مِيزَابٌ، أَوْ غَيْرُهُ فَصَالَحَ صَاحِبُ الْأَرْضِ مُسْتَحِقَّ ذَلِكَ بِعِوَضٍ، لِيُزِيلَهُ عَنْهُ، جَازَ.
وَإِنْ كَانَ الْخَشَبُ أَوْ الْحَائِطُ قَدْ سَقَطَ، فَصَالَحَهُ بِشَيْءٍ عَلَى أَنْ لَا يُعِيدَهُ، جَازَ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا جَازَ أَنْ يَبِيعَ ذَلِكَ مِنْهُ، جَازَ أَنْ يُصَالِحَ عَنْهُ؛ لِأَنَّ الصُّلْحَ بَيْعٌ.
[فَصْلٌ وَجَدَ بِنَاؤُهُ أَوْ خَشَبِهِ عَلَى حَائِطٍ مُشْتَرَكٍ أَوْ حَائِطِ جَارِهِ وَلَمْ يُعْلَمْ سَبَبَهُ]
فَصْل: وَإِذَا وُجِدَ بِنَاؤُهُ أَوْ خَشَبُهُ عَلَى حَائِطٍ مُشْتَرَكٍ، أَوْ حَائِطِ جَارِهِ، وَلَمْ يُعْلَمْ سَبَبُهُ، فَمَتَى زَالَ فَلَهُ إعَادَتُهُ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ هَذَا الْوَضْعَ بِحَقٍّ مِنْ صُلْحٍ أَوْ غَيْرِهِ، فَلَا يَزُولُ هَذَا الظَّاهِرُ حَتَّى يُعْلَمَ خِلَافُهُ. وَكَذَلِكَ لَوْ وُجِدَ مَسِيلُ مَائِهِ فِي أَرْضِ غَيْرِهِ، أَوْ مَجْرَى مَاءِ سَطْحِهِ عَلَى سَطْحِ غَيْرِهِ، وَمَا أَشْبَهَ هَذَا، فَهُوَ لَهُ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ لَهُ بِحَقٍّ فَجَرَى ذَلِكَ مَجْرَى الْيَدِ الثَّابِتَةِ. وَإِذَا اخْتَلَفَا فِي ذَلِكَ، هَلْ هُوَ بِحَقٍّ أَوْ بِعُدْوَانٍ؟ فَالْقَوْلُ قَوْلُ صَاحِبِ الْخَشَبِ وَالْبِنَاءِ وَالْمَسِيلِ مَعَ يَمِينِهِ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ مَعَهُ.
[فَصْلٌ ادَّعَى رَجُل دَارًا فِي يَدِ أَخَوَيْنِ فَأَنْكَرَهُ أَحَدُهُمَا]
(٣٥٣٢) فَصْل: إذَا ادَّعَى رَجُلٌ دَارًا فِي يَدِ أَخَوَيْنِ، فَأَنْكَرَهُ أَحَدُهُمَا، وَأَقَرَّ لَهُ الْآخَرُ، ثُمَّ صَالَحَهُ عَمَّا أَقَرَّ لَهُ بِعِوَضٍ، صَحَّ الصُّلْحُ، وَلِأَخِيهِ الْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ. وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَ مَا إذَا كَانَ الْإِنْكَارُ مُطْلَقًا، وَبَيْنَ مَا إذَا قَالَ: هَذِهِ لَنَا وَرِثْنَاهَا جَمِيعًا عَنْ أَبِينَا أَوْ أَخِينَا. فَيُقَال: إذَا كَانَ الْإِنْكَارُ مُطْلَقًا، كَانَ لَهُ الْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ، وَإِنْ قَالَ: وَرِثْنَاهَا عَنْ أَبِينَا. فَلَا شُفْعَةَ لَهُ؛ لِأَنَّ الْمُنْكِرَ يَزْعُمُ أَنَّ الْمِلْكَ لِأَخِيهِ الْمُقِرَّ لَمْ يَزُلْ، وَأَنَّ الصُّلْحَ بَاطِلٌ، فَيُؤَاخَذُ بِذَلِكَ وَلَا يَسْتَحِقُّ بِهِ شُفْعَةً.
وَوَجْهُ الْأَوَّلِ، أَنَّ الْمِلْكَ ثَبَتَ لِلْمُدَّعِيَّ حُكْمًا؛ وَقَدْ رَجَعَ إلَى الْمُقِرِّ بِالْبَيْعِ، وَهُوَ مُعْتَرَفٌ بِأَنَّهُ بَيْعٌ صَحِيحٌ فَتَثْبُتُ فِيهِ الشُّفْعَةُ، كَمَا لَوْ كَانَ الْإِنْكَارُ مُطْلَقًا. وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ انْتَقَلَ نَصِيبُ الْمُقِرِّ إلَى الْمُدَّعِي بِبَيْعٍ أَوْ هِبَةٍ أَوْ سَبَبٍ مِنْ الْأَسْبَابِ، فَلَا يَتَنَافَى إنْكَارُ الْمُنْكَرِ وَإِقْرَارُ الْمُقِرِّ، كَحَالَةِ إطْلَاقِ الْإِنْكَارِ وَهَذَا أَصَحُّ.
[مَسْأَلَةٌ تَدَاعَى نَفْسَانِ جِدَارًا مَعْقُودًا بِبِنَاءِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا]
(٣٥٣٣) مَسْأَلَةٌ: قَالَ: (وَإِذَا تَدَاعَى نَفْسَانِ جِدَارًا مَعْقُودًا بِبِنَاءِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، تَحَالَفَا، وَكَانَ بَيْنَهُمَا. وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ مَحْلُولًا مِنْ بِنَائِهِمَا. وَإِنْ كَانَ مَعْقُودًا بِبِنَاءِ أَحَدِهِمَا، كَانَ لَهُ مَعَ يَمِينِهِ) .
وَجُمْلَةُ ذَلِكَ أَنَّ الرَّجُلَيْنِ إذَا تَدَاعَيَا حَائِطًا بَيْنَ مِلْكَيْهِمَا، وَتَسَاوَيَا فِي كَوْنِهِ مَعْقُودًا بِبِنَائِهِمَا مَعًا، وَهُوَ أَنْ يَكُونَ مُتَّصِلًا بِهِمَا اتِّصَالًا لَا يُمْكِنُ إحْدَاثُهُ بَعْدَ بِنَاءِ الْحَائِطِ، مِثْلُ اتِّصَالِ الْبِنَاءِ بِالطِّينِ، كَهَذِهِ الْفَطَائِرِ الَّتِي لَا يُمْكِنُ إحْدَاثُ اتِّصَالِ بَعْضِهَا بِبَعْضٍ، أَوْ تَسَاوَيَا فِي كَوْنِهِ مَحْلُولًا مِنْ بِنَائِهِمَا، أَيْ غَيْرَ مُتَّصِلٍ بِبِنَائِهِمَا الِاتِّصَالَ الْمَذْكُورَ، بَلْ بَيْنَهُمَا شَقٌّ مُسْتَطِيلٌ، كَمَا يَكُونُ بَيْنَ الْحَائِطَيْنِ اللَّذَيْنِ أُلْصِقَ أَحَدُهُمَا بِالْآخَرِ.
فَهُمَا سَوَاءٌ فِي الدَّعْوَى، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَوَاحِدٍ مِنْهُمَا بَيِّنَةٌ تَحَالَفَا، فَيَحْلِفُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى نِصْفِ الْحَائِطِ، أَنَّهُ لَهُ، وَيُجْعَلُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَدُهُ عَلَى نِصْفِ الْحَائِطِ؛ لِكَوْنِ الْحَائِطِ فِي أَيْدِيهِمَا. وَإِنْ حَلَفَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى جَمِيعِ الْحَائِطِ، أَنَّهُ لَهُ، وَمَا هُوَ لِصَاحِبِهِ، جَازَ، وَهُوَ بَيْنَهُمَا. وَبِهَذَا قَالَ