(٨٩٣) فَصْلٌ: فَإِنْ طَالَ الْفَصْلُ، أَوْ انْتَقَضَ وُضُوءُهُ اسْتَأْنَفَ الصَّلَاةَ. وَكَذَلِكَ قَالَ الشَّافِعِيُّ إنْ ذَكَرَ قَرِيبًا مِثْلَ فِعْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَ ذِي الْيَدَيْنِ، وَنَحْوَهُ قَالَ مَالِكٌ.
وَقَالَ يَحْيَى الْأَنْصَارِيُّ، وَاللَّيْثُ، وَالْأَوْزَاعِيُّ: يَبْنِي، مَا لَمْ يَنْقُضْ وُضُوءَهُ وَلَنَا، أَنَّهَا صَلَاةٌ وَاحِدَةٌ، فَلَمْ يَجُزْ بِنَاءُ بَعْضِهَا عَلَى بَعْضٍ مَعَ طُولِ الْفَصْلِ، كَمَا لَوْ انْتَقَضَ وُضُوءُهُ. وَيُرْجَعُ فِي طُولِ الْفَصْلِ وَقِصَرِهِ إلَى الْعَادَةِ مِنْ غَيْرِ تَقْدِيرٍ بِمُدَّةٍ وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ فِي أَحَدِ الْوُجُوهِ وَعَنْهُ يُعْتَبَرُ قَدْرُ رَكْعَةٍ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: يُعْتَبَرُ بِقَدْرِ مُضِيِّ الصَّلَاةِ الَّتِي نَسِيَ فِيهَا. وَالصَّحِيحُ لَا حَدَّ لَهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَرِدْ الشَّرْعُ بِتَحْدِيدِهِ، فَيُرْجَعُ فِيهِ إلَى الْعَادَةِ وَالْمُقَارَبَةِ لِمِثْلِ حَالِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي حَدِيثِ ذِي الْيَدَيْنِ (٨٩٤) فَصْلٌ: فَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ حَتَّى شَرَعَ فِي صَلَاةٍ أُخْرَى نَظَرْت فَإِنْ كَانَ مَا عَمِلَ فِي الثَّانِيَةِ قَلِيلًا، وَلَمْ يَطُلْ الْفَصْلُ، عَادَ إلَى الْأُولَى فَأَتَمَّهَا. وَإِنْ طَالَ بَطَلَتْ الْأُولَى.
وَهَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ، وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو الْفَرَجِ فِي الْمُبْهِجِ: يَجْعَلُ مَا شَرَعَ فِيهِ مِنْ الصَّلَاةِ الثَّانِيَةِ تَمَامًا لِلْأُولَى، فَيَبْنِي إحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى وَيَكُونُ وُجُودُ السَّلَامِ كَعَدَمِهِ؛ لِأَنَّهُ سَهْوٌ مَعْذُورٌ فِيهِ، وَسَوَاءٌ كَانَ مَا شَرَعَ فِيهِ نَفْلًا أَوْ فَرْضًا وَقَالَ الْحَسَنُ، وَحَمَّادُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ فِيمَنْ سَلَّمَ قَبْلَ إتْمَامِ الْمَكْتُوبَةِ وَشَرَعَ فِي تَطَوُّعٍ يُبْطِلُ الْمَكْتُوبَةَ قَالَ مَالِكٌ: أَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يَبْتَدِئَهَا وَنَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ فَقَالَ، فِي رِوَايَةِ أَبِي الْحَارِثِ إذَا صَلَّى رَكْعَتَيْنِ مِنْ الْمَغْرِبِ وَسَلَّمَ ثُمَّ دَخَلَ فِي التَّطَوُّعِ: إنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْكَلَامِ؛ يَسْتَأْنِفُ الصَّلَاةَ. وَلَنَا، أَنَّهُ عَمِلَ عَمَلًا مِنْ جِنْسِ الصَّلَاةِ سَهْوًا، فَلَمْ تَبْطُلْ، كَمَا لَوْ زَادَ خَامِسَةً. وَأَمَّا بِنَاءُ الثَّانِيَةِ عَلَى الْأُولَى، فَلَا يَصِحُّ، لِأَنَّهُ قَدْ خَرَجَ مِنْ الْأُولَى وَلَمْ يَنْوِهَا بَعْدَ ذَلِكَ، وَنِيَّةُ غَيْرِهَا لَا تُجْزِئُ عَنْ نِيَّتِهَا، كَحَالَةِ الِابْتِدَاءِ
[مَسْأَلَة كَانَ إمَامًا فَشَكَّ فَلَمْ يَدْرِ كَمْ صَلَّى]
(٨٩٥) مَسْأَلَةٌ: قَالَ: وَمَنْ كَانَ إمَامًا فَشَكَّ، فَلَمْ يَدْرِ كَمْ صَلَّى؟ تَحَرَّى، فَبَنَى عَلَى أَكْثَرِ وَهْمِهِ، ثُمَّ سَجَدَ بَعْدَ السَّلَامِ، كَمَا رُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَوْلُهُ " عَلَى أَكْثَرِ وَهْمِهِ " أَيْ مَا يَغْلِبُ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ صَلَّاهُ وَهَذَا فِي الْإِمَامِ خَاصَّةً، وَرُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - رِوَايَةٌ أُخْرَى أَنَّهُ يَبْنِي عَلَى الْيَقِينِ وَيَسْجُدُ قَبْلَ السَّلَامِ. كَالْمُنْفَرِدِ سَوَاءً، اخْتَارَهَا أَبُو بَكْرٍ. وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، وَشُرَيْحٍ، وَالشَّعْبِيِّ، وَعَطَاءٍ، وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ. وَهُوَ قَوْلُ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، وَرَبِيعَةَ، وَمَالِكٍ، وَعَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ وَالثَّوْرِيِّ، وَالشَّافِعِيِّ، وَإِسْحَاقَ، وَالْأَوْزَاعِيِّ؛ لِمَا رَوَى أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute