وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ نَامَ فِي دَالِيَةٍ، فَاسْتَيْقَظَ عِنْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ، فَانْتَظَرَ حَتَّى غَابَتْ الشَّمْسُ ثُمَّ صَلَّى. وَعَنْ كَعْبٍ - أَحْسِبُهُ ابْنَ عُجْرَةَ - أَنَّهُ نَامَ حَتَّى طَلَعَ قَرْنُ الشَّمْسِ فَأَجْلَسَهُ، فَلَمَّا أَنْ تَعَالَتْ الشَّمْسُ قَالَ لَهُ: صَلِّ الْآنَ.
وَلَنَا، قَوْلُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ نَامَ عَنْ صَلَاةٍ أَوْ نَسِيَهَا، فَلْيُصَلِّهَا إذَا ذَكَرَهَا» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَفِي حَدِيثِ أَبِي قَتَادَةَ: «إنَّمَا التَّفْرِيطُ فِي الْيَقَظَةِ عَلَى مَنْ لَمْ يُصَلِّ الصَّلَاةَ حَتَّى يَجِيءَ وَقْتُ الْأُخْرَى، فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَلْيُصَلِّهَا حِينَ يَنْتَبِهُ لَهَا» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَخَبَرُ النَّهْيِ مَخْصُوصٌ بِالْقَضَاءِ فِي الْوَقْتَيْنِ الْآخَرَيْنِ، وَبِعَصْرِ يَوْمِهِ، فَنَقِيسُ مَحَلَّ النِّزَاعِ عَلَى الْمَخْصُوصِ، وَقِيَاسُهُمْ مَنْقُوضٌ بِذَلِكَ أَيْضًا، وَحَدِيثُ أَبِي قَتَادَةَ يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ التَّأْخِيرِ، لَا عَلَى تَحْرِيمِ الْفِعْلِ.
[فَصْلٌ طَلَعْت الشَّمْسُ وَهُوَ فِي صَلَاةِ الصُّبْح]
(١٠١٧) فَصْلٌ: وَلَوْ طَلَعْت الشَّمْسُ وَهُوَ فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ، أَتَمَّهَا. وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ: تَفْسُدُ؛ لِأَنَّهَا صَارَتْ فِي وَقْتِ النَّهْيِ. وَلَنَا، مَا رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ، عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «إذَا أَدْرَكَ أَحَدُكُمْ سَجْدَةً مِنْ صَلَاةِ الْعَصْرِ، قَبْلَ أَنْ تَغِيبَ الشَّمْسُ، فَلْيُتِمَّ صَلَاتَهُ، وَإِذَا أَدْرَكَ سَجْدَةً مِنْ صَلَاةِ الصُّبْحِ قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ، فَلْيُتِمَّ صَلَاتَهُ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَهَذَا نَصٌّ فِي الْمَسْأَلَةِ، يُقَدَّمُ عَلَى عُمُومِ غَيْرِهِ.
[فَصْلٌ فِعْلُ الصَّلَاةِ الْمَنْذُورَةِ فِي وَقْتِ النَّهْي]
(١٠١٨) فَصْلٌ: وَيَجُوزُ فِعْلُ الصَّلَاةِ الْمَنْذُورَةِ فِي وَقْتِ النَّهْيِ، سَوَاءٌ كَانَ النَّذْرُ مُطْلَقًا أَوْ مُؤَقَّتًا. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: لَا يَجُوزُ، وَيَتَخَرَّجُ لَنَا مِثْلُهُ بِنَاءً عَلَى صَوْمِ الْوَاجِبِ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ. وَلَنَا أَنَّهَا صَلَاةٌ وَاجِبَةٌ، فَأَشْبَهَتْ الْفَوَائِتَ مِنْ الْفَرَائِضِ وَصَلَاةَ الْجِنَازَةِ، وَقَدْ وَافَقَنَا فِيهِ فِيمَا بَعْدَ صَلَاةِ الْعَصْرِ وَصَلَاةِ الصُّبْحِ.
[مَسْأَلَة يَرْكَعُ لِلطَّوَافِ]
(١٠١٩) مَسْأَلَةٌ: قَالَ: (وَيَرْكَعُ لِلطَّوَافِ) يَعْنِي فِي أَوْقَاتِ النَّهْيِ، وَمِمَّنْ طَافَ بَعْدَ الصُّبْحِ وَالْعَصْرِ وَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ ابْنُ عُمَرَ، وَابْنُ الزُّبَيْرِ، وَعَطَاءٌ، وَطَاوُسٌ، وَفَعَلَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَالْحَسَنُ، وَالْحُسَيْنُ، وَمُجَاهِدٌ، وَالْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ، وَفَعَلَهُ عُرْوَةُ بَعْدَ الصُّبْحِ، وَهَذَا مَذْهَبُ عَطَاءٍ، وَالشَّافِعِيِّ، وَأَبِي ثَوْرٍ. وَأَنْكَرَتْ طَائِفَةٌ ذَلِكَ، مِنْهُمْ أَبُو حَنِيفَةَ، وَمَالِكٌ. وَاحْتَجُّوا بِعُمُومِ أَحَادِيثِ النَّهْيِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute