[فَصْلٌ أَدْرَكَ مَعَ الْإِمَامِ مَا لَا يَتِمُّ بِهِ جُمُعَةٌ]
(١٣١٦) فَصْلٌ: وَكُلُّ مَنْ أَدْرَكَ مَعَ الْإِمَامِ مَا لَا يَتِمُّ بِهِ جُمُعَةٌ، فَإِنَّهُ فِي قَوْلِ الْخِرَقِيِّ يَنْوِي ظُهْرًا، فَإِنْ نَوَى جُمُعَةً لَمْ تَصِحَّ فِي ظَاهِرِ كَلَامِهِ؛ لِأَنَّهُ اشْتَرَطَ لِلْبِنَاءِ عَلَى مَا أَدْرَكَ أَنْ يَكُونَ قَدْ دَخَلَ بِنِيَّةِ الظُّهْرِ، فَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ إذَا دَخَلَ بِنِيَّةِ الْجُمُعَةِ لَمْ يَبْنِ عَلَيْهَا.
وَكَلَامُ أَحْمَدَ، فِي رِوَايَةِ صَالِحٍ وَابْنِ مَنْصُورٍ، يَحْتَمِلُ هَذَا؛ لِقَوْلِهِ فِي مَنْ أَحْرَمَ، ثُمَّ زُحِمَ عَنْ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ حَتَّى سَلَّمَ إمَامُهُ، قَالَ: يَسْتَقْبِلُ ظُهْرًا أَرْبَعًا فَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ أَرَادَ أَنَّهُ يَسْتَأْنِفُ الصَّلَاةَ، وَذَلِكَ لِأَنَّ الظُّهْرَ لَا تَتَأَدَّى بِنِيَّةِ الْجُمُعَةِ ابْتِدَاءً، فَكَذَلِكَ دَوَامًا، كَالظُّهْرِ مَعَ الْعَصْرِ. وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ بْنُ شَاقِلَا يَنْوِي جُمُعَةً؛ لِئَلَّا يُخَالِفَ نِيَّةَ إمَامِهِ، ثُمَّ يَبْنِي عَلَيْهَا ظُهْرًا.
أَرْبَعًا. وَهَذَا ظَاهِرُ قَوْلِ قَتَادَةَ، وَأَيُّوبَ، وَيُونُسَ، وَالشَّافِعِيِّ؛ لِأَنَّهُمْ قَالُوا فِي الَّذِي أَحْرَمَ مَعَ الْإِمَامِ بِالْجُمُعَةِ، ثُمَّ زُحِمَ عَنْ السُّجُودِ حَتَّى سَلَّمَ الْإِمَامُ: أَتَمَّهَا أَرْبَعًا. فَجَوَّزُوا لَهُ إتْمَامَهَا ظُهْرًا، مَعَ كَوْنِهِ إنَّمَا أَحْرَمَ بِالْجُمُعَةِ.
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً، فَلَمَّا سَلَّمَ الْإِمَامُ عَلِمَ أَنَّ عَلَيْهِ مِنْهَا سَجْدَةً، قَالَ: يَسْجُدُ سَجْدَةً، وَيَأْتِي بِثَلَاثِ رَكَعَاتٍ؛ لِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَأْتَمَّ بِمَنْ يُصَلِّي الْجُمُعَةَ، فَجَازَ أَنْ يَبْنِيَ صَلَاتَهُ عَلَى نِيَّتِهَا، كَصَلَاةِ الْمُقِيمِ مَعَ الْمُسَافِرِ، وَكَمَا يَنْوِي أَنَّهُ مَأْمُومٌ، وَيُتِمُّ بَعْدَ سَلَامِ إمَامِهِ مُنْفَرِدًا، وَلَا يَصِحُّ أَنْ يَنْوِيَ الظُّهْرَ خَلْفَ مَنْ يُصَلِّي الْجُمُعَةَ فِي ابْتِدَائِهَا، وَكَذَلِكَ فِي أَثْنَائِهَا.
[فَصْلٌ صَلَّى الْإِمَامُ الْجُمُعَةَ قَبْلَ الزَّوَالِ فَأَدْرَكَ الْمَأْمُومُ مَعَهُ دُونَ الرَّكْعَةِ]
(١٣١٧) فَصْلٌ: وَإِذَا صَلَّى الْإِمَامُ الْجُمُعَةَ قَبْلَ الزَّوَالِ، فَأَدْرَكَ الْمَأْمُومُ مَعَهُ دُونَ الرَّكْعَةِ، لَمْ يَكُنْ لَهُ الدُّخُولُ مَعَهُ؛ لِأَنَّهَا فِي حَقِّهِ ظُهْرٌ، فَلَا يَجُوزُ قَبْلَ الزَّوَالِ، كَعُذْرِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ، فَإِنْ دَخَلَ مَعَهُ كَانَتْ نَفْلًا فِي حَقِّهِ وَلَمْ تُجْزِئْهُ عَنْ الظُّهْرِ.
وَلَوْ أَدْرَكَ مِنْهَا رَكْعَةً، ثُمَّ زُحِمَ عَنْ سُجُودِهَا، وَقُلْنَا تَصِيرُ ظُهْرًا، فَإِنَّهَا تَنْقَلِبُ نَفْلًا؛ لِئَلَّا تَكُونَ ظُهْرًا قَبْلَ وَقْتِهَا.
[فَصْلٌ صَلَّى مَعَ الْإِمَامِ رَكْعَةً ثُمَّ زُحِمَ فِي الثَّانِيَةِ وَأُخْرِجَ مِنْ الصَّفِّ]
(١٣١٨) فَصْلٌ: وَلَوْ صَلَّى مَعَ الْإِمَامِ رَكْعَةً، ثُمَّ زُحِمَ فِي الثَّانِيَةِ، وَأُخْرِجَ مِنْ الصَّفِّ، فَصَارَ فَذًّا، فَنَوَى الِانْفِرَادَ عَنْ الْإِمَامِ، فَقِيَاسُ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يُتِمُّهَا جُمُعَةً؛ لِأَنَّهُ مُدْرِكٌ لِرَكْعَةٍ مِنْهَا مَعَ الْإِمَامِ، فَيَبْنِي عَلَيْهَا جُمُعَةً، كَمَا لَوْ أَدْرَكَ الرَّكْعَةَ الثَّانِيَةَ. وَإِنْ لَمْ يَنْوِ الِانْفِرَادَ، وَأَتَمَّهَا مَعَ الْإِمَامِ، فَفِيهِ رِوَايَتَانِ: إحْدَاهُمَا، لَا تَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ فَذٌّ فِي رَكْعَةٍ كَامِلَةٍ، أَشْبَهَ مَا لَوْ فَعَلَ ذَلِكَ عَمْدًا.
وَالثَّانِيَةُ، تَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُعْفَى فِي الْبِنَاءِ عَنْ تَكْمِيلِ الشُّرُوطِ، كَمَا لَوْ خَرَجَ الْوَقْتُ وَقَدْ صَلَّوْا رَكْعَةً، وَكَالْمَسْبُوقِ بِرَكْعَةٍ، يَقْضِي رَكْعَةً وَحْدَهُ.
[مَسْأَلَةٌ مَتَى دَخَلَ وَقْتُ الْعَصْرِ وَقَدْ صَلَّوْا رَكْعَةً أَتَمُّوا بِرَكْعَةٍ أُخْرَى]
(١٣١٩) مَسْأَلَةٌ: قَالَ: (وَمَتَى دَخَلَ وَقْتُ الْعَصْرِ، وَقَدْ صَلَّوْا رَكْعَةً، أَتَمُّوا بِرَكْعَةٍ أُخْرَى، وَأَجْزَأَتْهُمْ جُمُعَةً)