أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى» . فَيَتَعَيَّنُ حَمْلُ هَذَا عَلَى أَنَّهُ لَا يُقَالُ ذَلِكَ غَيْرَ مُقْتَرِنٍ بِمَا يَدُلُّ عَلَى إرَادَةِ الشَّهْرِ، لِئَلَّا يُخَالِفَ الْأَحَادِيثَ الصَّحِيحَةَ. وَالْمُسْتَحَبُّ مَعَ ذَلِكَ أَنْ يَقُولَ: شَهْرُ رَمَضَانَ، كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ} [البقرة: ١٨٥] .
وَاخْتُلِفَ فِي الْمَعْنَى الَّذِي لِأَجْلِهِ سُمِّيَ رَمَضَانُ، فَرَوَى أَنَسٌ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «إنَّمَا سُمِّيَ رَمَضَانَ؛ لِأَنَّهُ يُحَرِّقُ الذُّنُوبَ» . فَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ أَرَادَ أَنَّهُ شُرِعَ صَوْمُهُ دُونَ غَيْرِهِ، لِيُوَافِقَ اسْمُهُ مَعْنَاهُ. وَقِيلَ: هُوَ اسْمٌ مَوْضُوعٌ لِغَيْرِ مَعْنًى، كَسَائِرِ الشُّهُورِ، وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ. فَصْلٌ وَالصَّوْمُ الْمَشْرُوعُ هُوَ الْإِمْسَاكُ عَنْ الْمُفْطِرَاتِ، مِنْ طُلُوعِ الْفَجْرِ الثَّانِي إلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ. رُوِيَ مَعْنَى ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَبِهِ قَالَ عَطَاءٌ، وَعَوَامُّ أَهْلِ الْعِلْمِ. وَرُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، أَنَّهُ لَمَّا صَلَّى الْفَجْرَ قَالَ: الْآنَ حِينَ تَبَيَّنَ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنْ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ.
وَعَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ نَحْوُهُ. وَقَالَ مَسْرُوقٌ: لَمْ يَكُونُوا يَعُدُّونَ الْفَجْرَ فَجْرَكُمْ، إنَّمَا كَانُوا يَعُدُّونَ الْفَجْرَ الَّذِي يَمْلَأُ الْبُيُوتَ وَالطُّرُقَ. وَهَذَا قَوْلُ الْأَعْمَشِ. وَلَنَا قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: {حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ} [البقرة: ١٨٧] . يَعْنِي بَيَاضَ النَّهَارِ مِنْ سَوَادِ اللَّيْلِ. وَهَذَا يَحْصُلُ بِطُلُوعِ الْفَجْرِ. قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ، فِي قَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إنَّ بِلَالًا يُؤَذِّنُ بِلَيْلٍ، فَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يُؤَذِّنَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ.» دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْخَيْطَ الْأَبْيَضَ هُوَ الصَّبَاحُ، وَأَنَّ السَّحُورَ لَا يَكُونُ إلَّا قَبْلَ الْفَجْرِ. وَهَذَا إجْمَاعٌ لَمْ يُخَالِفْ فِيهِ إلَّا الْأَعْمَشُ وَحْدَهُ، فَشَذَّ وَلَمْ يُعَرِّجْ أَحَدٌ عَلَى قَوْلِهِ. وَالنَّهَارُ الَّذِي يَجِبُ صِيَامُهُ مِنْ طُلُوعِ الْفَجْرِ إلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ. قَالَ: هَذَا قَوْلُ جَمَاعَةِ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ. .
[مَسْأَلَةُ يُسْتَحَبُّ لِلنَّاسِ تَرَائِي الْهِلَالِ لَيْلَةَ الثَّلَاثِينَ مِنْ شَعْبَانُ]
(٢٠٠٠) مَسْأَلَةٌ: قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ، - رَحِمَهُ اللَّهُ -: (وَإِذَا مَضَى مِنْ شَعْبَانَ تِسْعَةٌ وَعِشْرُونَ يَوْمًا، طَلَبُوا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute