وَقَالَ النَّخَعِيُّ إنْ كَانَ لَهُ مِنْ الْأَمَةِ وَلَدٌ، لَمْ يُفَارِقْهَا، وَإِلَّا فَارَقَهَا.
وَلَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ مَا كَانَ مُبْطِلًا لِلنِّكَاحِ فِي غَيْرِ ذَاتِ الْوَلَدِ أَبْطَلَهُ فِي ذَاتِ الْوَلَدِ، كَسَائِرِ مُبْطِلَاتِهِ، وَلِأَنَّ وَلَدَهُ مِنْهَا مَمْلُوكٌ لِسَيِّدِهَا، وَنَفَقَتُهُ عَلَيْهِ. وَقَدْ اُسْتُدِلَّ عَلَى بَقَاءِ النِّكَاحِ بِمَا رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ قَالَ: إذَا تَزَوَّجَ الْحُرَّةَ عَلَى الْأَمَةِ، قَسَمَ لِلْحُرَّةِ لَيْلَتَيْنِ، وَلِلْأَمَةِ لَيْلَةً. فَإِنَّهُ لَوْ بَطَلَ بِنِكَاحِ الْحُرَّةِ، لَبَطَلَ بِالْقُدْرَةِ عَلَيْهِ، فَإِنَّ الْقُدْرَةَ عَلَى الْمُبْدَلِ كَاسْتِعْمَالِهِ، بِدَلِيلِ الْمَاءِ مَعَ التُّرَابِ.
[مَسْأَلَةٌ لَهُ أَنْ يَنْكِحَ مِنْ الْإِمَاءِ أَرْبَعًا]
(٥٤٠٧) مَسْأَلَةٌ؛ قَالَ: (وَلَهُ أَنْ يَنْكِحَ مِنْ الْإِمَاءِ أَرْبَعًا، إذَا كَانَ الشَّرْطَانِ فِيهِ قَائِمَيْنِ) اخْتَلَفْت الرِّوَايَةُ عَنْ أَحْمَدَ، فِي إبَاحَةِ أَكْثَرَ مِنْ أَمَةٍ إذَا لَمْ تُعِفَّهُ فَعَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: إذَا خَشِيَ الْعَنَتَ تَزَوَّجَ أَرْبَعًا، إذَا لَمْ يَصْبِرْ كَيْفَ يَصْنَعُ؟ وَهَذَا قَوْلُ الزُّهْرِيِّ، وَالْحَارِثِ الْعُكْلِيِّ، وَمَالِكٍ، وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ، قَالَ أَحْمَدُ: لَا يُعْجِبُنِي أَنْ يَتَزَوَّجَ إلَّا أَمَةً وَاحِدَةً. يَذْهَبُ إلَى حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَهُوَ مَا رُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ الْحُرَّ لَا يَتَزَوَّجُ مِنْ الْإِمَاءِ إلَّا وَاحِدَةً، وَقَرَأَ {ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ} [النساء: ٢٥] .
وَبِهِ قَالَ قَتَادَةُ وَالشَّافِعِيُّ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ؛ لِأَنَّ مَنْ لَهُ زَوْجَةٌ يُمْكِنُهُ وَطْؤُهَا لَا يَخْشَى الْعَنَتَ. وَوَجْهُ الْأُولَى قَوْله تَعَالَى {وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلا} [النساء: ٢٥] . الْآيَةُ. وَهَذَا دَاخِلٌ فِي عُمُومِهَا، وَلِأَنَّهُ عَادِمٌ لِلطَّوْلِ، خَائِفٌ لِلْعَنَتِ، فَجَازَ لَهُ نِكَاحُ أَمَةٍ كَالْأُولَى، وَقَوْلُهُمْ: لَا يَخْشَى الْعَنَتَ. قُلْنَا: الْكَلَامُ فِي مَنْ يَخْشَاهُ، وَلَا نُبِيحُهُ إلَّا لَهُ. وَقَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ يُحْمَلُ عَلَى مَنْ لَمْ يَخْشَ الْعَنَتَ، وَكَذَلِكَ الرِّوَايَةُ الْأُخْرَى عَنْ أَحْمَدَ.
وَإِنْ تَزَوَّجَ حُرَّةً فَلَمْ تُعِفَّهُ، فَذَكَرَ فِيهَا أَبُو الْخَطَّابِ رِوَايَتَيْنِ، مِثْلُ نِكَاحِ الْأَمَةِ فِي حَقِّ مَنْ تَحْتَهُ أَمَةٌ لَمْ تُعِفَّهُ؛ لِمَا ذَكَرْنَا. وَإِنْ كَانَتْ الْحُرَّةُ تُعِفُّهُ، فَلَا خِلَافَ فِي تَحْرِيمِ نِكَاحِ الْأَمَةِ. وَإِنْ نَكَحَ أَمَةً تُعِفُّهُ، لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَنْكِحَ أُخْرَى، فَإِنْ نَكَحَهَا، فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ. لِأَنَّهُ يَبْطُلُ فِي إحْدَاهُمَا، وَلَيْسَتْ إحْدَاهُمَا بِأَوْلَى مِنْ الْأُخْرَى، فَبَطَلَ، كَمَا لَوْ جَمَعَ بَيْنَ أُخْتَيْنِ.
[فَصْلٌ لِلْعَبْدِ أَنَّ يَنْكِحَ الْأَمَةَ]
(٥٤٠٨) فَصْلٌ: وَلِلْعَبْدِ أَنْ يَنْكِحَ الْأَمَةَ، وَإِنْ فُقِدَ فِيهِ الشَّرْطَانِ؛ لِأَنَّهُ مُسَاوٍ لَهَا، فَلَمْ يُعْتَبَرْ فِيهِ هَذَانِ الشَّرْطَانِ، كَالْحُرِّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute