للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فَصْلٌ جَنَى عَبْد عَلَى حُرٍّ جِنَايَةً مُوجِبَةً لِلْقِصَاصِ فَاشْتَرَاهُ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ بِأَرْشِ الْجِنَايَة]

(٦٧٦٣) فَصْلٌ: وَإِذَا جَنَى عَبْدٌ عَلَى حُرٍّ جِنَايَةً مُوجِبَةً لِلْقِصَاصِ، فَاشْتَرَاهُ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ بِأَرْشِ الْجِنَايَةِ، سَقَطَ الْقِصَاصُ؛ لِأَنَّ عُدُولَهُ إلَى الشِّرَاءِ اخْتِيَارٌ لِلْمَالِ، وَلَا يَصِحُّ الشِّرَاءُ؛ لِأَنَّهُمَا إنْ لَمْ يَعْرِفَا قَدْرَ الْأَرْشِ فَالثَّمَنُ مَجْهُولٌ، وَإِنْ عَرَفَا عَدَدَ الْإِبِلِ وَأَسْنَانَهَا فَصِفَتُهَا مَجْهُولَةٌ، وَالْجَهْلُ بِالصِّفَةِ كَالْجَهْلِ بِالذَّاتِ فِي فَسَادِ الْبَيْعِ؛ وَلِذَلِكَ لَوْ بَاعَهُ شَيْئًا بِجَمَلٍ جَذْعٍ غَيْرِ مَعْرُوفِ الصِّفَةِ، لَمْ يَصِحَّ، وَإِنْ قَدَّرَ الْأَرْشَ بِذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ وَبَاعَهُ بِهِ صَحَّ.

[فَصْلٌ الْقِصَاصُ لِصَغِيرٍ هَلْ لِوَلِيِّهِ الْعَفْو]

(٦٧٦٤) فَصْلٌ: إذَا وَجَبَ الْقِصَاصُ لَصَغِيرٍ، لَمْ يَجُزْ لِوَلِيِّهِ الْعَفْوُ إلَى غَيْرِ مَالٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ إسْقَاطَ حَقِّهِ. وَإِنْ أَحَبَّ الْعَفْوَ إلَى مَالٍ، وَلِلصَّبِيِّ كِفَايَةٌ مِنْ غَيْرِهِ، لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّ فِيهِ تَفْوِيتُ حَقِّهِ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ. فَإِنْ كَانَ فَقِيرًا مُحْتَاجًا، فَفِيهِ وَجْهَانِ؛ أَحَدُهُمَا: لَهُ ذَلِكَ؛ لِحَاجَتِهِ إلَى الْمَالِ لِحِفْظِهِ. قَالَ الْقَاضِي: هَذَا أَصَحُّ. وَالثَّانِي، لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ إسْقَاطَ قِصَاصِهِ، وَأَمَّا حَاجَتُهُ فَإِنَّ نَفَقَتَهُ فِي بَيْتِ الْمَالِ. وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ؛ فَإِنَّ وُجُوبَ النَّفَقَةِ فِي بَيْتِ الْمَالِ لَا يُغْنِيه إذَا لَمْ يَحْصُلْ، فَأَمَّا إنْ كَانَ مُسْتَحِقُّ الْقِصَاصِ مَجْنُونًا فَقِيرًا فَلِوَلِيِّهِ الْعَفْوُ عَلَى الْمَالِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَتْ حَالَةً مُعْتَادَةً يُنْتَظَرُ فِيهَا إفَاقَتُهُ. .

[فَصْلٌ يَصِحُّ عَفْو الْمُفْلِسِ وَالْمَحْجُور عَلَيْهِ لَسَفَّهُ عَنْ الْقِصَاصِ]

فَصْلٌ: وَيَصِحُّ عَفْوُ الْمُفْلِسِ وَالْمَحْجُورِ عَلَيْهِ لَسَفَهٍ عَنْ الْقِصَاصِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَالٍ. وَإِنْ أَرَادَ الْمُفْلِسُ الْقِصَاصَ، لَمْ يَكُنْ لِغُرَمَائِهِ إجْبَارُهُ عَلَى تَرْكِهِ. وَإِنْ أَحَبَّ الْعَفْوَ عَنْهُ إلَى مَالٍ، فَلَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ فِيهِ حَظًّا لِلْغُرَمَاءِ. وَإِنْ أَرَادَ الْعَفْوَ عَلَى غَيْرِ مَالٍ، انْبَنَى عَلَى الرِّوَايَتَيْنِ؛ إنَّ قُلْنَا الْوَاجِبُ الْقِصَاصُ، فَلَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ لَهُ مَالٌ يَتَعَلَّقُ بِهِ حَقُّ الْغُرَمَاءِ. وَإِنْ قُلْنَا: الْوَاجِبُ أَحَدُ شَيْئَيْنِ. لَمْ يَمْلِكْ؛ لِأَنَّ الْمَالَ يَجِبُ بِقَوْلِهِ: عَفَوْت عَنْ الْقِصَاصِ. فَقَوْلُهُ: عَلَى غَيْرِ مَالٍ. إسْقَاطٌ لَهُ بَعْدَ وُجُوبِهِ وَتَعْيِينِهِ، وَلَا يَمْلِكُ ذَلِكَ. وَهَكَذَا الْحُكْمُ فِي السَّفِيهِ وَوَارِثِ الْمُفْلِسِ.

وَإِنْ عَفَا الْمَرِيضُ عَلَى غَيْرِ مَالٍ، فَذَكَرَ الْقَاضِي فِي مَوْضِعٍ، أَنَّهُ يَصِحُّ، سَوَاءٌ خَرَجَ مِنْ الثُّلُثِ أَوْ لَمْ يَخْرُجْ. وَذَكَر أَنَّ أَحْمَدَ نَصَّ عَلَى هَذَا. وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ: يُعْتَبَرُ خُرُوجُهُ مِنْ ثُلُثِهِ، وَلَعَلَّهُ يَنْبَنِي عَلَى الرِّوَايَتَيْنِ فِي مُوجَبِ الْعَمْدِ عَلَى مَا مَضَى.

[فَصْلٌ قَتَلَ مِنْ لَا وَارِث لَهُ]

(٦٧٦٦) فَصْلٌ: وَإِذَا قُتِلَ مَنْ لَا وَارِثَ لَهُ، فَالْأَمْرُ إلَى السُّلْطَانِ؛ فَإِنْ أَحَبَّ الْقِصَاصَ فَلَهُ ذَلِكَ، وَإِنْ أَحَبَّ الْعَفْوَ عَلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>