للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْوَطْءِ يُمْكِنُ أَنْ تَلِدَ فِيهَا، فَحِينَئِذٍ لَا يُلْتَفَتُ إلَى إنْكَارِهِ، وَيَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَ الرَّاهِنِ بِغَيْرِ يَمِينٍ؛ لِأَنَّنَا لَمْ نُلْحِقْهُ بِهِ بِدَعْوَاهُ، بَلْ بِالشَّرْعِ. فَإِنْ أَنْكَرَ شَرْطًا مِنْ هَذِهِ الشُّرُوطِ، فَقَالَ: لَمْ آذَنْ. أَوْ قَالَ: أَذِنْت فَمَا وَطِئَتْ. أَوْ قَالَ: لَمْ تَمْضِ مُدَّةٌ تَضَعُ فِيهَا الْحَمْلَ مُنْذُ وَطِئَتْ. أَوْ قَالَ: لَيْسَ هَذَا وَلَدَهَا، وَإِنَّمَا اسْتَعَارَتْهُ. فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ ذَلِكَ كُلِّهِ، وَبَقَاءُ الْوَثِيقَةِ صَحِيحَةً حَتَّى تَقُومَ الْبَيِّنَةُ. وَهَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ.

[فَصْلٌ أَذِنَ فِي ضَرْبِ أَمَتَهُ الْمَرْهُونَةَ فَضَرَبَهَا فَتَلِفَتْ]

(٣٣٣٩) فَصْلٌ: وَلَوْ أَذِنَ فِي ضَرْبِهَا، فَضَرَبَهَا فَتَلِفَتْ، فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ تَوَلَّدَ مِنْ الْمَأْذُونِ فِيهِ، كَتَوَلُّدِ الْإِحْبَالِ مِنْ الْوَطْءِ.

[فَصْلٌ أَقَرَّ الرَّاهِنُ بِوَطْءِ أَمَتَهُ الْمَرْهُونَةَ]

(٣٣٤٠) فَصْلٌ: إذَا أَقَرَّ الرَّاهِنُ بِالْوَطْءِ لَمْ يَخْلُ مِنْ ثَلَاثَةِ أَحْوَالٍ؛ أَحَدُهَا، أَنْ يُقِرَّ بِهِ حَالَ الْعَقْدِ، أَوْ قَبْلَ لُزُومِهِ، فَحُكْمُ هَذَيْنِ وَاحِدٌ، وَلَا يَمْنَعُ ذَلِكَ صِحَّةَ الْعَقْدِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْحَمْلِ، فَإِنْ بَانَتْ حَائِلًا، أَوْ حَامِلًا بِوَلَدِ لَا يَلْحَقُ بِالرَّاهِنِ، فَالرَّهْنُ بِحَالِهِ، وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ يَلْحَقُ بِهِ، لَكِنْ لَا تَصِيرُ بِهِ أُمَّ وَلَدٍ، مِثْلُ إنْ وَطِئَهَا وَهِيَ زَوْجَتُهُ، ثُمَّ مَلَكَهَا وَرَهَنَهَا.

وَإِنْ بَانَتْ حَامِلًا بِوَلَدٍ تَصِيرُ بِهِ أُمَّ وَلَدٍ، بَطَلَ الرَّهْنُ، وَلَا خِيَارَ لِلْمُرْتَهِنِ، وَإِنْ كَانَ مَشْرُوطًا فِي بَيْعٍ؛ لِأَنَّهُ دَخَلَ مَعَ الْعِلْمِ بِأَنَّهَا قَدْ لَا تَكُونُ رَهْنًا، فَإِذَا خَرَجَتْ مِنْ الرَّهْنِ بِذَلِكَ السَّبَبِ الَّذِي عَلِمَهُ، لَمْ يَكُنْ لَهُ خِيَارٌ، كَالْمَرِيضِ إذَا مَاتَ، وَالْجَانِي إذَا اُقْتُصَّ مِنْهُ. وَهَذَا قَوْلُ أَكْثَرِ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَهُ الْخِيَارُ؛ لِأَنَّ الْوَطْءَ نَفْسَهُ لَا يُثْبِتُ الْخِيَارَ، فَلَمْ يَكُنْ رِضَاهُ بِهِ رِضَى بِالْحَمْلِ الَّذِي يَحْدُثُ مِنْهُ، بِخِلَافِ الْجِنَايَةِ وَالْمَرَضِ

وَلَنَا، أَنَّ إذْنَهُ فِي الْوَطْءِ إذْنٌ فِيمَا يَئُولُ إلَيْهِ، كَذَلِكَ رِضَاهُ بِهِ رِضَى بِمَا يَئُولهُ إلَيْهِ. الْحَالُ الثَّالِثُ، أَقَرَّ بِالْوَطْءِ بَعْدَ لُزُومِ الرَّهْنِ، فَإِنَّهُ يُقْبَلُ فِي حَقِّهِ، وَلَا يُقْبَلُ فِي حَقِّ الْمُرْتَهِنِ؛ لِأَنَّهُ أَقَرَّ بِمَا يَفْسَخُ عَقْدًا لَازِمًا لِغَيْرِهِ، فَلَمْ يُقْبَلْ، كَمَا لَوْ أَقَرَّ بِذَلِكَ بَعْدَ بَيْعِهَا. وَيَحْتَمِلَ أَنْ يُقْبَلَ؛ لِأَنَّهُ أَقَرَّ فِي مِلْكِهِ بِمَا لَا تُهْمَةَ فِيهِ، لِأَنَّهُ يَسْتَضِرُّ بِذَلِكَ أَكْثَرُ مِنْ نَفْعِهِ بِخُرُوجِهَا مِنْ الرَّهْنِ

وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ؛ لِأَنَّ إقْرَارَ الْإِنْسَانِ عَلَى غَيْرِهِ لَا يُقْبَلُ. وَهَكَذَا الْحُكْمُ فِيمَا إذَا أَقَرَّ بِأَنَّهُ غَصَبَهَا، أَوْ أَنَّهَا كَانَتْ جَنَتْ جِنَايَةً تَعَلَّقَ أَرْشُهَا بِرَقَبَتِهَا. وَلِلشَّافِعِيِّ فِي ذَلِكَ قَوْلَانِ، وَإِنْ أَقَرَّ أَنَّهُ أَعْتَقَهَا، صَحَّ إقْرَارُهُ، وَخَرَجَتْ مِنْ الرَّهْنِ. وَبِهَذَا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِ: لَا يُقْبَلُ. بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ لَا يَصِحُّ إعْتَاقُهُ لِلرَّهْنِ

وَلَنَا، أَنَّهُ لَوْ أَعْتَقَهُ لَنَفَذَ عِتْقُهُ، فَقُبِلَ إقْرَارُهُ بِعِتْقِهِ، كَغَيْرِ الرَّهْنِ، وَلِأَنَّ إقْرَارَهُ بِعِتْقِهِ يَجْرِي

<<  <  ج: ص:  >  >>