عَلَيْهَا.
وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ سَعْدًا سَمِعَ بَعْضَ بَنِي أَخِيهِ وَهُوَ يُلَبِّي: يَا ذَا الْمَعَارِجِ. فَقَالَ: إنَّهُ لَذُو الْمَعَارِجِ، وَمَا هَكَذَا كُنَّا نُلَبِّي عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ. - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
[فَصْل يُسْتَحَبّ ذَكَر مَا أُحَرِّم بِهِ فِي تَلْبِيَته]
(٢٣٠٦) فَصْلٌ: وَيُسْتَحَبُّ ذِكْرُ مَا أَحْرَمَ بِهِ فِي تَلْبِيَته. قَالَ أَحْمَدُ: إنْ شِئْت لَبَّيْت بِالْحَجِّ، وَإِنْ شِئْت لَبَّيْت بِالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ، وَإِنْ شِئْت بِعُمْرَةٍ، وَإِنْ لَبَّيْت بِحَجٍّ وَعُمْرَةٍ بَدَأْت بِالْعُمْرَةِ، فَقُلْت: لَبَّيْكَ بِعُمْرَةٍ وَحَجَّةٍ.
وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: لَا يُسْتَحَبُّ ذَلِكَ. وَهُوَ اخْتِيَارُ ابْنِ عُمَرَ، وَقَوْلُ الشَّافِعِيِّ؛ لِأَنَّ جَابِرًا قَالَ: مَا سَمَّى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي تَلْبِيَتِهِ حَجًّا، وَلَا عُمْرَةً. وَسَمِعَ ابْنُ عُمَرَ رَجُلًا يَقُولُ: لَبَّيْكَ بِعُمْرَةٍ. فَضَرَبَ صَدْرَهُ، وَقَالَ: تُعْلِمُهُ مَا فِي نَفْسِك. وَلَنَا مَا رَوَى أَنَسٌ، قَالَ: سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: «لَبَّيْكَ عُمْرَةً وَحَجًّا» . وَقَالَ جَابِرٌ: «قَدِمْنَا مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَنَحْنُ نَقُولُ: لَبَّيْكَ بِالْحَجِّ» . وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: «قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَصْحَابُهُ، وَهُمْ يُلَبُّونَ بِالْحَجِّ» . وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: «بَدَأَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَهَلَّ بِالْعُمْرَةِ، ثُمَّ أَهَلَّ بِالْحَجِّ» . مُتَّفَقٌ عَلَى هَذِهِ الْأَحَادِيثِ. وَقَالَ أَنَسٌ: «سَمِعْتهمْ يَصْرُخُونَ بِهِمَا صُرَاخًا» . رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.
وَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ: «خَرَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَصْرُخُ بِالْحَجِّ فَحَلَلْنَا، فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ التَّرْوِيَةِ لَبَّيْنَا بِالْحَجِّ، وَانْطَلَقْنَا إلَى مِنًى.» وَهَذِهِ الْأَحَادِيثُ أَصَحُّ وَأَكْثَرُ مِنْ حَدِيثِهِمْ. وَقَوْلُ ابْنِ عُمَرَ يُخَالِفُهُ قَوْلُ أَبِيهِ؛ فَإِنَّ النَّسَائِيَّ رَوَى بِإِسْنَادِهِ، عَنْ «الصُّبَيّ بْنِ مَعْبَدٍ، أَنَّهُ أَوَّلَ مَا حَجَّ لَبَّى بِالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ جَمِيعًا، ثُمَّ ذَكَرَ ذَلِكَ لِعُمَرَ. فَقَالَ: هُدِيت لِسُنَّةِ نَبِيِّك» . وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ ذَلِكَ فِي تَلْبِيَتِهِ، فَلَا بَأْسَ؛ فَإِنَّ النِّيَّةَ مَحَلُّهَا الْقَلْبُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِهَا.
[فَصْل لَا بَأْسَ بِالْحَجِّ عَنْ الرَّجُلِ وَلَا يُسَمِّيه]
(٢٣٠٧) فَصْلٌ: وَإِنْ حَجَّ عَنْ غَيْرِهِ، كَفَاهُ مُجَرَّدُ النِّيَّةِ عَنْهُ. قَالَ أَحْمَدُ: لَا بَأْسَ بِالْحَجِّ عَنْ الرَّجُلِ، وَلَا يُسَمِّيهِ.
وَإِنْ ذَكَرَهُ فِي التَّلْبِيَةِ، فَحَسَنٌ. قَالَ أَحْمَدُ: إذَا حَجَّ عَنْ رَجُلٍ يَقُولُ أَوَّلَ مَا يُلَبِّي: عَنْ فُلَانٍ. ثُمَّ لَا يُبَالِي أَنْ لَا يَقُولَ بَعْدُ. وَذَلِكَ لِقَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِلَّذِي سَمِعَهُ يُلَبِّي عَنْ شُبْرُمَةَ: «لَبِّ عَنْ نَفْسِك،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute