؛ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «التَّمْرُ بِالتَّمْرِ مِثْلًا بِمِثْلٍ» . أَوْ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ، فَيَجُوزُ؛ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «فَإِذَا اخْتَلَفَتْ هَذِهِ الْأَصْنَافُ فَبِيعُوا كَيْفَ شِئْتُمْ» . وَلَنَا، قَوْلُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «لَا تَبِيعُوا التَّمْرَ بِالتَّمْرِ» . وَفِي لَفْظٍ، «نَهَى عَنْ بَيْعِ التَّمْرِ بِالتَّمْرِ، وَرَخَّصَ فِي الْعَرِيَّةِ أَنْ تُبَاعَ بِخَرْصِهَا يَأْكُلُهَا أَهْلُهَا رُطَبًا» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَعَنْ سَعْدٍ: أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «سُئِلَ عَنْ بَيْعِ الرُّطَبِ بِالتَّمْرِ فَقَالَ: أَيَنْقُصُ الرُّطَبُ إذَا يَبِسَ قَالُوا: نَعَمْ. فَنَهَى عَنْ ذَلِكَ.» . رَوَاهُ مَالِكٌ، وَأَبُو دَاوُد، وَالْأَثْرَمُ، وَابْنُ مَاجَهْ. وَلَفْظُ رِوَايَةِ الْأَثْرَمِ، قَالَ: «فَلَا إذَنْ» .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute