أَنْ لَا يَقَعَ؛ لِأَنَّهُ أَرَادَ غَمَّ أَهْلِهِ بِتَوَهُّمِ الطَّلَاقِ، دُونَ حَقِيقَتِهِ، فَلَا يَكُونُ نَاوِيًا لِلطَّلَاقِ، وَالْخَبَرُ إنَّمَا يَدُلُّ عَلَى مُؤَاخَذَتِهِ بِمَا نَوَاهُ عِنْدَ الْعَمَلِ بِهِ، أَوْ الْكَلَامِ، وَهَذَا لَمْ يَنْوِ طَلَاقًا، فَلَا يُؤَاخَذُ بِهِ
[فَصْلٌ كَتْبُ الْأَخْرَسِ الطَّلَاقَ بِشَيْءٍ لَا يَبِينُ]
(٦٠٢٣) فَصْلٌ: وَإِنْ كَتَبَهُ بِشَيْءٍ لَا يَبِينُ مِثْلُ أَنْ كَتَبَ بِأُصْبُعِهِ عَلَى وِسَادَةٍ، أَوْ فِي الْهَوَاءِ، فَظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ، أَنَّهُ لَا يَقَعُ وَقَالَ أَبُو حَفْصٍ الْعُكْبَرِيُّ: يَقَعُ وَرَوَاهُ الْأَثْرَمُ عَنْ الشَّعْبِيِّ؛ لِأَنَّهُ كَتَبَ حُرُوفَ الطَّلَاقِ، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ كَتَبَهُ بِشَيْءٍ يَبِينُ وَالْأَوَّلُ أَوْلَى؛ لِأَنَّ الْكِتَابَةَ الَّتِي لَا تَبِينُ، كَالْهَمْسِ بِالْفَمِ، بِمَا لَا يَتَبَيَّنُ، وَثَمَّ لَا يَقَعُ، فَهَاهُنَا أَوْلَى.
[فَصْلٌ كَتَبَ لِزَوْجَتِهِ أَنْتِ طَالِقٌ ثُمَّ اسْتَمَدَّ]
(٦٠٢٤) فَصْلٌ: إذَا كَتَبَ لِزَوْجَتِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ ثُمَّ اسْتَمَدَّ، فَكَتَبَ: إذَا أَتَاك كِتَابِي أَوْ عَلَّقَهُ بِشَرْطٍ، أَوْ اسْتِثْنَاءٍ، وَكَانَ فِي حَالِ كِتَابَتِهِ لِلطَّلَاقِ مُرِيدًا لِلشَّرْطِ، لَمْ يَقَعْ طَلَاقُهُ فِي الْحَالِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَنْوِ الطَّلَاقَ فِي الْحَالِ، بَلْ نَوَاهُ فِي وَقْتٍ آخَرَ، وَإِنْ كَانَ نَوَى الطَّلَاقَ فِي الْحَالِ، غَيْرَ مُعَلَّقٍ بِشَرْطِ، طَلُقَتْ لِلْحَالِ وَإِنْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا، وَقُلْنَا: إنَّ الْمُطْلَقَ يَقَعُ بِهِ الطَّلَاقُ نَظَرْنَا، فَإِنْ كَانَ اسْتِمْدَادًا لِحَاجَةٍ، أَوْ عَادَةٍ، لَمْ يَقَعْ طَلَاقٌ قَبْلَ وُجُودِ الشَّرْطِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ ثُمَّ أَدْرَكَهُ النَّفَسُ، أَوْ شَيْءٌ يُسْكِتُهُ، فَسَكَتَ لِذَلِكَ، ثُمَّ أَتَى بِشَرْطِ تَعَلَّقَ بِهِ، فَالْكِتَابَةُ أَوْلَى
وَإِنْ اسْتَمَدَّ لِغَيْرِ حَاجَةٍ وَلَا عَادَةٍ، وَقَعَ الطَّلَاقُ، كَمَا لَوْ سَكَتَ بَعْدَ قَوْلِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ لِغَيْرِ حَاجَةٍ، ثُمَّ ذَكَرَ شَرْطًا وَإِنْ قَالَ: إنَّنِي كَتَبْتُهُ مُرِيدًا لِلشَّرْطِ فَقِيَاسُ قَوْلِ أَصْحَابِنَا، أَنَّهَا لَا تَطْلُقُ قَبْلَ الشَّرْط إلَّا أَنَّهُ يَدِينُ وَهَلْ يُقْبَلُ فِي الْحُكْمِ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ بِنَاءً عَلَى قَوْلِهِمْ فِي مَنْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ ثُمَّ قَالَ: أَرَدْت تَعْلِيقَهُ عَلَى شَرْطٍ وَإِنْ كَتَبَ إلَى امْرَأَتِهِ: أَمَّا بَعْدُ، فَأَنْتِ طَالِقٌ طَلُقَتْ فِي الْحَالِ، سَوَاءٌ وَصَلَ إلَيْهَا الْكِتَابُ، أَوْ لَمْ يَصِلْ وَعِدَّتُهَا مِنْ حِينَ كَتَبَهُ
وَإِنْ كَتَبَ إلَيْهَا: إذَا وَصَلَكِ كِتَابِي فَأَنْتِ طَالِقٌ فَأَتَاهَا الْكِتَابُ، طَلُقَتْ عِنْدَ وُصُولِهِ إلَيْهَا، وَإِنْ ضَاعَ وَلَمْ يَصِلْهَا، لَمْ تَطْلُقْ؛ لِأَنَّ الشَّرْطَ وُصُولُهُ وَإِنْ ذَهَبَتْ كِتَابَتُهُ بِمَحْوٍ، أَوْ غَيْرِهِ، وَوَصَلَ الْكَاغَدُ، لَمْ تَطْلُقْ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِكِتَابٍ وَكَذَلِكَ إنْ انْطَمَسَ مَا فِيهِ لِعَرَقٍ، أَوْ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّ الْكِتَابَ عِبَارَةٌ عَمَّا فِيهِ الْكِتَابَةُ وَإِنْ ذَهَبَتْ حَوَاشِيهِ، أَوْ تَخَرَّقَ مِنْهُ شَيْءٌ لَا يُخْرِجُهُ عَنْ كَوْنِهِ كِتَابًا، وَوَصَلَ بَاقِيهِ طَلُقَتْ؛ لِأَنَّ الْبَاقِيَ كِتَابٌ
وَإِنْ تَخَرَّقَ بَعْضُ مَا فِيهِ الْكِتَابَةُ سِوَى مَا فِيهِ ذِكْرُ الطَّلَاقِ فَوَصَلَ طَلُقَتْ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ بَاقٍ، فَيَنْصَرِفُ الِاسْمُ إلَيْهِ وَإِنْ تَخَرَّقَ مَا فِيهِ ذِكْرُ الطَّلَاقِ فَذَهَبَ، وَوَصَلَ بَاقِيهِ، لَمْ تَطْلُقْ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ ذَاهِبٌ فَإِنْ قَالَ لَهَا: إذَا أَتَاكِ طَلَاقِي فَأَنْتِ طَالِقٌ ثُمَّ كَتَبَ إلَيْهَا: إذَا أَتَاك كِتَابِي فَأَنْتِ طَالِقٌ فَأَتَاهَا الْكِتَابُ، طَلُقَتْ طَلْقَتَيْنِ؛ لِوُجُودِ الصِّفَتَيْنِ فِي مَجِيءِ الْكِتَابِ فَإِنْ قَالَ: أَرَدْت إذَا أَتَاك كِتَابِي، فَأَنْتِ طَالِقٌ بِذَلِكَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute