للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فَصْلٌ أَوْصَى لِرَجُلٍ بِحَبِّ زَرْعِهِ وَلِآخَر بِنَبْتِهِ]

(٤٦٧٥) فَصْلٌ: وَإِذَا أَوْصَى لِرَجُلٍ بِحَبِّ زَرْعِهِ، وَلِآخَرَ بِنَبْتِهِ، صَحَّ، وَالنَّفَقَةُ بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا تَعَلَّقَ حَقُّهُ بِالزَّرْعِ. فَإِنْ امْتَنَعَ أَحَدُهُمَا مِنْ الْإِنْفَاقِ، فَهُمَا بِمَنْزِلَةِ الشَّرِيكَيْنِ فِي أَصْلِ الزَّرْعِ إذَا امْتَنَعَ أَحَدُهُمَا مِنْ سَقْيِهِ وَالْإِنْفَاقِ عَلَيْهِ، فَيَخْرُجُ فِي ذَلِكَ وَجْهَانِ؛ أَحَدُهُمَا، يُجْبَرُ عَلَى الْإِنْفَاقِ عَلَيْهِ. هَذَا قَوْلُ أَبِي بَكْرٍ؛ لِأَنَّ فِي تَرْكِ الْإِنْفَاقِ ضَرَرًا عَلَيْهِمَا، وَإِضَاعَةً الْمَالِ، وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ» . وَنَهَى عَنْ إضَاعَةِ الْمَالِ. وَالْوَجْهُ الْآخَرُ، لَا يُجْبَرُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُجْبَرُ عَلَى الْإِنْفَاقِ عَلَى مَالِ نَفْسِهِ، وَلَا مَالِ غَيْرِهِ، إذَا كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُنْفَرِدًا، فَكَذَلِكَ إذَا اجْتَمَعَا

وَأَصْلُ الْوَجْهَيْنِ إذَا اسْتُهْدِمَ الْحَائِطُ الْمُشْتَرَكُ، فَدَعَا أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ الْآخَرَ إلَى مُبَانَاتِهِ، فَامْتَنَعَ. يَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ النَّفَقَةُ بَيْنَهُمَا عَلَى قَدْرِ قِيمَةِ حَقِّ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، كَمَا لَوْ كَانَا مُشْتَرِكَيْنِ فِي أَصْلِ الزَّرْعِ.

[فَصْل أَوْصَى لَرَجُلٍ بِخَاتَمِ وَلِآخَر بِفَصِّهِ]

(٤٦٧٦) فَصْلٌ: وَإِنْ أَوْصَى لَرَجُلٍ بِخَاتَمٍ، وَلِآخَرَ بِفَصِّهِ، صَحَّ، وَلَيْسَ لَوَاحِدٍ مِنْهُمَا الِانْتِفَاعُ بِهِ إلَّا بِإِذْنِ صَاحِبِهِ، وَأَيُّهُمَا طَلَبَ قَلْعَ الْفَصِّ مِنْ الْخَاتَمِ أُجِيبَ إلَيْهِ، وَأُجْبِرَ الْآخَرُ عَلَيْهِ. وَإِنْ اتَّفَقَا عَلَى بَيْعِهِ، أَوْ اصْطَلَحَا عَلَى لُبْسِهِ، جَازَ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُمَا لَا يَعْدُوهُمَا.

[فَصْلٌ أَوْصَى لِرَجُلٍ بِدِينَارِ مِنْ غَلَّةِ دَارِهِ وَغَلَّتُهَا دِينَارَانِ]

(٤٦٧٧) فَصْلٌ: وَإِنْ أَوْصَى لِرَجُلٍ بِدِينَارٍ مِنْ غَلَّةِ دَارِهِ، وَغَلَّتُهَا دِينَارَانِ، صَحَّ. فَإِنْ أَرَادَ الْوَرَثَةُ بَيْعَ نِصْفِهَا وَتَرْكَ النِّصْفِ الَّذِي أَجْرُهُ دِينَارٌ، فَلَهُ مَنْعُهُمْ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَنْقُصَ أَجْرُهُ عَنْ الدِّينَارِ. وَإِنْ كَانَتْ الدَّارُ لَا تَخْرُجُ مِنْ الثُّلُثِ، فَلَهُمْ بَيْعُ مَا زَادَ عَلَيْهِ، وَعَلَيْهِمْ تَرْكُ الثُّلُثِ. فَإِنْ كَانَتْ غَلَّتُهُ دِينَارًا، أَوْ أَقَلَّ، فَهُوَ لِلْمُوصَى لَهُ، وَإِنْ كَانَتْ أَكْثَرِ، فَلَهُ دِينَارٌ، وَالْبَاقِي لِلْوَرَثَةِ.

[فَصْل الْوَصِيَّةُ بِمَا لَا يَقْدِرُ عَلَى تَسْلِيمِهِ]

(٤٦٧٨) فَصْلٌ: وَتَصِحُّ الْوَصِيَّةُ بِمَا لَا يَقْدِرُ عَلَى تَسْلِيمِهِ، كَالْعَبْدِ الْآبِقِ، وَالْجَمَلِ الشَّارِدِ، وَالطَّيْرِ فِي الْهَوَاءِ، وَالسَّمَكِ فِي الْمَاءِ؛ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ إذَا صَحَّتْ بِالْمَعْدُومِ فَبِذَلِكَ أَوْلَى. وَلِأَنَّ الْوَصِيَّةَ أُجْرِيَتْ مُجْرَى الْمِيرَاثِ، وَهَذَا يُورَثُ، فَيُوصَى بِهِ؛ فَإِنْ قَدَرَ عَلَيْهِ أَخَذَهُ، وَسَلَّمَهُ إذَا خَرَجَ مِنْ الثُّلُثِ، وَلِلْوَصِيِّ السَّعْيُ فِي تَحْصِيلِهِ، فَإِنْ قَدَرَ عَلَيْهِ أَخَذَهُ إذَا خَرَجَ مِنْ الثُّلُثِ.

[مَسْأَلَةٌ أَوْصَى لِرَجُلٍ بِمُعِينِ مِنْ مَالِهِ ثُمَّ وَصَّى بِهِ لِآخَرَ]

(٤٦٧٩) مَسْأَلَةٌ؛ قَالَ: (وَإِذَا أَوْصَى بِجَارِيَةٍ لِبِشْرٍ، ثُمَّ أَوْصَى بِهَا لِبَكْرٍ، فَهِيَ بَيْنَهُمَا) وَجُمْلَةُ ذَلِكَ، أَنَّهُ إذَا أَوْصَى لِرَجُلٍ بِمُعَيَّنٍ مِنْ مَالِهِ، ثُمَّ وَصَّى بِهِ لِآخَرَ، أَوْ وَصَّى لَهُ بِثُلُثِهِ، ثُمَّ وَصَّى لِآخَرَ

<<  <  ج: ص:  >  >>